وسط تخطي الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أسبوعها الثالث، مستمرة في سيرها نحو مزيد من التصعيد، مازال المئات من المغاربة المقيمين بلبنان يواجهون خطر الغارات الإسرائيلية الكثيفة، وسط قيام السفارة المغربية في بيروت خلال الأيام القليلة الماضية "بحملة جديدة" لتجميع معطياتهم ومعطيات أبنائهم وأزواجهم الشخصية. غير أن السفارة مازالت وفق مغاربة لبنان تُردد على مسامعهم "عدم وجود تعليمات بالإجلاء حتى الآن". وبين من مازال عالقا ببلدته بالجنوباللبناني الأكثر تعرضا للقصف الإسرائيلي، ومن تمكن من الوصول إلى مدن قريبة من العاصمة بيروت؛ حيث استضافه أحد مواطنيه، يتفق مغاربة لبنان على "مواصلة التمسك برفض النزوح في مراكز الإيواء التي تنعدم فيها الأغطية والأفرشة والمرافق الصحية، والخُصوصية؛ وذلك بعدما قامت السفارة المغربية في لبنان بالتنسيق مع هذه المراكز من أجل إيواء المغاربة"، معتبرين أن "ما سينهي حالة الهلع التي يعيشها مغاربة لبنان وأبناؤهم هو الترحيل إلى أرض الوطن، ويجب أن يتم التعجيل به لأن إشكاليات أخرى بدأت تبرز لدى البعض مع تواصل الصراع؛ تتمثل في بدء نفاد الأموال القليلة التي بحوزتهم"، وفقهم. وإلى حدود اللحظة فإن "مغاربة لبنان بأمان، ولا حالة وفاة بينهم، وقد مكّنت خلية أزمة محدثة على مستوى سفارة المغرب ببيروت من ترحيل عدد لا بأس منهم"، وفق ما أعلنه الوزير مصطفى بايتاس في الندوة الصحافية التي تلت المجلس الحكومي المنعقد الخميس 3 أكتوبر الجاري. وفي هذا الإطار قالت نادية، مغربية مقيمة بقضاء زحلة بالبقاع الأوسط اللبناني: "الطائرات الإسرائيلية مازالت تواصل استهداف المنازل القريبة من منزلنا، ما أدى إلى مفاقمة حالة الهلع التي نعيشها خوفا على حياتنا وحياة أطفالنا، الذين أُصيبوا بنوبات هلع وهستيريا شديدة ولم يعودوا قادرين على النوم، بل حتى على الأكل والشرب". وأضافت نادية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أسرتها "مُضطرة للمكوث في منزلها رفم خطر استهداف الطائرات الإسرائيلية؛ لأن المراكز التي جرى فتحها لإيواء المتضررين غير لائقة للإيواء"، مردفة: "كل قسم من أقسام المدرسة المخصصة للإيواء في بلدتنا على سبيل المثال يكتظ ب 48 فردا في ظروف تنعدم فيها الخصوصية تماما، وحتى المرافق الصحية غير كافية". وأبرزت المتحدّثة ذاتها أنه "من الصعب على الأسر القاطنة بقضاء زحل مغادرة منازلها من أجل الذهاب إلى مراكز الإيوء بالمدن القريبة أو بالعاصمة بيروت ريثما تتم عملية الإجلاء، لأن الطرق المؤدية إليها خطرة ويتم استهدافها بشكل متكرر بغارات الطائرات الإسرائيلية". وأضافت المغربية المقيمة بلبنان أن موظفي السفارة المغربية في بيروت عاودوا الاتصال بها قبل يوم لأخذ معلومات جواز سفرها وجوازات سفر أبنائها وزوجها، "إلا أنهم كرروا مرة أخرى العبارة التي ألفناها منذ بدء الصراع: لا تعليمات ببدء عمليات الإجلاء حتى الآن"، متسائلة عن "سر تأخر السلطات المغربية في هذا الأمر وكأننا لسنا مغاربة"، وفق تعبيرها. وأكدت المصرحة ذاتها أن "مغاربة لبنان يتمسكون بترحيلهم مع أبنائهم إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن، أو على الأقل مساعدتهم على الوصول إلى بر الأمان؛ تركيا أو قبرص، حيث يمكنهم أن ينسقوا مع عائلاتهم لتأمين أسعار تذاكر العودة إلى المغرب"، مناشدة "جلالة الملك محمد السادس إعطاء تعليماته السامية للسلطات المعنية لأجل التعجيل بهذه العملية". كريمة، مغربية مقيمة بمدينة صرفند جنوبلبنان، تمكنت خلال الأيام الأخيرة من الوصول إلى بلدة دامور قرب العاصمة البنانيةبيروت، حيث استضافتها إحدى صديقاتها المغربيات، تقول لهسبريس: "تلقيت، السبت الماضي، اتصالا هاتفيا من موظفي السفارة المغربية في لبنان يُخبرونني باستعدادهم للتنسيق مع مسؤولي إحدى مدارس البلدة لأجل تسهيل إيوائي وأبنائي بها، إلا أنني رفضت". وعلّلت كريمة، الأم لخمسة أبناء، رفضها للإيواء، بكون المدرسة المُكتظة بالمئات من النازحين "تنعدم فيها الأغطية والأفرشة وبها مرفق صحي وحيد لا يستجيب لأدنى معايير وشروط النظافة"، مُضيفة: "الخيار الذي سينهي معاناتنا هو ترحيلنا إلى أرض الوطن، لاسيّما أن الأموال التي معي بدأت تنفد ولا تكفي للاستجابة لحاجياتي وأبنائي"، ومتسائلة: "هل عند نفاد هذه الأموال سألجأ إلى الإثقال على العائلة التي تستضيفني أو إلى التسول في الشارع؟". وأكدت المتحدثة ذاتها أن "موظفي السفارة المغربية عاودوا مطلع الأسبوع الاتصال بعدد من مغربيات لبنان لطلب نُسخ من جوازات سفرهن وأبنائهن وكذا جوازات سفر أزواجهن وعقود الازدياد الخاصة بهم هذه المرة أيضا"، متابعة: "إنهم بصدد التحقق ربما من ديانات الأزواج، وإن كانوا ينتمون إلى حزب الله أو إحدى الجماعات الطائفية أو السياسية الأخرى، قبل دراسة إمكانية إجلائهم أيضا، لاسيّما وأنهم سألونا ما إذا كنا نرغب في ذلك". واستدركت المغربية المقيمة بلبنان بأن "الإشكال أن هؤلاء الموظفين أكدوا مرة أخرى أنه لا أوامر صدرت بتنظيم عمليات الإجلاء، ما جعل العديد من المغربيات يعتقدن أن عملية التسجيل غير ذات جدوى هذه المرة أيضا"، مناشدةً السلطات العليا في البلاد "التدخل من أجل إرسال طائرات لإجلاء مغاربة لبنان إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن".