قال خاليد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، اليوم الاثنين، إن "الحماية الاجتماعية تدعم السياسات الرامية إلى تحسين جودة التعليم والصحة وضمان حصول جميع المواطنين على الخدمات الأساسية، ما يجعلها أداة استراتيجية لبناء مجتمعات أكثر عدالة واستدامة، تتجسد فيها قيم التضامن والتآزر لتحقيق التنمية البشرية الشاملة والسلم الاجتماعي"، مشددا على أن تعميمها "يعدّ إحدى الركائز الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة". وأضاف سفير وهو يتحدث خلال المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية المنظم من طرف مجلس المستشارين والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، أن تأثير الإصلاح "يشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وإرساء اللبنات الأساسية للعدالة الاجتماعية"، معتبراً أن "ما يواجه المغرب من تحديات كبرى، تتمثل في ضرورة تسريع وتيرة النمو وتعزيز العدالة الاجتماعية، يجعل من الحماية الاجتماعية ضرورة لا غنى عنها"، وزاد: "هي ضمانة أساسية لكرامة المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم، وتساهم بشكل كبير في تحصينهم ضد المخاطر الاقتصادية والاجتماعية". وتابع المسؤول المغربي قائلا: "بذلك، يكون تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية في حد ذاته تعزيزا للقدرة على النهوض برأس المال البشري، بما ينعكس إيجاباً على مستوى الإنتاجية والابتكار، ويدعم بالتالي طموح المغرب في تحقيق التنمية المستدامة والارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة"، مسجلا أن "تعميم التأمين الإجباري عن المرض يعدّ من أبرز الإنجازات التي حققها المغرب في هذا المجال؛ فاليوم صار يشمل ما يناهز 31 مليون مستفيد، بمن فيهم الفئات الهشة التي لم تكن تستفيد سابقًا من أي تغطية صحية". وذكّر المتحدث ب"إدماج المستفيدين من نظام "راميد" في نظام التأمين الإجباري، مما يضمن لهم الولوج إلى الخدمات الصحية بشكل منصف ومستدام"، مضيفا أنه "في إطار تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، أطلق المغرب نظام المساعدات الاجتماعية المباشرة في متم سنة 2023، بهدف تحسين الظروف المعيشية للأسر التي لديها أبناء في سن التمدرس أو تلك التي تعيش في وضعية هشة، مما يمكّن من دعم قدرتهم الشرائية وتشكيل شبكة أمان اجتماعية". وزاد شارحاً: "لم تقتصر جهود المغرب على توسيع التغطية الاجتماعية فحسب، بل تم العمل على إصلاحات هيكلية تضمن استدامة هذه المشاريع من خلال تعبئة موارد مالية كافية وتطوير آليات تمويل مبتكرة"، مسجلا أن "جهود الدولة شكلت، في مجال تحسين العائدات الضريبية رافعة أساسية مكنت من المساهمة في تمويل الحماية الاجتماعية"، وواصل: "بالرغم من كل هاته الإنجازات، يبقى هاجس إرساء منظومة للحماية الاجتماعية بالمغرب متسما بالشمولية والعدالة والتكامل والاستدامة على المدى البعيد، ضمن أهم الأهداف التي يتعين تحقيقها". وأبرز أن "بلوغ الهدف يتأتى من العمل على رفع تحديات إرساء نظام وآليات لحكامة منظومة الحماية الاجتماعية، تمكن من التنسيق بين مختلف المؤسسات والهيئات المتدخلة في منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب، وتعزيز التكامل بين سياسات الحماية الاجتماعية وباقي السياسات العمومية في مجالات التشغيل، الصحة، التعليم، وكذا تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للبرامج التي توفرها منظومة الحماية الاجتماعية، عبر وضع مؤشرات دقيقة لقياس الفعالية تمكن على سبيل المثال من تقييم مدى تأثير هاته البرامج على الحد من الفقر والبطالة، وتحسين الصحة العامة". كما تطرّق سفير إلى "تحديات التمويل والاستدامة المالية، عن طريق توسيع قاعدة المشتركين وإدماج القطاع غير المهيكل، والعمل على تنويع مصادر تمويل المنظومة، وترشيد نفقات تسيير الخدمات الاجتماعية"، مضيفا كذلك "التغطية الشاملة والولوج العادل إلى الخدمات، من خلال تمتين الخدمات الاجتماعية في المناطق النائية والاعتماد على التطوير المستمر لأنظمة رقمية حديثة من شأنها تحديد الفئات المستحقة وضمان شمولية التغطية". وأشار المتحدث كذلك إلى "تحديات رقمنة الخدمات الاجتماعية"، معتبرا أنها "تمكّن من ترشيد نفقات التسيير وتبسيط المساطر الإدارية وتسهيل ولوج الأفراد إلى الخدمات الاجتماعية"، مشددا على أنه "في إطار هاته الدينامية التي تعرفها الحماية الاجتماعية ببلادنا، يبذل صندوق الإيداع والتدبير، إلى جانب كل الفاعلين والشركاء الوطنيين، كل الجهود من أجل مواكبة التطور الحاصل في هذا الميدان".