في الصورة الصحافية لبنى أحمد الحسيني وهي ترتدي بنطلونا "" كنت أتمنى من حكومة البشير لو أنها عملت من أجل أن توجد بنطلونا خاصا لكل امرأة دارفورية ، عل البنطلون يكون عائقا أمام الجنود المحترفين في ممارسة الاغتصاب. أو أن السودان مثلا قرر أن يجلد كل بنطلون ذكوري شارك في اغتصاب امرأة في غمرة الحروب الأهلية التي لا تنتهي. غير أن الأخبار لم تكن كذلك. فصحافية سودانية هي من وجب جلدها. والسبب هو ارتداء بنطلون وهو فعل يدخل ضمن "الأفعال الفاضحة" في السودان. وكانت الصحافية روت أنها كانت في الثالث من يوليو في مطعم عندما دخلت قوات الشرطة وأمرت 13 امرأة يرتدين البنطالون بمرافقتهم إلى مركز الشرطة.وبعد يومين، تم استدعاء عشر من النساء ال13 إلى مركز شرطة حيث تلقت كل منهن 10 جلدات.ومن بين هؤلاء سودانيات من الجنوب حيث أغلب السكان من المسيحيين والإحيائيين وحيث لا تطبق الشريعة الإسلامية. وقالت الصحافية أن الثلاث الباقيات، وهي من بينهن، وجهت إليهن تهمة "الزي الفاضح" على أن يحاكمن بموجب المادة 152 من القانون الجنائي السوداني .وتنص هذه المادة على أن "من يأتي في مكان عام فعلا أو سلوكا فاضحا أو مخلا بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام، يعاقب بالجلد بما لا يتجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا". هذا وقد أرجأت محكمة في الخرطوم الأربعاء الماضي النظر في مصير لبنى أحمد الحسيني إلى الرابع من أغسطس. الغريب أن كل هذا يحدث باسم الشريعة الإسلامية التي لم نسمع أن الجلد يطبق فيها إلا في ثلاث حالات وهي الزنا وقذف المحصنات وشرب الخمر. فمن أين جاء هؤلاء بهذه الشريعة الجديدة التي تصفي حساباتها مع امرأة صحافية لم يثبت عليها أي حالة من الحالات التي تستوجب الجلد؟. لكن الغريب أن هذه الشريعة السودانية تمنح حق البنطلون لمجنداتها فقط كما تلغي الجلد إذا ما ثبت أن للابسة البنطلون حصانة تؤمنها لها الأممالمتحدة. لذلك فالمطلوب من كل سودانية ترغب في ارتداء البنطلون أن تلجأ للتجنيد أو بانكيمون حتى لا تتعرض للجلد. غير أن لبنى احمد الحسيني في تحد يثير الإعجاب قررت التخلي عن الحصانة التي تؤمنها لها الأممالمتحدة واختارت الامتثال أمام المحاكمة كمواطنة سودانية ترتدي بنطلونا. فماذا بعد التحدي وماذا بعد الجلد؟ هل سننتظر دخول القوات الأمريكية للسودان من أجل تحرير المرأة السودانية من "أسلحة الجلد" بعد أن خرب العراق وقتل الملايين من أجل "أسلحة دمار شامل" غير موجودة؟. أم أن لائحة التهم الموجهة للبشير كانت تنقصها تهمة جلد النساء؟. والواقع أن الإبداع في جلد النساء ليس فنا مقتصرا على السودان. فمن قال أن المغرب لا يجلد نساءه؟ فمعبر مليلية يشهد عمليات جلد يومية لنساء فعلهن الفاضح هو حمل السلع الإسبانية فوق ظهورهن من أجل دريهمات تقيهن شر الجوع وشر الدعارة. في غياب أي بديل من طرف الدولة لإنقاذ هؤلاء النسوة من هذا الوضع الغير إنساني. الأفعال الفاضحة وجلد النساء ليس أمرا مقتصرا على السودان ولا على لبس البنطلون إذن. فلكل دولة عربية أفعالها الفاضحة التي تحددها وفق مزاجها القمعي الخاص. فقد يكون اعتصام ضريرة عاطلة أمام البرلمان المغربي فعلا فاضحا يستحق الجلد أمام الجماهير. وقد يكون ارتداء تونسية للحجاب وانضمامها لصفوف معارضة للنظام الحاكم فعلا فاضحا يستحق الجلد والزج بها في دهاليز السجون. وقد يكون قيادة امرأة سعودية للسيارة فعلا فاضحا يستوجب40000 جلدة. وقد يكون خروج معارضة مصرية لمناهضة توريث الحكم بمصر فعلا فاضحا يستحق الجلد وهكذا دواليك. تتعدد الأفعال الفاضحة إذن وآلة القمع العربية هي ذاتها. المشكلة الحقيقية هو أن هناك الكثير من الأفعال الفاضحة الحقيقة التي تستحق جلد فاعليها. ومن بين هذه الأفعال وأبشعها أن تقتل حرية الناس وتستعبدهم وقد ولدتهم أمهم أحرارا. فمتى يا ترى سنتمكن من جلد الأفعال الفاضحة الحقة؟؟ Fatimazahrazaim.elaphblog.com