جاء في الحديث أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، فإلى الساكتين عن الحق أوجه كلامي، وكذلك إلى الذين تحملوا أمانة تدبير الشأن العام في جماعاتنا الحضرية والقروية وهم بصدد خيانة تلك الأمانة منذ انتخابهم إلى يوم الله هذا. وبدارج الكلام أخاطبكم: واش عندكم شي وجه باش تقابلو الله سبحانه وتعالى غدا يوم القيامة؟ واش كتعملو شي دويرة في الجماعة وفالدائرة ديالكم مرة مرة؟ ولا ما عندكومش الوقت وكتعاينو الحملة الانتخابية الجاية باش عاوتاني تترشحو وتبيعو وتشريو؟ واش ما كتشوفوش جبال الأزبال وشوهة النفايات والقاذورات التي تزكم الأنوف في كل زنقة وشارع؟ واش كاين شي محاسبة ومراقبة لتنفيذ التدبير المفوض اللي بعتيوه "لشركات" مقربة فاشلة؟ واش كا تظنو بلّي تدبير الشأن العام المحلي هو فقط التصديق على الإمضاء والأوراق والحالة المدنية والزكير على التراخيص؟ وغض الطرف "عند المصلحة" عن الفوضى المستشرية في الأسواق وأوراش البناء والحالة المزرية للطرقات والأزقة... و... و... و... كتقاتلو غير على التفويضات لنيابة الرئيس وشؤون التعمير والرخص والسيارات والليصانص والمارشيات وما إلى ذلك من مكونات "الكاميلة" وبهارات الارتشاء والتعويضات. ما كنتكلمش على المستشارين الشرفاء الذين لا يفرطون في مسؤوليتهم ويؤدون واجبهم تجاه قضايا الساكنة، ولكن شحال عددهم فوسط هاذ الكوارث الجاثمة على كراسي المسؤولية في الجماعات المنتخبة في العديد من المدن والقرى؟ بصراحة، بقدر ما نفتخر بمظاهر العناية الجارية للتأهيل والتجويد العمراني والحضري في بعض مدننا، مثل ما هو واقع في عدد من مناطق العاصمة ومدن الشمال، بقدر ما يحز في النفس الحالة المأساوية لتدبير الشأن المحلي في معظم الجماعات الكبرى والمتوسطة والصغرى، وحتى في الأحياء المهمشة في المدن المشار إليها. الأسباب معلومة، تكون مجتمعة أو بعضها، ولكنها معلومة: – مسؤولية الأحزاب ثابتة في اختيار المرشحين وتتبع أدائهم. – مسؤولية الناخبين ثابتة عند منح أصواتهم لهذا أو ذاك وعدم متابعة أدائه أو بالنكوص عن المشاركة. – مسؤولية الدولة ثابتة في المواظبة على المراقبة والحزم في تفعيل القانون. – الاستهتار وعدم الكفاءة. – هاجس الهريف والاغتناء والاستغلال. – انعدام روح المبادرة وإبداع الحلول أمام عدم توفر الإمكانيات والوسائل الكافية. – انحسار الفعل المدني وسوء استثمار إمكانيات الشراكة التي يتيحها القانون ويضمنها الدستور. والقائمة طويلة... الحاصول، الساكت عن الحق شيطان أخرس. ولكن مصيبتنا فيما نحن عليه أدهى وأمرّ من كل الشياطين.