يبدو أن جبهة البوليساريو تعول على دور بعض الأحزاب والفصائل معروفة الأهداف والتوجهات، في المشرق العربي، خاصة في لبنانوسوريا، من أجل اختراق حالة الإجماع العربي الداعمة للسيادة المغربية على الصحراء، إذ جرى هذا الأسبوع تنظيم ندوة في بيروت من أجل الترويج لأطروحة الانفصال التي خفت بريقها في الساحة الدولية أمام تزايد اقتناع المنتظم الدولي بعدم جدواها، كونها عاملا من عوامل اللاستقرار في المنطقة. الندوة التي نظمتها ما تسمى "ممثلية جبهة البوليساريو في المشرق العربي"، إلى جانب حزب قومي يدعى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، شارك فيها لبنانيون وفلسطينيون داعمون للانفصال في الصحراء، محاولين مقارنة اللامقارن من خلال ادعاء وجود تشابه ما بين قضية الصحراء والقضية الفلسطينية، والترويج لمجموعة من الأكاذيب والمغالطات التي يدحضها الواقع والتاريخ. في هذا الإطار قال محمد سالم عبد الفتاح، باحث في شؤون الصحراء، إن "اختيار لبنان من طرف الدعاية الانفصالية من أجل تنظيم هكذا ندوات يأتي في سياق محاولات استغلال الوضع الأمني والسياسي في الداخل اللبناني، وتصاعد أدوار بعض الأحزاب الهامشية التي تتقاطع أجنداتها الوظيفية مع أجندة البوليساريو، من أجل ضرب واختراق حالة الإجماع العربي حول دعم الوحدة الترابية للمملكة ورفض المشروع الانفصالي في الصحراء". وأضاف عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن "الطرح الانفصالي ظل مرفوضا في الساحة العربية، نظرا لتعارضه مع مبدأ الوحدة والتضامن العربيين، إذ عجز عن إيجاد موطئ قدم له في المشهد العربي منذ ظهوره، وخاصة بعد تصحيح ليبيا معمر القذافي موقفها، لتبقى بذلك الجزائر حالة معزولة في الساحة العربية". وسجل المتحدث ذاته أن "المشروع الانفصالي في الصحراء المغربية يراهن على دوائر سياسية ضيقة في الساحة اللبنانية، ترتبط بأجندات إقليمية ودولية غرضها ضرب الوحدة العربية ومعاكسة المصالح الإستراتيجية للدول العربية"، مشددا على أنه "لا يمكن مقارنة قضية الصحراء بالقضية الفلسطينية، نظرا لغياب أوجه التشابه بين القضيتين، إذ ينطلق الفلسطينيون من منطلقات عقدية ومظلومية تاريخية واضحة، كما تشارك كل الفصائل الفلسطينية باختلاف توجهاتها الفكرية في النضال، بينما تفتقر البوليساريو للحجج التاريخية وتراهن على سياسة الحزب الواحد وقمع الأصوات المعارضة". من جانبه، أورد محمد عطيف، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن "الجبهة الانفصالية تريد من خلال هذه التحركات أن تبعث برسائل إلى الساكنة المحتجزة في المخيمات، كونها تحظى بدعم من بعض الدول العربية، في حين أن الحقيقة أن كل بيانات جامعة الدول العربية تؤكد التزامها الراسخ بوحدة الدول وسلامة أراضيها ورفضها كل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول". وأوضح عطيف أن "مشروع الانفصال فقد بريقه، ليس فقط في الساحة العربية، وإنما أيضا في الساحة الدولية أمام اقتناع المنتظم الدولي بأهمية تعزيز تماسك الدول الوطنية من أجل مواجهة التحولات الأمنية والسياسية الراهنة"، مؤكدا أن "البوليساريو إنما تراهن على بعض الأحزاب والفصائل في سورياولبنان وفلسطين، التي مازالت تخضع لإملاءات الجزائر التي تضغط عليها لمقاومة موت الطرح الانفصالي". وأشار المصرح لهسبريس إلى أن "المواقف الرسمية للدول واضحة في هذا الإطار، وكلها تدعم السيادة المغربية على الصحراء، وبالتالي فإن المحاولات الانفصالية لإثبات عكس ذلك إنما هي اعتراف بالفشل الدبلوماسي الذريع الذي تكبده داعمو الأطروحة الانفصالية في السنوات الأخيرة، من خلال الرهان على مواقف أحزاب غير مؤثرة وخاضعة لأجندات خارجية معروفة، ولقرار يُصنع في طهران، من أجل معاكسة الإرادة العربية المشتركة".