ناقش خبراء ومسؤولون تأثير الرقمنة على التنمية السياحية في المغرب، حيث ركزوا على دور التكنولوجيات الحديثة في تعزيز جاذبية الوجهات السياحية وتقليص التكاليف التشغيلية والترويجية وتحسن تجربة السياح، خصوصا خلال الفترة الراهنة التي تعرف استثمارات مكثفة في البنية التحتية وتحديدا تلك المرتبطة بالاتصالات والأنترنيت. وركز المتدخلون ضمن ندوة عقدت على هامش ملتقى "جيتكس إفريقيا" المغرب بمراكش، تحت عنوان "الرقمنة رافعة للتنمية السياحية"، على أهمية توظيف الرقمنة في تطوير وتحسن مردودية تجربة السياح، خصوصا ما يتعلق بالإنفاق؛ من خلال تتبع مراحل السفر التي تبدأ بالفكرة ثم تنتقل إلى التنفيذ إلى غاية نهاية الرحلة السياحية، موضحين أن حدث "مونديال 2030" الذي يرتقب أن يستضيفه المغرب وإسبانيا والبرتغال يمثل فرصة مهمة لتسريح الانتقال الرقمي في القطاع لسياحي وتحقيق أعلى مستوى من الاستفادة الاقتصادية لهذا القطاع الحيوي. وشدد المسؤولون الحاضرون على ضرورة تنسيق السياسات العمومية الخاصة بالرقمنة بين مختلف القطاعات الاقتصادية لغاية ضمان نجاعة الاستثمارات، خصوصا في البنية التحتية وقواعد البيانات الكبرى، معتبرين أن القطاع السياحي بين الأوائل الذين تبنوا الأنترنيت في تسويق وتدبير الخدمات السياحية والفندقية، قبل أن تتمركز الرقمنة سببا مباشرا وراء جذب 40 في المائة من السياح الأجانب إلى المغرب اليوم. "تجربة السائح" أكد إبراهيم وامان، مدير عام بيئة الأعمال الرقمية بوكالة التنمية الرقمية، أن القطاع السياحي المغربي بحاجة إلى فاعلين جدد يقدمون حلولا مبتكرة تتماشى مع متطلبات السوق السياحية العالمية، مؤكدا أن السوق الوطنية في حاجة ماسة إلى تأسيس قواعد بيانات وتغذيتها بمعطيات محينة حول مختلف الخدمات المرتبطة بالقطاع السياحي والاعتماد على محللي بيانات من أجل دراستها والخروج باستنتاجات عملية تتيح تطوير وتنويع قنوات التسويق وتحقيق الاستفادة الاقتصادية من الأنشطة السياحية والفندقية. وركز رضوان الحلوي، رئيس فيدرالية تكنولوجيات المعلوميات والاتصال والأوفشورينغ، خلال تعقيب له ضمن الندوة ذاتها، على أهمية توظيف الرقمنة في مختلف مراحل "تجربة السائح"، سواء على مستوى اتخاذ قرار السفر والحجز والتنقل وكذا التسويق "الشوبينغ" وزيارة الوجهات السياحية المختلفة الساحلية والجبلية والصحراوية، مشيرا إلى أن رقمنة كل مرحلة على حدة من شأنه رفع المردودية الاقتصادية والمالية للقطاع السياحي وتحفيز الإنفاق الذي يمثل "بارومتر" الأداء السياحي ومحدد مدى الاستفادة من عائدات العملة الصعبة. من جهته، نبه عماد برقاد، مدير عام الشركة المغربية للهندسة السياحية، في تصريح لهسبريس على هامش الحدث، إلى عمل مؤسسته بشكل رئيسي على تنسيق خطط الرقمنة في القطاع، من أجل تحسين "تجربة السائح" التي تشكل رافعة للتنمية السياحية بالمغرب، مشددا على أن تسريع الانتقال الرقمي في القطاع سيرفع عدد السياح الوافدين بواسطة القنوات الرقمية بزائد 30 في المائة مستقبلا، ليصل إجمالي عدد السياح الذين تم جذبهم عبر نوافذ رقمية إلى 70 في المائة، مشيرا في السياق ذاته إلى أهمية تطوير مشاريع الرقمنة بحلول 2026، التي تمثل نصف الفترة الحاسمة لبلوغ الأهداف (2030). الذكاء الاصطناعي كشفت ناتاليا بايونا، المديرة التنفيذية للسياحة بمنظمة الأممالمتحدة، خلال مداخلة عن بعد ضمن أشغال الندوة ذاتها، عن ثورة تكنولوجية قادمة في القطاع السياحي العالمي، موضحة أنه القطاع الوحيد الذي أثبت قدرة استثنائية على إعادة تجديد نفسه بعد جائحة كورونا، موضحة أن حجم استثمارات القطاع في الرقمنة قفز خلال الخمس سنوات الأخيرة إلى 2.48 ملايير دولار، علما أن 21 في المائة من هذه الاستثمارات همت أوربا وحدها، مشيرة إلى أن مستقبل القطاع يكمن في حسن توظيف الذكاء الاصطناعي واستغلال قواعد البيانات الكبرى. وفي الاتجاه نفسه، قال جاسون شين، الرئيس المدير العام ل"هواوي" المغرب، إن "رؤيتنا واضحة حول تطوير السياحة الذكية في المغرب، خاصة في هذا الوقت الذي نقيم فيه جهودنا وأهدافنا المشتركة لتشكيل المستقبل الرقمي للمغرب". وأوضح الرئيس المدير العام ل"هواوي" المغرب، في مداخلة له، أن التكنولوجيا حوّلت مختلف الصناعات، وقطاع السياحة ليس استثناء. واعتبر شين أن "هواوي" ملتزمة بشكل عميق بدعم أجندة التحول الرقمي الاستثنائية في المغرب، حيث تركز استراتيجية المجموعة على تعزيز الابتكار وتحسين البنية التحتية الرقمية ودعم التحول الرقمي في مختلف الصناعات؛ مثل السياحة، والاتصالات والحكامة، والمالية، والنقل، والماء والكهرباء. وعاد عماد برقاد، مدير عام الشركة المغربية للهندسة السياحية، للتأكيد على اعتماد المؤسسة مجموعة من الإجراءات لتحفيز الفاعلين في القطاع السياحي على تبني التكنولوجيات المبتكرة، مشيرا في هذا الشأن إلى الإجراءات الممولة في إطار الدعم الذي قدم للفنادق وفي إطار مبادرة "مقاولة سياحية". وشدد برقاد أيضا على أهمية التشجيع على تبني التكنولوجيات الحديثة في تصور وإعداد المنتوجات السياحية، مستدلا على ذلك بالتطور الحاصل في عروض "الغايمينغ" التي مكنت من جذب عدد مهم من السياح.