باتت السياحة، على غرار باقي القطاعات، تعتمد الرقمنة على نحو متزايد، مما يكفل للمسافرين الاستمتاع بتجارب سياحية ذات قيمة مضافة قصوى تستجيب لأذواقهم. ويتم الاعتماد أكثر فأكثر على الرقمنة استجابة لانتظارات المسافرين، الذين ما فتئ ارتباطهم بالأنترنت يزداد يوما عن آخر، حيث أصبحوا يفضلون اللجوء، لا سيما إبان الأزمة الصحية الراهنة، إلى المنصات الرقمية (مواقع الأنترنت، تطبيقات الهاتف، وسائل التواصل الاجتماعية، وغيرها) كونها تراعي متطلباتهم وأذواقهم في ما يخص القرب ووضوح الرؤية، والسرعة، وخاصة الاختيار. وفي هذا الإطار، أكد مؤسس منصة تهتم بأنشطة الأسفار، بدر شبار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "العادات الاستهلاكية للمسافرين عبر العالم قد شهدت تحولا جذريا بفضل التحول الرقمي"، مشيرا إلى أن جائحة فيروس كورونا عززت عملية التحول الرقمي هاته في قطاع السياحة. وأضاف أنه في الوقت الراهن، بات المسافرون الذين يرغبون في توسيع الخيارات المتاحة أمامهم ويشترطون مرونة العروض السياحية، أكثر إقبالا على المنصات الرقمية، مبرزا أن الفاعلين السياحيين يسعون للحضور على هذه المنصات ومواصلة التأقلم مع الواقع الجديد بغية تقديم أفضل العروض. ولتلبية هذا الطلب المتزايد على مرونة العروض السياحية وتجنب اضطرار المسافر إلى "الحجز" في عدة مواقع، يعمل الفاعلون السياحيون على تقديم حلول تكفل لهم الولوج الديناميكي إلى المصادر (الفنادق، والجولات السياحية، ورحلات الطيران، وخدمات التأجير، والأنشطة)، واقتراح مجموعة من العروض التي تلبي رغباتهم وتناسب قدراتهم المالية. وهكذا، يمكن لمستخدم الأنترنت مقارنة العروض المتاحة وطنيا أو دوليا على المنصة الرقمية، أو تشكيل العرض المناسب له بنفسه أو حتى اختيار خدمات السفر بشكل منفصل. وقال السيد شبار إن "العديد من المواقع وتطبيقات الهاتف المحمول تتيح في الآن نفسه إجراء الحجوزات وإيجاد تذاكر الطائرة وتضمين الأنشطة أو المطاعم، من بين أمور أخرى"، مؤكدا على أنه يجب على المسافرين أن يظلوا يقظين أثناء ولوجهم لبعض المواقع بالنظر إلى المخاطر المتعلقة بالمعطيات الشخصية. علاوة على ذلك، أبرز المؤسس الشاب لهاته المنصة الرقمية أهمية تنفيذ الفاعلين السياحيين لبعض إجراءات التسويق الرقمي التي تمكن المقاولات من تحقيق نتائج ملموسة. وتابع "التسويق الرقمي يحظى، في الآونة الأخيرة، باهتمام العديد من الشركات متعددة الجنسيات التي تعتبر هذه الممارسة وسيلة أساسية لتحديد الفئات المستهدفة بدقة وفي وقت قياسي". وأشار السيد شبار، في هذا الصدد، إلى أن منصته تركز جهودها على عدة رافعات، بما في ذلك التسويق من خلال عنصري التسويق المدفوع والتسويق بالعمولة. وقال "نركز على إرساء المتابعة والرصد لتحسين النفقات ومعدل التحويل ونشتغل باستمرار على المحتوى لتحفيز المشاركة". وخلص إلى ضرورة تحفيز الابتكار في القطاع السياحي وتعزيز تنمية الشركات الناشئة (ستارتاب) المغربية، فضلا عن تيسير ولوج هذه المقاولات إلى التمويلات، وبالخصوص إدماجها بشكل أفضل في المنظومة السياحية. من جهته، قال رشيد، وهو صاحب وكالة أسفار بالرباط ، إن العديد من زبائنه، وخاصة الشباب، يفضلون حجز إقاماتهم السياحية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما (إنستغرام). وأضاف أن "غالبية أنشطتنا معروضة على شبكات التواصل الاجتماعي، ومقرونة باقتراحات وآراء أيضا"، مضيف ا أن "الزبون يحصل على فكرة أوضح عن عروضنا من خلال مشاهدة مقاطع فيديو من رحلات سابقة". وأشار إلى أنه يمكنه أيض ا الاطلاع على الأسعار والعروض المتاحة والأماكن المتبقية ببضع نقرات وإجراء الحجز دون الحاجة إلى التوجه إلى الوكالة. + الرقمنة في صلب عمل المكتب الوطني المغربي للسياحة. انخرط المكتب الوطني المغربي للسياحة في سيرورة الاتجاه نحو الرقمنة، لا سيما في سياق الجائحة. ومن هذا المنطلق، شرع المكتب في العديد من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين عرضه من خلال الرقمنة، بما في ذلك تعزيز استراتيجية حضور "وجهة المغرب" على الشبكات الاجتماعية. ويتعلق الأمر بإضفاء "التميز" على العلامة السياحية المغربية باستخدام منصات رقمية قادرة على مواجهة المنافسة الإقليمية والدولية. الواقع أن الرقمنة فرضت تحولات جذرية على القطاع السياحي، ووحدهم الفاعلون القادرون على التكيف مع هذه البيئة الرقمية الجديدة سيكون بإمكانهم رفع التحدي الكبير للقطاع ما بعد جائحة كوفيد-19، المتمثل في جذب أكبر عدد من السياح إلى بلدانهم.