بعد سلسلة الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات الجيش الإسرائيلي على مدن وبلدات بالجنوباللبناني، اليوم الاثنين، جددّ عدد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بلبنان مناشدتهم التعجيل بإرسال طائرات لترحيلهم إلى أرض الوطن، مؤكدين عدم قدرتهم على أداء الأثمنة الملتهبة لتذاكر الرحلات القليلة المتبقيّة، في ظلّ تعليق عدد من شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى لبنان. وبينما قال بعض المغاربة المقيمين بمدن وبلدات الجنوباللبناني، في تصريحات لهسبريس، إنهم يعيشون على وقع حالة من الهلع والرعب جراء الغارات الإسرائيلية التي دمّرت منازل لا تبعد سوى بأمتار قليلة عن منازلهم، يتخوّف البعض الآخر من "زحف الموت" صوب البلدة التي يقيم بها، مؤكدين جميعا عزمهم النزوح صوب العاصمة بيروت "في انتظار شروع السلطات المغربية في عمليات الإجلاء". ونقلت وكالة فرانس برس عن الجيش الإسرائيلي قوله إن الغارات على جنوبلبنان استهدفت أكثر من "300 هدف" لحزب الله، وأن هذه الغارات "تسببت في مقتل أكثر من 270 شخصا، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة، في تصعيد غير مسبوق بين الطرفين منذ نحو عام على خلفية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس". هلع ورعب قالت كريمة، مغربية مقيمة بمدينة صرفند في جنوبلبنان: "نعيش الهلع والرعب جراء القصف العشوائي للطائرات الإسرائيلية التي استهدفت منذ صباح اليوم منازل عدة قريبة من منزلنا، ولا نعلم حتى الآن أي طريقة للخروج"، مضيفة أن "غارة استهدفت منزلا بشارع قريب تسببت في سقوط زوجي من على دراجته النارية، ما أدى إلى إصابته بكسور متوسطة". وتابعت المتحدّثة لجريدة هسبريس الإلكترونية بأن "غالبية الأسر المغربية بالمدينة، وعددها عشرون تقريبا، لم تتمكّن حتى الآن من النزوح إلى العاصمة خوفا من استهداف الغارات الإسرائيلية الطرق المؤدية إليها"، مستغربة "عدم إعلام السفارة المغربية في بيروت مغاربة لبنان بضرورة المغادرة قبل تفاقم الوضع مثلما فعلت دول أخرى كالأردن وبريطانيا مع رعاياها خلال اليومين الماضيين". وأردفت المواطنة المغربية المقيمة بلبنان قائلة: "حاولت التواصل مع عائلتي بالمغرب لتحجز لي تذكرة للعودة في حال استطعت الخروج من المدينة، إلا أنها أكدت تعليق جميع الرحلات الجويّة بين لبنان والمغرب"، مضيفة أن "الرحلات التي مازالت تنطلق من مطارات لبنان هي تلك المتجّهة إلى الإمارات، وثمن تذكرتها يصل إلى عشرة آلاف درهم". وأكدت كريمة، وهي أم لخمسة أبناء، أن "تردي الوضع المادي لغالبية مغاربة لبنان يجعلهم غير قادرين على تأدية هذا الثمن المرتفع، لا سيّما وأن لديهم أبناء"، موردة أن "موظفي السفارة الذين نتواصل معهم يقولون إنهم لم يتوصّلوا بعد بأي تعليمات بخصوص بدء عمليّات إجلائنا من لبنان". "السفارة كانت أكدّت لنا أن عمليّات الترحيل لن تبدأ إلا في حالة وجود حرب معلنة من الطرفين، ولكننا الآن عمليّا في حالة حرب ومناطق الجنوب تحوّلت إلى غزة