طلبة الطب يردون على خطاب الميراوي بالبرلمان    حزب الاستقلال يقرر إحداث لجنة الأخلاقيات والسلوك..    بوريطة يؤكد على انخراط المغرب في تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي من أجل النهوض بالاستخدام السلمي للكيمياء    تقرير مشروع قانون المالية لسنة 2025 يحدد الآفاق الاقتصادية المستهدفة    التحقيق مع زوجين جزائريين حاولا دخول سبتة المحتلة بطريقة مشبوهة    المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يوقعان عقدا لنقل الغاز الطبيعي    مولودية وجدة ويوسفية برشيد يواصلان إهدار النقاط وخسارة ثقيلة للاتحاد الإسلامي بالدشيرة    أحمد التوفيق: فتح 1154 مسجداً متضرراً من زلزال الحوز قبل رمضان المقبل    شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    البرازيل تحبط تهريب شحنة كوكايين    جيش إسرائيل يرفع حصيلة قتلى غزة    الأمين العام الأممي قلق إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية بشأن الصحراء المغربية        هل يحتاج الإنسان إلى استعمال اللغة في عمليات التفكير؟    تقييد الإجهاض يفاقم وفيات الرضع في الولايات المتحدة    رصد غلاف مالي جديد لجاذبية المدينة العتيقة بطنجة    بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني    الرجاء البيضاوي يصطدم بالجيش الملكي في قمة الجولة السابعة..    بعد خضوعه لعملية جراحية.. عميد سان داونز زواني يغيب عن مواجهتي الجيش والرجاء في دوري الأبطال    إثيوبيا تعلن ترشحها لتنظيم كأس الأمم الإفريقية 2029    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تخصص 40 مليار درهم للحفاظ على القدرة الشرائية    إبراهيم دياز يعود للتدريبات الجماعية لريال مدريد    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    دوري أبطال آسيا.. رحيمي ينال أفضل تنقيط في مباراة الهلال    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    المختصون التربويون يطالبون بتوفير مكاتب خاصة ومختبرات مدرسية مجهزة    كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود        طفيليو الأعراس والمآتم بالمغرب    رحيمي: خسرنا 3 نقاط وليس نهائي البطولة    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    حوار حول الصحراء المغربية...    الجهوية المتقدمة...    التجارة الدولية في المغرب ..    وفاة زعيم حركة الخدمة في تركيا فتح الله كولن        المغرب يهزم غانا في "كان الشاطئية"    منظمة الصحة العالمية ستجلي ألف امرأة وطفل مرضى ومصابين من غزة "خلال الأشهر المقبلة"    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    نقابيو "سامير" يعتصمون للمطالبة باسترجاع حقوق العمال وإنقاذ الشركة من التلاشي    حوار مع مخرج "مذكرات" المشارك في المهرجان الوطني للفيلم    حماس: نتنياهو هو "المعطل الأساسي" للتفاوض    "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    انتشار مرض الكيس المائي الطفيلي بإقليم زاكورة..    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يحتاج الإنسان إلى استعمال اللغة في عمليات التفكير؟
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2024

عندما سئل الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني الراحل برتراند راسل عما إذا كانت اللغة لها أهمية بالنسبة لتفكير الأنسان أجاب بشكل قاطع "نعم"، مؤكدا أن للغة أهمية بالغة "من أجل إتاحة إمكانية التفكير"، وأنه "لا وجود للتفكير بدون اللغة"، لكن بعض النظريات العلمية التي ظهرت بعد ذلك كانت لها وجهة نظر مغايرة، إذ كانت ترى أن النظر للطبيعة في حد ذاته يكفي لدحض معتقدات راسل في هذا الشأن، إذ إن قرود الشمبانزي يمكنها أن تحل عمليات حسابية بسيطة وقد تتفوق على البشر في بعض الألعاب، وأن بعض أنواع الغربان تبتكر أدوات لاصطياد الفرائس، وكل ذلك في غياب لغة واضحة للتواصل في ما بينها، بل إن بعض الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في اللغة، سواء بسبب مشكلات عقلية أو حوادث أو غير ذلك، يظل بمقدورهم التفكير والتعاطي مع مشكلات تتطلب مستويات عالية من الوعي والفهم والإدراك.
وترى الباحثة إيفلينا فيدورنكو، المتخصصة في طب الاعصاب من مركز ماكجفرن لأبحاث المخ التابع لمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، أن اللغة والتفكير في حقيقة الأمر هما كيانان منفصلان تماما، وأن مخ الإنسان يتعامل مع كل وظيفة من الاثنين بشكل منفصل عن الآخر، وبالتالي فإن عقل الإنسان يمكنه التعاطي مع أعلى درجات التفكير بدءا من حل المشكلات إلى المنطق الإجتماعي دون الحاجة إلى الاستعانة بأي لفظة أو تركيبة لغوية، وأوضحت في دراسة أوردتها الدورية العلمية Nature أن الشخص الذي يعاني من فقدان كلي أو جزئي للقدرة على التعامل مع اللغة المنطوقة، وهو ما يعرف باس aphasia، يظل بمقدوره الإتيان بوظائف عقلية جوهرية بالنسبة للقدرة على التفكير.
