تفاعلا مع مقترح ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بشأن تقسيم الصحراء بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو الانفصالية، والذي أثار الكثير من الجدل في المغرب وسط رفض كبير من قِبَل المغاربة، حيث طالب البعض منهم بسحب الثقة من المبعوث الأممي؛ أكد الاتحاد الأوروبي أن حل النزاع حول الصحراء يجب أن يكون واقعيا وعمليا. وشدد متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، في تعليقه على المقترح المذكور، على أن "أي حل لقضية الصحراء يجب أن يكون عادلا وواقعيا وعمليا ودائما ومقبولا من كلا الطرفين، على أساس التسوية وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي". وأكد المسؤول الأوروبي ذاته، في تصريحات لوكالة "أوروبا بريس"، على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي بالنسبة للاتحاد القاري سالف الذكر. في هذا السياق، قال جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن "تصريحات مسؤولي الاتحاد الأوروبي تكاد تكون متطابقة حول مشكلة الصحراء، إذ تؤكد التزام الاتحاد بالعملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة، من خلال الدعوة إلى حل عادل وواقعي وعملي ومقبول من الطرفين وفقا لقرارات مجلس الأمن. وبالنظر إلى مقترح تقسيم الصحراء الذي تقدم به دي ميستورا، نجده مرفوضا من الطرفين وبعيدا عن الواقعية، ولا يتماشى مع الدعم المتنامي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي وتأييد المجتمع الدولي لرؤية المملكة المغربية لمستقبل الصحراء". وشدد القسمي، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الحفاظ على علاقاته الاقتصادية والسياسية الوثيقة مع المغرب، ويهمه الحفاظ على الاستقرار بجواره القريب؛ وهذا يجعل مبادرة الحكم الذاتي تبرز كحل يتماشى مع قرارات الأممالمتحدة ومواقف الدول التي تدفع بالمسار الأممي لتسوية هذا الملف، الذي امتد لأكثر من خمسة عقود". وأضاف موضحا أن "تصريح المسؤول الأوروبي يُفهم منه رفض أي مقترح انفصالي، ولو لم يُذكر ذلك صراحة؛ لأنه يشير إلى ضرورة أن يكون الحل 'واقعيا'؛ وهو ما يمكن تفسيره بأنه رفض لأي حل قد يزعزع استقرار المنطقة أو يؤدي إلى تفاقم النزاع"، مؤكدا أن "كل هذه الإشارات يجب على الجزائر أن تدركها، وتفهم أن مشروعها الانفصالي في الصحراء فشل فشلا ذريعا، ولم يعد يجد من يدعمه، وأن مستقبل المنطقة وشعوبها مرهون بتسوية هذا الملف تحت السيادة المغربية، من أجل إطلاق دينامية تنموية مغاربية حقيقية". في سياق مماثل، أورد محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية، أن "تصريح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي يعكس رفض بروكسل لأي مقترح لتسوية ملف الصحراء خارج الشرعية الدولية والقانون الدولي"، مضيفا أن "المغرب أكد، ومنذ طرحه لمبادرة الحكم الذاتي، أنه لا تفاوض على الصحراء خارج هذا الحل الذي تكرست مصداقيته بقرارات الأممالمتحدة، باعتباره يستجيب لمعايير الواقعية والعملية التي تنادي بها كل دول العالم". وشدد عطيف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "المملكة المغربية حققت مجموعة من الإنجازات والتراكمات التي لم يعد بالإمكان معها الحديث عن أي حل خارج مشروع الحكم الذاتي. وعليه، فإن أي تداول لمقترحات أخرى يعد محاولة لصرف الانتباه عن تنامي الدعم الدولي لمغربية الصحراء، حتى داخل الفضاء الأوروبي نفسه". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "التوجه السائد اليوم في الاتحاد الأوروبي هو دعم مخطط الحكم الذاتي؛ وهو ما يتضح من خلال مواقف مجموعة من الدول، مثل إسبانيا وهولندا وفرنسا وألمانيا، التي تدعم المغرب في اتجاه الطي النهائي لهذا الملف الذي طال أمده". وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن "بروكسل تراهن على ضمان الاستقرار في جوارها الإقليمي. وعليه، فإن وجود أي كيان تقوده البوليساريو في المنطقة لا يمكن أن يخدم أجندة الاستقرار الأوروبية بأي شكل من الأشكال؛ وهذا ما يدركه الاتحاد الأوروبي جيدا".