تعد فرانكفورت العاصمة المالية لألمانيا، وتشتهر بأنها المدينة الوحيدة التي تضم ناطحات سحاب في البلاد. لكن إذا ما دقق المرء النظر فسوف يجد تقليدا شائعا بين الأغنياء والفقراء، وبين المصرفيين والمفلسين، يتمثل في ما تعرف باسم "بيوت المياه". ولطالما كانت هذه الأكشاك المتواضعة، المعروفة بالألمانية باسم "فاسرهويسشن"، سمة مميزة للمدينة منذ ظهورها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وفي الماضي، عندما لم يكن من المستحسن شرب ماء الصنبور دون غلي، كانت الأكشاك الصغيرة تقدم زجاجات المياه المعدنية، التي شجعت العمال – بموافقة المدينة – على شرب الماء بأسعار معقولة بدلا من الجعة وباقي المشروبات الكحولية. وازدهرت هذه الأكشاك لأنها لم تكن تخضع لساعات الإغلاق الرسمية المفروضة على المتاجر، وعادت أهميتها كمحطات إمداد مفيدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة. وفي هذه الأيام تُقدّم بيوت المياه المزيد من الخدمات: الجعة السريعة، والحلوى، والصحف، والسجائر، وأحيانا خدمة المقاهي، مع طاولات وأريكة على الرصيف. وتقول لورا بولاث، وهي طالبة بالغة 27 عاما تعمل في بيت المياه "فين"، إن هذه الأكشاك الصغيرة بمثابة "غرفة معيشة بالمدينة"، وأضافت: "الناس يتسمون بالتنوع للغاية، من الشباب إلى الكبار. جميع الفئات المختلفة موجودة هنا". وقال هوبرت جلوس، الذي يُقدّم جولات في بيوت المياه المنتشرة بأنحاء فرانكفورت: "بيوت المياه بمثابة نقاط التقاء اجتماعية... إنها سهلة الوصول. الجميع مرحب بهم هنا، إنه مكان ديمقراطي... لولا نقاط الالتقاء هذه لفقدت المدينة شيئا من سماتها الإنسانية". وبحسب بيانات جلوس كان يوجد في المدينة 800 كشك مياه، لكن أعدادها تناقصت نتيجةً الإنشاءات الجديدة وعوامل أخرى. وتقول سلطات المدينة إن هناك الآن حوالي 300 كشك، معظمها مؤجرة من قبل مصانع جعة أو موزعي مشروبات لمشغليها. وقال المصور شتيفان هونينج إن بيوت المياه اليوم مكان "يجتمع فيه الجميع، بغض النظر عن أصولهم ومستوياتهم الوظيفية، ويشعرون فيه بالراحة دون أن يُحكم عليهم". وأضاف هونينج ذو ال42 عاما: "هذا هو الجانب الإيجابي في بيوت المياه. عادة ما تذهب إلى تلك الأكشاك وتشتري شيئا ما، ثم تعود إلى المنزل. هنا يلتقي الناس من جميع الطبقات الاجتماعية"..