اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن إدماج الحركات والأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية بالدول العربية "ممكن"، ودعا إلى إيجاد الصيغ الكفيلة بأن يجتمع الكل في حضن واحد، هو حضن الدولة، التي ينبغي أن تتميز بالديمقراطية والتعددية واحترام الحريات. وتساءل بنعبد الله في افتتاح ندوة "الحركات الدينية والحقل السياسي: أي مصير؟"، مساء الاثنين، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الخامسة والأربعين، عن التيار الإسلامي وكيفية جعله شريكا في مسار ديمقراطي مؤسساتي يحترم المقومات الأساسية للدولة التي هو جزء منها. وقال بنعبد الله موضحا: "خلافا لما حصل في عدد من الدول العربية الأخرى، عرفنا في المغرب مرورا سلسا إلى الانتخابات ثم تشكيل الحكومة ثم انتخابات أدت في نهاية المطاف إلى خروج هذا التيار واستمرار الحياة بغض النظر عن بعض الجزئيات التي نقف عندها"، معتبرا أن "الخلاصة الأساس بالنسبة إلينا هي أن إدماج التيار الإسلامي أمر ممكن". ومضى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، حليف حزب العدالة والتنمية الإسلامي خلال ولاية عبد الإله بنكيران، قائلا: "نحن تعاملنا في إطار الحكومة مع تيار إسلامي، ويمكن أن أقول لكم إن هناك فرقا كبيرا بين هذا التيار قبل أن يدخل التجربة الحكومية وبعدما عاش هذه التجربة وعرف محن التدبير المباشر". وزاد: "بعد التجربة التي مر منها حزب العدالة والتنمية، أصبح اليوم تيارا كباقي التيارات الأخرى، يقبل بالعمل الديمقراطي وبالتعددية وبالاختلاف"، معتبرا أن التجربة المغربية على هذا المستوى كانت "تجربة متفردة يتعين الوقوف عند أهم إيجابياتها، وربما توسيعها لتشمل فضاءات أخرى". من جهته، أشاد عبد الرحمن شلقم، وزير خارجية ليبيا الأسبق، بالتجربة المغربية في إدماج التيار الإسلامي في الحياة السياسية، قائلا إن "الإسلاميين في المغرب حكموا، لكن في المغرب الدولة غير الحكم، والدولة بيد الملك، وبيضة الوطن في وضعية مضبوطة". ودعا شلقم في مداخلة ألفاها في الندوة ذاتها إلى العمل على تكريس مسألة "الدولة الوطنية القومية"، موردا أن تيارات إسلامية كثيرة لا تؤمن بالحدود والدولة القطرية. وأوضح أن "الجهل لا يبني، ولا بد من تكريس الدولة الوطنية القومية التي تضمن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون"، مشددا على ضرورة الاستثمار في البحث العلمي، وهو أهم شيء ومفتاح التقدم في رأيه. وشبه وزير خارجية ليبيا الأسبق الحرب القائمة "بيننا وبين إسرائيل بالحرب بين الجهل والعلم"، مذكرا بالموارد التي تخصصها إسرائيل للبحث العلمي مقارنة بالدول العربية، وعدد العلماء اليهود الذين حازوا جائزة نوبل مقارنة مع عدد العرب المحدود. أما المفكر اللبناني رضوان السيد، فأكد في مداخلة بالمناسبة أن "أساس المشكلة العربية والإسلامية هذه الثقافة المنقسمة أصلا، وفيها دخلت القوى الاحتجاجية الإسلامية التي فرضت عليها الحداثة وتعتبرها تحديا لهويتها ومشكلتها، وهي جزء من ثقافتنا العامة ومفارقة عميقة لا نستطيع التخلص منها". واعتبر السيد أن تجربة الإسلام السياسي في الدول العربية هي "تجربة تجاذبية سلبية صراعية، ما عدا المغرب"، مشددا على أن استخدام المغرب مقياسا "لا يصح"، لافتا إلى أن التجربة المغربية "أكثر انفتاحا من تجارب كثيرة في الدول العربية". وسجل السيد أن التيار الأصولي الإسلامي "ينمو في سياق الأزمات، والثقافة العامة التي يحملها الجميع يعمل على تسييسها ليصبح تهديدا للنظام بغض النظر عن مدى نجاح هذا النظام". وشدد المفكر اللبناني على أن أحسن فرصة للدول العربية هي الدخول في سياق التجربة المغربية و"تنجح الأنظمة السياسية في تجاوز الأزمات وفي إحداث الاستقرار والتنمية"، لافتا إلى أنه "كلما ازدادت الدولة نجاحا قلَّ خطر الإسلام السياسي عامة". وأوضح السيد أنه "إذا استمرت الأزمات الداخلية واستمر المشروع الفلسطيني بغير حل، فإن الإسلام سيظل مكمنا للأزمات ولا يمكن ضبطه ولا انضباطه، لأنه يعمل عمليات انتحارية وليس عمليات عقلانية سياسية"، حسب تعبيره.