انتقد الدكتور إبراهيم اسعيدي، خبير في شؤون الحلف الأطلسي والسياسات الدفاعية والأمنية بالعالم العربي، التصنيف الذي أصدره موقع الإحصائيات العسكري جلوبال فاير باور" Global Fire Power"، للجيوش العسكرية الأكثر قوة بالعالم، حيث جعل المغرب في المركز 65 عالميا، وراء كل من مصر التي جاءت في المركز 13، والجزائر 31 عالميا، وخلف دول عربية أخرى من قبيل السعودية وسوريا والإمارات. وقال اسعيدي، ويعمل أيضا أستاذا للعلاقات الدولية بجامعة قطر، في تصريحات لهسبريس، إن المنهجية التي يعتمدها يعتمدها "جلوبال فاير باور" تثير الكثير من التساؤلات لدى الباحثين المتخصصين في الإستراتيجية العسكرية حول مصداقية تصنيفه لدول العالم حسب قدراتها العسكرية. وتابع المختص بأن "كل التصنيفات التي يقوم بها هذا الموقع للقوات المسلحة في العالم، بما فيها تصنيف 2014 ، يعتمد بشكل تبسيطي على الجانب الكمي والإحصائي للحجم العددي للجيوش، ولا يجتهد في تقديم تقييم للجانب النوعي الذي أضحى المحدد الرئيس في قياس احترافية وقدرة الجيوش على التكيف مع التطورات التي يقتضيها التدبير المعاصر للحرب". محددات التنصيف العسكري وشدد اسعيدي على أن "المحددات الأكثر أهمية في أي تصنيف عسكري، مثل إستراتيجية التسلح، وجودة التدريب العسكري والاستعداد الجيد والدائم للجندي، والتقارب العملياتي interoperability تختفي بشكل غريب من تحليل الموقع المذكور". واستدل المتحدث بأنه عندما "نقارن بناء على معيار جودة الأسلحة الجوية عند الجيش التركي والجيش الكوري الشمالي، فانه لا مجال للشك بأن الأول يعتبر أكثر تقدما على الثاني على جميع المستويات، بحكم الخبرة التي راكمها مع الحلف الأطلسي". وأردف "حينما نقارن أيضا بين الجيش الكندي ونظيره البريطاني، فإن الأول يمتلك فقط أسطولا من المروحيات العسكرية تقوم بأدوار النقل التكتيكي وغيرها مثل Griffon وCormoran بينما الثاني زيادة على ذلك يمتلك مروحيات عسكرية هجومية مثل AH-64DApacheLongbow. "لكن هذا الموقع لا يقدم أية إجابة عن مثل هذه المقارنة، والأغرب من ذلك هو أنه لا يفرق بين العتاد العسكري والبعد اللوجستيكي الذي يرتبط بفن تحريك الجيوش، كما أنه لا يقدم أي نسبة مئوية للعتاد العسكري الصالح للاستعمال، ومدى أهميته في إدارة الحرب التي تبنى استراتيجياتها وتحسم بين جيشين نظاميين بناء على جودة الأسلحة" يورد اسعيدي. تاريخ تشغيل العتاد العسكري وأفاد الخبير ذاته بأنه "مثلا المجهود التسلحي للمغرب خلال السنوات الأخيرة يبين أنه يسعى إلى تعويض الدبابات T-72 التي اشتراها عام 2000 والتي تبدو أنها في حالة رديئة، حيث تعتبر نسبة 27% منها فقط هي التي تصلح للاستعمال". مثال آخر، يكمل المحلل، هو أنه جاء في تصنيف "جلوبال فاير باور" أن الجيش السوري يحتل المرتبة الرابعة في منطقة الشرق الأوسط لامتلاكه تقريبا 5000 مدرعة قتالية، قبل الربيع العربي، لكن لا يشير إلى أن جزء كبير منها من نوع T-55الروسية غير صالح الاستعمال". واسترسل اسعيدي بأن "هناك معيار تاريخ تشغيل العتاد العسكري الذي لم يؤخذ بتاتا بعين الاعتبار، فمثلا يقول الموقع المذكور بأن الصين تتقدم على فرنسا في مجال حاملات الطائرات Aircraft carrier، وهي قاعدة بحرية جوية في البحار والمحيطات". "هذا شيء غير منطقي، يؤكد المتخصص ذاته، لأن حاملات الطائرات من نوع Le Charles de Gaule التي تمتلكها فرنسا تم استعمالها في عدد من المرات، وأثبتت فعاليتها في أفغانستان وليبيا، بينما حاملات الطائرات التي تمتلكها الصين من نوع ShiYang ، وهي شبيهة بحاملات الطائرات الروسية Amiral Kuznetsov، لازالت في مرحلة الاختبار، وليست لها أي تجربة عملية". جيوش المغرب والجزائر والأردن ولفت اسعيدي إلى أن "هذا المنطق يمكن استعماله للمقارنة بين المغرب والجزائر، حيث إنه من الناحية التقنية العتاد العسكري المغربي يعد أكثر تطورا من نظيره الجزائري، باعتبار أن الأسلحة الروسية التي تستوردها الجزائر أبانت عن نواقص كبيرة، مقارنة مع الأسلحة التي يقتنيها المغرب من الدول الغربية". وأبرز المتحدث بأنه من حيث معيار التقارب العملياتي المتعلق باستيعاب متطلبات العمل العسكري المشترك، فإن الجيش الأردني والجيش المغربي يعتبران من الجيوش النموذجية في العالم العربي". وعزا المتخصص في السياسات الدفاعية والأمنية بالعالم العربي هذا المعطى إلى مشاركة المغرب والأردن الفعالة في عمليات حفظ السلام، والتمارين المشتركة مع الحلف الأطلسي، وكذا العمل العسكري المشترك في إطار الاتفاقيات الثنائية مع عدد من البلدان الغربية، بدليل التمارين المشتركة التي انطلقت سنة 2010 بين الجيش الأمريكي ونظيره المغربي تحت اسم African lion . وانتهى اسعيدي إلى أن "الباحثين والصحفيين المهتمين بالدراسات العسكرية يمكنهم الاعتماد أكثر على تقارير Military Balance و SIPRIوالحولية الفرنسية " l'année stratégique » التي يصدرها معهد l'IRIS، كما تعتبر JANES مرجعا لا غنى عنه بالنسبة للمتخصصين".