علمت جريدة هسبريس، من مصادر متطابقة، أن قرابة 100 عنصر مسلح من عناصر ميليشيا البوليساريو في "الناحية العسكرية الأولى" بالرابوني أعلنوا، أمس الثلاثاء، عن حركة انشقاقهم وتمردهم على قيادات الجبهة الانفصالية بسبب تورطها في الفساد، حيث أقدموا على تسليم معداتهم وآلياتهم العسكرية إلى ما يسمى "وزارة الدفاع"، رافضين بذلك مواصلة المرابطة على جبهات القتال. وحسب المصادر ذاتها، التي مدت جريدة هسبريس الإلكترونية بمجموعة من التسجيلات ذات الصلة، فإن هذه العناصر المسلحة سبق أن "دخلت في اعتصام في مقر الناحية منذ قرابة أربعة أشهر، احتجاجا على تورط من يسمى قائد "الناحية العسكرية الأولى" في قضايا فساد، وشكلت لجنة للحوار مع القيادة المركزية في تندوف؛ غير أن انتصار قيادة غالي للمسؤول العسكري الذي تحوم حوله شبهات فساد ورفضها إقالته من منصبه دفع هذه العناصر المسلحة إلى إعلان انشقاقها". تعليقا على ذلك، قال محمد لمين النفاع، قائد فصيل عسكري سابق لدى الجبهة وعضو اللجنة السياسية لحركة "صحراويون من أجل السلام"، إن "تمرد مقاتلي الجبهة ضد القيادة دليل على أن جبهة البوليساريو تعيش لحظاتها الأخيرة، وأن المسألة مسألة وقت فقط"، مضيفا أن "جميع المعطيات اليوم هي ضد هذه الحركة التي نشأت في بيئة ومناخ مغايرين تماما للبيئة الحالية". وأضاف النفاع، في تصريح لهسبريس، أن "الفساد كان دائما موجودا ومتغلغلا في ما يسمى 'المؤسسة العسكرية للبوليساريو'، وكان مسكوتا عنه بسبب الهالة والقدسية التي كانت تتمتع بها؛ غير أن الشباب اليوم أصبح واعيا وتجرأ على ما كان يعد في السابق من الطابوهات"، مسجلا أن "الذراع العسكرية للبوليساريو دون أي هيبة، منذ إعلان غالي العودة إلى ما يسمى الكفاح المسلح". في هذا السياق، أوضح المتحدث ذاته أن "البوليساريو خاضت في بداية نشأتها حربا شرسة ضد المغرب أبلت فيها بلاء حسنا. وبعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، ترسخت في أذهان ساكنة المخيمات صورة الجيش القوي؛ غير أن قرار العودة إلى الحرب وفشل الجبهة في تحقيق أي إنجاز وفقداتها للعديد من المناطق التي كانت تعتبرها مناطق محررة في ظل تطوير المغرب لقدراته الدفاعية نسفا هذه الصورة وكشفا أن بوليساريو اليوم ليست هي بوليساريو الأمس؛ وهو ما أثر على معنويات المقاتلين أنفسهم". في تفاعله مع الموضوع ذاته، قال مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، قيادي عسكري سابق في البوليساريو، ضمن تصريح لهسبريس، إن "هذه الحادثة هي مجرد مؤشر تجل من تجليات الأزمة التي تعيشها جبهة البوليساريو التي توجد اليوم في حالة عجز تنظيمي وقصور في التوجهات والمسار والتفكير الداخلي". وأضاف ولد سيدي مولود أن "البوليساريو ليس لديها أية مؤسسة عسكرية أو جيش بالمفهوم الكلاسيكي؛ بل إن الأمر يتعلق بكتائب منفصلة وغير مترابطة فيما بينها، فقد تجد شخصا مدنيا يقود ناحية عسكرية.. وبالتالي، فإن الجبهة تعاني من أزمة حقيقة ناتجة أساسا عن غياب القيادة؛ لأن القيادة الحالية غير موجودة وغير محسوسة في الشارع ولا تؤثر فيه". وسجل القيادي العسكري السابق في صفوف الجبهة الانفصالية أن هذه الأخيرة تعاني من أزمة قيادة وزعامة؛ ذلك أن "البوليساريو ليست منظومة سياسية ولا حتى عسكرية، ولا تملك أي مؤسسات وإنما توجد فقط مؤسسة الرئاسة أو الزعامة التي تحتكر كل الصلاحيات، بينما باقي الهيئات هي مجرد هيئات صورية"، مشيرا إلى "وجود توجه لتغيير الزعيم الحالي إبراهيم غالي؛ غير أنه لا يوجد في الوقت الحالي منافسون بسبب هيمنة سياسة الحزب والرأي الواحد والأوحد".