أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، على "أولوية تمكين المرأة بالمغرب من حقوقها كاملة، موازاة مع وجود تأخر كبير في تدبير هذا الملف فيما مضى"، داعيا النساء إلى "مزيد من النضال" والرجال إلى "تغيير العقليات". وقال وهبي، في مداخلته ضمن ندوة احتضنها مقر الجامعة الدولية بالرباط، حول إصلاح مدونة الأسرة، الاثنين: "تأخّرنا كثيرا في هذه القضية ونحن لا نقدّم حقوقا للمرأة ولا نكرمها كذلك؛ بل نعيد الحق إلى أهله. أما حقوق المرأة فهي موجودة في الطبيعة، ونحن فقط نكشف عنها لتكون خاضعة للممارسة". وشرح قصْده بالقول: "بمعنى ألا نعتقد كدولة وكحكومة وكمجتمع أننا نعطي شيئا للمرأة، فهذه الحقوق تمتلكها وتستحقها ولها الشرعية فيها؛ ولكننا حجبناها عنها بعقليتنا الذكورية"، مردفا: "فكّرنا طويلا ودخلنا في صراعات وفي خلافات كثيرة حول كيف يمكننا أن نعطي هذا الحق لأهله، واتُّهمنا بأشياء كثيرة واختلفنا كذلك حول أشياء أخرى، وما زال الاختلاف قائما". كما أفاد، مخاطبا العنصر النسوي:" الطريق ما زال طويلا، بما يستوجب عليكن القدرة على الصراع، ولا تتوقفْن عن المطالبة بحقوقكن لأنها مشروعة لكنّ؛ فحين نعطي حقا للمرأة فإننا لا ننزعه عن الرجل، بل هو حق كان قد سُلب منها.. وبالتالي فإننا نعيده إليها لضمان التوازن بينها وبين الرجل". وارتأى وزير العدل الحديث كذلك عن مؤسسة الزواج، إذ دافع عن واقع مساهمة النساء في تنمية ثروة أزواجهن، موضحا: "حينما تبقى المرأة داخل البيت، أهذا لا يعني أنها تساهم في تنمية ما يصل إليه الزوج من نتائج مادية خارج البيت؟ عليكم أن تقرروا!"، متابعا: "لهذا قلنا بأنه وجب أن نثمن عمل المرأة، والذي سيكون بمثابة إنصاف لها، سواء كانت تشتغل داخل أو خارج البيت". وأقرّ المسؤول الحكومي بكون الإشكالية المطروحة في هذا الصدد هي التي تتعلق بتثمين هذا العمل، مؤكدا "عدم وجود جواب في هذا الصدد في الوقت الراهن، موازاة مع وجود نقاش داخل لجنة تعديل مدونة الأسرة حول طريقة القيام بذلك"، لافتا إلى "وجود اطّلاع حالي على تجارب دول العالم من أجل فهم هذا الموضوع". وتطرق ضمن مداخلته للنقاش المثار حول رفض اعتماد الخبرة الجينية في لحوق نسب الابن لأبيه، إذ أوضح قائلا: "حينما نكون أمام جريمة قتل فإننا نلجأ إلى التحليل الجيني ADN، ونقوم مثلا بالحكم بالإعدام على شخص من خلال اعتماد هذه الوسيلة (كما هو في الخارج لأن المغرب أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام)، بمعنى أننا نعدم الناس باعتماده، ولكننا لا نضطر إلى اعتماده لتحديد وضعية الأبناء؛ ففي هذا الإطار فإننا ننزع الحياة ولا نعطي الحق فيها". واعتبر عبد اللطيف وهبي أن "أخطر ما يهدد المرأة هو عندما تتحول إلى موضوع للتوازنات"، مؤكدا "وجود مجموعة من الاختلافات بخصوص تدبير شؤون الطلاق والتعدد""، مفيدا بأن "البيت الذي يوضع تحت رهن إشارة المرأة يكون للطفل في الحقيقة، وقلنا إنه إذا تزوجت هذه المرأة فنزيل لها حق استخدام المسكن". كما ذكر أنه "تقدّمنا باقتراح يقضي بتمكين الزوجة من البقاء في بيت الزوجية بعد وفاة زوجها وبعد أن تكون قد بلغت من الكبر عتيا، بالنظر إلى أن العائلة تشرع في تقسيم هذا السكن، بما يجعل المرأة خارج البيت؛ فالموضوع معقد جدا ويدخل فيه الدين والاجتماع والتاريخ والمصالح كذلك". وزاد: "أنا لا أدافع عن المرأة، أنا وزير العدل وأدافع عن العدالة، والمرأة لها من الإمكانيات للدفاع عن نفسها. أما الذي يُقال عن الزواج لإخافة الشباب منه فإنه مجرد كلام، على اعتبار أن من أراد أن يتزوج فسيقوم بذلك"، مضيفا وبحدّة: "إذا أردنا مغربا متطورا متقدما علينا أن نرجع الأمور إلى نصابها؛ يجب أن تفكروا في أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم حينما يتم المسّ بحق من حقوقهن ويجب ألا تفكروا في ذواتكم فقط". وأكد وزير العدل، في ختام مداخلته ضمن الندوة التي خُصّصت لموضوع إصلاح مدونة الأسرة وعرض فيلم "الوصايا" للمخرجة سناء عكرود، أن "النساء ينتظرهن الكثير من النضال؛ في حين أن الشباب والرجال ينتظرهم تغيير العقليات، إذ إن قيام كل واحد بوظيفته سيكون كفيلا بالوصول إلى النتيجة المرجوة مستقبلا".