أجمع أغلب المتتبعين للشأن السياسي المغربي أننا نعيش في الفترة الراهنة ظاهرة تستحق الدراسة، أثارت إعجاب و استغراب الكثيرين. "" رجل خرج من دهاليز الداخلية ليلج غمار العمل الحزبي، و في طرفة عين استطاع هذا الرجل أن يكتسح الساحة الحزبية و يطيح بأعتى رجالها. نعم نحن نتكلم عن الظاهرة فؤاد علي الهمة. فما إن اكتسح الرجل منطقة الرحامنة سنة 2007 و ضمن 3 مقاعد في البرلمان حتى أثار إعجاب قناة المشاهير" دوزيم" التي خصصت له برنامجا خاصا تكلم فيه بإسهاب عن تربيته، لتبدأ بعدها رحلة نجاحه الفريدة و الغريبة، ووجه الغرابة فيها يرجع لأسباب عديدة، فهو الرجل الوحيد الذي دخل البرلمان لا منتميا واستطاع أن يترأس فريقا برلمانيا قادرا على قلب موازين الأغلبية و دعم الحكومة. و هو الرجل الوحيد الذي حاول الإطاحة بالحكومة بسحب ذات الفريق نحو المعارضة. غير أن عباس الفاسي بقي "عاضا" على كرسيه رغم التعديل الوزاري. وظهرت صلابة الرجل عندما حول حركته المبشرة بالديمقراطية إلى حزب، حزب ما إن أسس حتى استقطب سياسيين محنكين –لا علاقة "للحناك" بالكلمة- غيروا جلبابهم البالي "بالكوستيم" الجديد، منهم وزراء سابقون و حاليون و مستقبليون، كل شيء عند الله قريب. أما ما يدعوا للدراسة و التحليل فهو احتلال الحزب للمرتبة الأولى في أول استحقاق انتخابي يشارك فيه، و هو ما أعطى الحق لظاهرتنا بأن يخرّج عينيه في منافسيه و أصدقائه على حد سواء و يقول: أنا" وااعر". وهو بالفعل كذلك، فهو الرجل الوحيد الذي ما إن خرج من الداخلية حتى بدأ "بفرش" أوراقها و استخدامهم كدعاية انتخابية، دون أن تتحرك أمّ الوزارات ضده خصوصا عندما صرح في مهرجان خطابي بالعيون أن أبناء المنطقة كانت تملى عليهم الكلمات التي يلقونها في تدخلاتهم أمام الجماهير في المهرجانات الخطابية، وهو الأمر الذي أثار استغراب صاحبنا، لكن ما يثير الاستغراب حقا، أن هذا الأمر حدث في زمن كان فيه السيد فؤاد أحد المكلفين بملف الصحراء بوزارة الداخلية! شيء غريب حقا! ويبدو بالفعل أنه "واعر"، فهو الرجل الوحيد الذي "جَرْجَرَ" وزارة الداخلية إلى المحاكم و خرج منتصرا، عندما استطاع أن يجمد البند الخامس من قانون الأحزاب الذي حركته الوزارة ضد حزبه و الذي يمنع البرلمانيين الذين غيروا جلدهم الحزبي من الترشح بالجلد الجديد. لكن "وعورية" الرجل لا تتجلى فقط في كونه الوحيد الذي لوح بقبضته في وجه الداخلية و نجا بفعلته، بل تتجلى حتى في تلقائية تدخلاته أمام الحشود الغفيرة التي تحج إلى مهرجاناته الخطابية أينما حل و ارتحل. فهو الرجل الوحيد الذي يقف أمام حشد من مؤيديه و يصف أعمال خصومه "بالرگيع" و "التخوار" دون أن يضع اعتبارا لكون "الوقت مخلطة" و أن الناس يحضرون رفقة أهلهم للتيمن بطلعته البهية. كما أنه الوحيد الذي بإمكانه التحدث عن تقنين زراعة "الكيف" دون أن يتهم بتسفيه جهود الدولة. غير أن أروع ما أبدع الرجل هو انتقاضه للباس الأجنبي الذي لا يواتي المغاربة حسب قوله، رغم أنه يسكن بدلته الأنيقة التي تحمل إمضاء ماركة عالمية، و إحقاقا للحق أقول أنها تواتيه فعلا رغم كونه مغربي، و تواتي مجموعة من قادة حزبه. فكيف لا تواتينا؟ أم حلال عليه حرام علينا؟ إذا كانت هذه هي أفعال الرجل و هو ما يزال رئيس حزب معارض، فكيف سيكون حاله عندما يصبح وزيرا أول، و هو الأمر المتوقع حدوثه إذا استمر حزبه في حصد الأغلبية كلما شارك في استحقاق انتخابي. ومن يدري، فلعل تطورا كهذا سيكون أمرا محمودا، فعلى الأقل سنعرف معدن الرجل الحقيقي، و هل هو "واعر" فعلا، حينما سيواجه أزمة البطالة و ارتفاع الأسعار و ارتفاع المديونية و تدني المستوى المعيشي و...و...و كل تلك المشاكل التي لن تحل" بتخراج" العينين و لكن بسياسة اقتصادية واضحة و التي نتمنى أن يكون الرجل أحد الرجال الذين يملكونها، ليبرهن لنا ساعتها بالفعل لا بالقول أنه "واعر". [email protected]