عندما ترتفع حرارة الصيف، يبدأ التفكير بالهروب نحو الشواطئ بحثا عن بعض المتعة و الانتعاش. "" وتختلف الشواطئ التي يتم قصدها باختلاف القاصد نفسه و الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها، "فبوزبال" مثلا يقصد الشواطئ المجانية التي يسهر على تسييرها المجالس المنتخبة و التي تعرف ازدحاما كبيرا خصوصا في نهاية الأسبوع، بسبب كل أولائك العمال و الموظفين البسطاء و أيضا "البنّاية" الذين يعتبرون ذلك اليوم فرصتهم الوحيدة للراحة و الشاطئ ملاذهم من هذا الحر. تلك الشواطئ التي لا يسلم فيها أحد، سواء من لصوص "الصْنَادل" الذين يتربصون بملابسك أو "الزْلاّلة" الذين لا يفرقون بين متزوجة و عاهرة –رغم أن بعضهم يقول عن المتزوجة "آش جاية دير؟"- و لا ننسى لاعبوا الكرة الذين رغم الزحام لا يتوانون عن ركلها بكل قوة في اتجاه الأطفال و النساء، مما يجعل الكل يتوجس من الكل. كما تتميز هاته الشواطئ بميزة السب و الشتم بكل أنواع الكلام القبيح و الفاحش، فما إن تمر فتاة من أمام فريق من "الشَمْكارة" لابسة ما يسمى "بالدُوهْ بياس" حتى تنهال عليها كل الصّفات الساقطة التي يندى لها الجبين. و يسهر على تنشيط تلك الشواطئ "مالين الديطاي" و بائعي المثلجات و "البيني". إذا كانت هذه أحوال الاستجمام عند "بوزبال" فإن" الخانزين" فلوس أو الطبقة الراقية تقصد أماكن أخرى تليق بمقامها الرفيع. غالبا ما تقضي طبقة "اللّوكس" عطلتها خارج البلاد في أجمل المواقع السياحية العالمية، تلك المواقع التي لا يعرف عنها أغلب المغاربة سوى أسمائها، بينما شاهد المحظوظ منهم صورها. غير أنه مع الأزمة الاقتصادية العالمية، قد يتنازل بعضهم و يتواضع و يقضي الصيف في بلاده التي هي في حاجة لكل فلس قد ينفق خارجها، ذلك الفلس الذي سينقد لا محالة الآلاف من مناصب الشغل في البلد الذي سينفق فيه، فعسى أن يكون ذلك البلد هو المغرب. رغم أن تلك الطينة من المواطنين لا تستحي أو ربما لا تشعر بالأزمة أصلا، ولن يضرهم عدول وزير الاقتصاد عن قوله و اعترافه بأن المغرب قد تأثر بالأزمة في إشارة لهم بأن "يشدوا الأرض" هذا الصيف. و حتى إن بقوا في أجمل بلد في العالم فلا يعتقد بعضكم بأنه "سيتبَحَرُ" جنبا إلى جنب مع أحد أبناء العائلات الكريمة، فهؤلاء لهم أماكنهم الخاصة للاستجمام. بالإضافة لمسابح الفنادق "اللوكس" و الشواطئ "لبْريفي" ظهرت مشاريع جديدة لتدليل أبناء الحظوة و السعد الميمون خلال الصيف، هي المسابح الكبيرة التي يطلق عليها تجاوزا لقب شاطئ. يقصدها شباب غني، محظوظ و محب للصخب بحسب تعبير معلق قناة (إمْ 6) الفرنسية التي أعدت تقريرا خاصا بأحد تلك الأماكن بمدينة مراكش. مسبح شاسع و مشروبات كحولية بكل أنواعها –في غياب "الماحْيَة" طبعا- بالإضافة لحسناوات بما في الكلمة من معنى، يتمايلن بملابس السباحة على نغمات الموسيقى الصاخبة. و بما أن تلك الأماكن تبقى عمومية، على أية حال، فإن أصحابها وضعوا أثمنه خيالية لضمان بقائها خاصّة "بولاد لفْشوشْ"، بذلك حتى و إن تجرأ أحد من "كحل الراس" على القدوم سيجد نفسه مجبورا على دفع أكثر من 150 درهم مقابل السماح له بأن "يتسَرَّحَ" فوق فوطة بالجانب البعيد من المسبح، هذا طبعا إذا حصل على إذن الدخول خصوصا في ذروة الموسم السياحي، حيث يتم الحجز مسبقا للدخول. أما من ضَربته النفس و دفع ال150 درهم و هي أقل ثمن يدفع، فإني أضمن لكم أنه لن يعاود الكَرّة لما سيحس من "حُگرة" وهو يجلس في أرخص مكان. أما إذا أردت أن تعامَل معاملة كبار الشخصيات و تحصل على سرير "في أَيْ بي" بالقرب من منصة الرقص لتشاهد عن قرب تناسق العضلات بالإضافة لكأس من النبيذ الغالي بالمجان، فما عليك سوى دفع حوالي 3500 درهم، و عندها سيسمح لك "بتَجْباد" رجليك بالقرب من السائحات الفاتنات و بنات العائلات المرموقة. المبلغ ليس بالكبير خصوصا إذا علمنا أنه سيكون عليك جمع رجليك و العودة للبيت في المساء. وأمام هذه الأثمنه الخيالية، فإن دور المغاربة يبقى مقتصرا في الغالب على التنشيط و تقديم الخدمات، خصوصا خدمتي التدليك و توصيل المشروبات اللتين تسهر عليهما شابات مغربيات متخرجات من معاهد السياحة و الفندقة. تجدر الإشارة إلى أن أحد تلك الأماكن حقق ربحا صافيا قدر بخمس مائة ألف أوروا سنة 2007 و سأترك لكم عملية تحويل المبلغ إلى الدرهم المسكين و هو ما سيعطيكم فكرة عن عدد أبناء المحظوظين الذين يعيشون بيننا. كانت هذه مشاهد من بعض الأماكن التي يقصدها المغاربة في الصيف للاستجمام، فهل قررت أين ستقضي الصيف؟