وتقول فيدورنكو إنها بدأت الاهتمام بدراسة الصلة بين اللغة والتفكير في مطلع القرن الحالي من منطلق أن عقل الإنسان يؤدي وظائفه الإدراكية المختلفة بطريقة حوسبية هرمية، وأن اللغة تعتبر نموذجا مثاليا لهذا الهيكل الهرمي، بمعنى أن اللغة تتكون من ألفاظ، ثم تتحول هذه الألفاط إلى عبارات، وثم تتطور العبارات إلى جمل كاملة باعتبارها أوعية لتوصيل المعاني؛ وحاولت التوصل إلى أجزاء المخ المسؤولة عن هذا التسلل الهرمي الذي يعتقد أنها موجودة في الفص الأمامي الأيسر للمخ، لكن الدراسات التشريحية التي قامت بها توصلت إلى أن أجزاء المخ التي تتعامل مع اللغة تختلف عن الأجزاء الخاصة بالتعامل مع وظائف مثل حل العمليات الحسابية أو التفاعل مع الموسيقى مثلا.
وأشارت الباحثة ذاتها، خلال مقابلة مع الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية، إلى أنها اعتمدت على أكثر من منهج بحثي للتيقن من صحة النظرية الخاصة بانفصال اللغة عن التفكير، إذ وجدت خلال التجارب أن الأشخاص الذين يعانون من إعاقات لغوية جسيمة بسبب تلف كامل في الفص الأيسر من المخ جراء التعرض لحوادث يظل بمقدورهم أداء وظائف تتطلب التفكير، واستشهدت ببعض القبائل البدائية التي ليس لديها لغات خاصة بها، والأطفال في مرحلة ما قبل الكلام، وبعض الفصائل الحيوانية المتطورة مثل القرود، إذ إن جميع هذه النماذج يمكنها التفكير بشكل سليم دون الاعتماد على قوالب لغوية.
واستعانت فيدورنكو بنتائج بعض التجارب العلمية التي أجريت خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، التي كانت تعتمد على إجراء تصوير إشعاعي للمخ أثناء القيام بوظائف معينة للتحقق من معدلات تدفق الدم داخل أجزاء المخ المختلفة أثناء الانخراط في أنشطة معينة، وتبين أنه أثناء القيام ببعض العمليات العقلية، مثل حل المسائل الرياضية أو الأحجيات أو القيام باختبارات تتعلق بالذاكرة والتخطيط وآليات اتخاذ القرار، تظل أجزاء المخ المسؤولة عن اللغة في حالة خمول وقتي.
وترى الباحثة أن دور اللغة في الأساس هو نقل الأفكار بين البشر، وتوضح: "نحن لا نستطيع قراءة أفكار بعضنا البعض، وبالتالي فإننا بحاجة إلى وسيلة مرنة لنقل أفكارنا الداخلية إلى المحيطين بنا، وهكذا يستطيع كل شخص تحديث قواعد المعلومات والمعارف التي يستند إليها كوسيلة للتفكير"؛ وتأكيدا لأهمية اللغة بالنسبة للتفكير تقول إنه على مدار العقود القليلة الماضية تطورت خصائص اللغات التي يتحدث بها البشر، التي يزيد عددها عن سبعة آلاف لغة، ما بين منطوقة ولغة إشارة، على نحو يكفل توصيل الأفكار والمعلومات بشكل أفضل، ما يتيح سهولة الإدراك واستنباط الأفكار ثم نقلها للأطفال بل للأجيال التالية.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت أنظمة اللغة والتفكير تتفاعل مع بعضها داخل مخ الإنسان تقول المتخصصة ذاتها إن علوم طب الأعصاب ليس لديها أدوات لقياس هذا الشكل من أشكال التفاعل، لكن التطور الذي حققه العلم في مجال الذكاء الاصطناعي أتاح إمكانية ابتكار منظومات حوسبية لقياس خواص اللغة البشرية، مثل منظومة "جي بي تي 2" وما بعدها، ويمكن لهذه الأنظمة إنتاج عبارات لغوية ذات مغزى وسليمة نحويا في الوقت ذاته، وهو ما يتفق مع مفهوم أن النظام اللغوي في حد ذاته ليس هو ما يؤدي للتفكير؛ واستدركت قائلة: "لكننا نعمل مع مجموعات بحثية أخرى لابتكار منظومات عصبية اصطناعية للغة ثم محاولة ربطها بأنظمة إلكترونية تعمل بطريقة تفكير البشر نفسها، حتى يمكننا في نهاية المطاف ان نتوصل لفهم كيف يمكن لمنظومة خاصة بالتفكير أن تتفاعل مع نظام يمكنه اختزان المقاطع اللغوية واستخدامها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.