في لحظة فارقة تجدد فيها الأزمات الطبيعية اختبار العلاقات الدولية، أثبت المغرب مرة أخرى أن التضامن ليس مجرد شعار، بل هو رؤية متجذرة في سياساته الخارجية، من خلال التدخل، بتعليمات ملكية، لتقديم العون والمساعدة لتجاوز تداعيات الفيضانات المدمرة التي اجتاحت إسبانيا أخيرًا. وهو تضامن ملكي يعكس التزام المغرب الراسخ بقيم الإنسانية والتعاون وحسن الجوار. لم تكن توجيهات جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بتقديم المساعدة العاجلة لإسبانيا خطوة رمزية أو "بروباغاندية"، بل واجب وقت ورسالة قوية تحمل أبعادًا قيمية وأخلاقية وتضامنية متجذرة في الهوية المغربية الأصيلة. كما تعبر عن عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتعكس موقفًا واضحًا بأن التحديات البيئية لا تعترف بالحدود الجغرافية، وأن التضامن الدولي هو السبيل الوحيد لمواجهتها. إن التضامن الملكي يتجاوز البعد السياسي؛ فهو يبرز وجهًا آخر للدولة التي ترى في حسن الجوار والعلاقات الإنسانية والتعاون الدولي أساسًا لتحقيق السلم والاستقرار. وتعلم البعض كيف يكون الجوار الإنساني، المبني على التفاهم والتعاون. تعطي المواقف الإنسانية التي يبادر بها جلالة الملك، حفظه الله، دروسًا وعبرًا في حسن الجوار والسبق إلى الخير والنفع. وقد رسم معالم سياسة خارجية مغربية قائمة على التعاون والتكامل والتآزر، قائمة على شراكة رابح-رابح التي لا تعرف مكانًا للشر والغدر وتجنيد مرتزقة دعم الانفصال، إنما تتحدث لغة التنمية وخدمة الإنسان أينما حل ووجد. يعزز هذا التضامن الملكي الإنساني صورة المملكة كدولة تسعى دائمًا لتكون جزءًا من الحل، سواء في إفريقيا أو أوروبا، خصوصًا في القضايا المرتبطة بالبيئة والتغيرات المناخية. في عالم تزداد فيه الكوارث الطبيعية بفعل التغير المناخي، يصبح التضامن الإنساني ركيزة لا غنى عنها لبناء عالم أكثر عدلًا واستدامة. وما فعله المغرب تجاه إسبانيا ليس مجرد استجابة طارئة، بل درسًا عمليًا في كيفية بناء جسور التفاهم والتآزر والتكافل بين الشعوب والدول. إن هذا التضامن، باعتباره سلوكًا أصيلًا في فكر جلالة الملك، بجميع أبعاده الإنسانية والسياسية، ليس فقط تعبيرًا عن رؤية قيادة حكيمة، بل هو أيضًا دعوة للعالم للتكاتف في مواجهة تحديات العصر. إنه نموذج يجب أن يُحتذى به، ويعزز الإيمان بأن العلاقات الدولية، حين ترتكز على القيم المشتركة، قادرة على صنع فارق حقيقي في حياة الأفراد والمجتمعات.