أخرى"، تستغيث المتحدّثة، مناشدة "جلالة الملك محمد السادس إعطاء تعليماته السامية للمسؤولين بغية إرسال الطائرات الحربية لترحيل مغاربة لبنان إلى الوطن بأسرع وقت ممكن". حري بالذكر أن جريدة هسبريس الإلكترونية حاولت التواصل مع مصدر من سفارة المغرب بلبنان بغية استقاء معطيات بخصوص هذا الموضوع، إلا أنه لم يتسّن لها ذلك، في حين أكد مصدر من الخطوط الملكية المغربية (لارام) أن الشركة لا تتوفّر على خط مباشر بين المغرب ولبنان بعدما كان قد تمّ توقيف العمل به منذ بداية جائحة "كوفيد-19". سيادة الحيرة من ضيعة دامور القريبة من مدينة صيدا، قالت سمية، مغربية مقيمة بلبنان، إن أسرتها "حائرة أين تتوجّه حاليا؛ إذ يطال القصف الإسرائيلي كل البلدات الواقعة على الطريق التي يمكن أن نسلكها للنزوح إلى صيدا أو بيروت، وبعض هذه البلدات كصريفا تضم العديد من المغربيات". وأضافت سمية، في تصريح لهسبريس، أن "القصف العشوائي للبلدات القريبة عمقّ من الدمار النفسي الذي نعيشه وأطفالنا منذ بدء الهجمات بين حزب الله وإسرائيل التي كنّا نعتقد أنها لن تصل أبدا إلى هذا المستوى من التصعيد"، مردفة: "نعيش على أعصابنا وأطفالنا يعيشون هلعا ورعبا مضاعفين جراء أزيز الطائرات الإسرائيلية التي تحلّق في الأجواء". وأكدت أن أسرتها "ستحاول النزوح في حال خفّت وطأة القصف الإسرائيلي في الساعات القليلة القادمة، إلا أن المشكلة أن الرحلات الجوية بين لبنان والمغرب قد تمّ تعليقها وحتى الآن لا تقدّم السفارة أي معطيات واضحة بشأن عمليّة إجلائنا". وأوردت المتحدّثة أن "الطائرات المتوفّرة حاليا هي تلك المتجّهة إلى السعودية أو الإمارات، ولا يقل ثمن تذكرتها عن عشرة آلاف درهم، وهو مبلغ لن تقدر على تأديته العديد من المغربيات اللواتي يعشن ظروفا مزرية أساسا منذ انفجار مرفأ بيروت". فقدان الاتصال قالت أسماء، مغربية مقيمة في لبنان مطلعة على أوضاع الجالية المغربية، "فقدتُ الاتصال بمجموعة من النساء المغربيات القاطنات بمدن وبلدات جنوبلبنان اللواتي كنّ قد أخبرنني بأنهن وأسرهن في الطريق صوب العاصمة اللبنانيةبيروت، بعدما قرر وزير التربية الوطنية فتح مدارسها لاستقبال وإيواء النازحين"، مؤكدة "صعوبة إجراء الاتصالات بسبب تضرر شبكة الاتصالات بالجنوب جراء القصف المتواصل للطائرات الإسرئيلية على المنطقة". وأضافت المتحدثة لهسبريس أن "هؤلاء الذين تركوا منازلهم على عجل يصطحبون معهم أوراقهم الثبوتية من بطائق الهوية وجوازات السفر إلخ، ولا يملكون أموالا كافية لتدبُر مصاريفهم اليومية خلال فترة نزوحهم بمدارس العاصمة"، مشددة على أن "هؤلاء غير قادرين على تأمين أسعار تذاكر الرحلات الجوية المتجهة صوب الإمارات أو السعودية التي لم يتمّ تعليقها بعد". وطالبت المواطنة المغربية "السفارة المغربية بلبنان بالتجاوب مع مكالمات ورسائل مغاربة الجالية ومواكبة أوضاعهم وإرشادهم في هذه الظروف العصيبة"، مناشدة "السلطات التعجيل بتوفير رحلات جويّة لإجلاء الجالية المغاربة ما دامت مطارات لبنان لم تخرج عن الخدمة بعد".