يرافق الخرجات والتصريحات الإعلامية لعبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري المنتهية ولايته والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، عادة، جدل كبير، ليس بسبب جرأتها؛ ولكن بسبب موجة السخرية التي تثيرها على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يشكك روادها في كل مرة في "الصحة العقلية" لساكن قصر المرادية إثر إدلائه بتصريحات بعيدة عن المواقع وتستفز العقل والمنطق السليمين. بعد الأرقام الفلكية بشأن تحلية مياه البحر وربطه تحرك جيش بلده إلى غزة لبناء مستشفيات بفتح مصر لحدودها مع القطاع، خرج تبون، أول أمس، خلال تجمع انتخابي في وهران، بتصريح جديد أكد من خلاله أن "اقتصاد الجزائر أصبح هو الاقتصاد الثالث في العالم"؛ وهو ما شكل مادة دسمة للمُبحرين على الأنترنيت الذين تفننوا في التهكم على هذا الكلام الذي يجعل الاقتصاد الجزائري على هذا النحو منافسا قويا لاقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين. تعليقا على ذلك، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إنها "ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها الرئيس المعين عبد المجيد تبون بتصريحات غير مسؤولة وغير مدروسة وبعيدة عن الواقعية، سرعان ما تتحول إلى مادة دسمة للسخرية والتهكم على مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفا أن "تبون لديه مشكلة كبيرة في ضبط الأرقام الاقتصادية، ويطلق الكلام على عواهنه دونما أي احتساب للتبعات ولا استذكار لموقعه كرئيس يفترض أن يكون ملما وواعيا بما يقول". وأوضح المتحدث ذاته أن "هذا النوع من التصريحات ينطوي على استحمار لعقول الجزائريين العارفين بحقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلادهم"، مشيرا إلى أن "وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية والخاصة تحاشت نقل هذا التصريح؛ لما فيه من حرج للنظام، ولأنه يؤكد على المستوى المنحط الذي وصل إليه الخطاب السياسي في الجزائر". وشدد الناشط السياسي المعارض، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "جزءا من الأزمة التي تعيشها الجزائر اليوم هي أزمة خطاب ونخب، إثر طغيان نوع معين من الخطاب بعيد كل البعد عن المشاغل اليومية للشعب الجزائري ويحاول تزوير الحقائق والنفخ في الأرقام لحجب حقيقة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطن الجزائري". وأورد بن زهرة أن "النخب السياسية في الجزائر لا تجد أي حرج في الكذب على الشعب والإدلاء بتصريحات بعيدة عن الواقع ولا يمكن لعاقل أن يُصدقها، في استخفاف واضح بذكاء العامة من الناس"، مسجلا في الوقت ذاته أن "هذا الأمر هو ما دفع الجزائريين إلى فقدان الثقة في هذه النخب وفي العملية السياسية ككل؛ لأن كل النخب أصبحت مدجنة، ولا تتحرك إلا ضمن المربع الذي يرسمه النظام".