في إطار الجهود المستمرة لتعزيز حماية النساء والأطفال ضحايا العنف، عُقد اجتماع دوري للجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة. الاجتماع، الذي أدارته النيابة العامة، تمحور حول موضوع "المسؤولية الجنائية للحدث"، وتناول الجوانب القانونية المرتبطة بمسؤولية الأحداث في ظل التشريعات المغربية. وافتتح نائب وكيل الملك، بوبكر أفود، الاجتماع بتسليط الضوء على مقتضيات الفصل 132 من القانون الجنائي المغربي، الذي ينص على أن "كل شخص سليم العقل وقادر على التمييز مسؤول عن الجرائم التي يرتكبها". وأوضح أن المشرع المغربي يميز بين الأفراد فيما يخص المسؤولية الجنائية بناءً على قدراتهم العقلية والتمييزية، ولا يعتبر الجميع متساوين أمام القانون في هذا الصدد. وأشار أفود، الذي هو أيضا رئيس اللجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، إلى أن المسؤولية الجنائية تتطلب وجود الأهلية الجنائية، التي يحددها القانون ببلوغ 18 عامًا، وفقًا للمادة 13 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 140 من القانون الجنائي. هذا يعني أن الأشخاص الذين تجاوزوا هذه السن يتحملون عواقب أفعالهم القانونية، يتابع المصدر ذاته. وناقش المشاركون في الاجتماع موضوع صغر السن كعامل يؤثر على المسؤولية الجنائية للأحداث. وأوضحوا أن الأطفال دون سن 12 عامًا غير مسؤولين جنائيًا عن أفعالهم، في حين تتحمل الفئة العمرية بين 12 و18 عامًا مسؤولية "ناقصة" عن أفعالها، مع إمكانية الاستفادة من عذر صغر السن. وبالتالي تكون العقوبات مخففة مقارنة بالبالغين، ويتم التركيز على إجراءات الإصلاح والتأهيل بدلًا من العقوبات التقليدية. وفي هذا السياق، أبرز نائب رئيس المحكمة الابتدائية بسوق السبت، خالد الوردي، أن القانون المغربي يولي أهمية خاصة للأطفال، حيث يتم إعفاء الأطفال دون 12 عامًا من المسؤولية الجنائية وفقًا للمادة 468 من القانون الجنائي، مع تسليمهم إلى أوليائهم بدلاً من معاقبتهم. أما بالنسبة للأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا، فهم مسؤولون جزئيًا عن أفعالهم، ولكن يتم التعامل معهم بتدابير مخففة تركز على توجيههم وإصلاحهم. واستعرض عبد الله التجاني، الباحث في سلك الدكتوراه، الضمانات القانونية التي يتيحها القانونان الدولي والمحلي للأحداث الجانحين. وأشار إلى أن النيابة العامة تلعب دورًا حاسمًا في حماية هؤلاء من خلال تكليف قضاة متخصصين لمتابعة قضاياهم. وأضاف أن الإجراءات المتبعة يجب أن تركز على مصلحة الحدث، وأن تعامل ضباط الشرطة القضائية يجب أن يكون لطيفًا ومرنًا مع الأحداث. كما أوضح التجاني أن الضمانات التي تُمنح للأحداث تختلف عن تلك الممنوحة للبالغين، مع التركيز على سلامة الأطفال الجسدية والنفسية، وحقهم في الاتصال بأولياء أمورهم أو محامٍ خلال كافة مراحل التحقيق والمحاكمة. من جهته، أبرز عبد الحميد النماوي أن الأرقام تشير إلى تزايد عدد الجانحين، وبيّن أن هناك حاجة ملحة لإصلاح النصوص القانونية لضمان حقوق الدفاع للأحداث. واقترح تدريب القضاة وضباط الشرطة على التعامل مع قضايا الأحداث، وتفعيل إجراءات البحث الاجتماعي والصلح، فضلًا عن تركيب كاميرات مراقبة في أماكن الاحتجاز لحماية حقوقهم. ودعا النماوي، في مداخلته الموسومة ب"المسؤولية الجنائية للحدث بين التجريد والتشخيص"، إلى تقليص مدة احتجاز الأحداث، وتفعيل بطلان أي مخالفات تمس بحق الدفاع، مما يعكس الحاجة إلى تحسين السياسات الجنائية المتعلقة بالأحداث من أجل توفير بيئة آمنة تضمن إعادة تأهيلهم واندماجهم في المجتمع.