كشفت مصادر ديبلوماسية متابعة للشأن الجزائري- الفرنسي، أن علاقات البلدين تشهد فتورا يوحي الى دخولها ازمة غير معلنة، تحملها جملة من المؤشرات، أدت في المحصلة الى تعطيل الزيارة المبرمجة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى باريس ثلاث مرات متتالية، وحتى الدعوة التي وجهها له ساركوزي قوبلت في الجزائر ببرودة ديبلوماسية لم يعهدها المتابعون للشأن الجزائر- الفرنسي، منذ رحيل الرئيس الأسبق جاك شيراك من قصر الإليزي. "" وجاء تراجع الجزائر عن صفقة اقتناء فرقاطات فرنسية بغلاف مالي يقدر بأربعة مليارات أورو، على خلفية أن باريس زودت المغرب بنفس الجيل من الفرقاطات، ليكرس ورقة تضييع الفرص على الفرنسيين، من أموال ضخمة سخرتها الحكومة لتطوير وترقية المؤسسة العسكرية، ويكون توجه خبراء وزارة الدفاع الجزائرية الى ايطاليا للتفاوض من اجل التزود بفرقاطات مماثلة، سقوط حظوظ الصناعة العسكرية الفرنسية للفوز بصفقة مغرية مع الجزائر. وتضيف تلك المصادر أن الأزمة غير المعلنة تكون الحائل المباشر دون زيارة بوتفليقة الى باريس وتأجيلها ثلاث مرات متتالية، ولا شيء في الأفق الديبلوماسي يشير الى موعد افتراضي لها، ويستبعد المراقبون أن تتم خلال السنة الجارية، بسبب عدد من التراكمات التي لا يمكن تجاوزها في الظرف الراهن، ولذلك فإن هؤلاء يرجحون أن تكون الزيارة المذكورة خلال الثلاثي الأول من السنة المقبلة. وربما يكون عدد من المسائل التي طفت الى السطح وراء التشنج الذي تمر به علاقات البلدين، بالرغم من القضايا الجانبية التي تبحث بين الحين والآخر، ويرجح المراقبون ذلك، رغم من المساعي المبذولة لبعث الحرارة على خط الجزائر- باريس، حيث يرتقب ان يلتقي وزيرا خارجية البلدين، مدلسي وكوشنير بنيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث المسألة. ويعتبر الجدل الذي أثير مجددا حول ما يعرف برهبان تيبحيرين، الذين تم اغتيالهم العام 1995 بولاية المدية الى الجنوب من العاصمة بنحو 120 كلم، من طرف الجماعة الاسلامية المسلحة حسب الرواية الرسمية الجزائرية، ومن طرف الجيش الجزائري حسب بعض الدوائر الفرنسية، أحد أهم الأسباب التي عكرت سماء البلدين، خاصة في ظل اصرار دوائر فرنسية على احالة الملف على القضاء الفرنسي، والتأييد الذي ابداه الرئيس نيكولا ساركوزي لاثارة الملف من جديد، الأمر الذي احرج السلطات الجزائرية من النوايا الكامنة وراء احياء ملف يصنف جزائريا في خانة الملفات " المرتبة " خاصة وأنه حدث في غير عهدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. يأتي ذلك لينضاف الى ملفات عالقة بين البلدين لم يتم حلحلتها، رغم التقارب الذي حققه البلدان قبل مجيئ الرئيس ساركوزي، الذي نسف مشروع اتفاقية الصداقة ولم يتفاعل مع المطلب الجزائري القاضي باعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر ابان فترة الاستعمار، وأبدى رفضه الصريح مما أثار حفيظة الجزائر التي أشهرت أوراقها الاقتصادية، مما أدى الى دحرجة النفوذ الفرنسي أمام الانفتاح على كبريات الاقتصاديات العالمية، ويكون تراجع نشاط التصدير من ميناء مرسيليا الى الجزائر، المعلن عنه في الأسابيع الماضية، أحد المؤشرات على تراجع الحظوظ الفرنسية في الجزائر. ( العرب أونلاين)