بقوة وحزم من "عاصمة سوس"، لم يتردد عدد من قياديِّي حزب التجمع الوطني للأحرار أعضاء المكتب السياسي في الرد على "رسالة مفتوحة" كان قد وجّهَها حزب التقدم والاشتراكية، المصطف في المعارضة، بحر هذا الأسبوع، إلى رئيس الحكومة، منتقدا فيها الحصيلة المرحلية لنصف الولاية. أبرز الردود وأقواها جاء من راشيد الطالبي العلمي، الذي لم يتوان في مخاطبة نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب "الكتاب"، بالقول إن "الأحرار حزب يراهن على تحقيق التنمية، وليس الصراع من أجل الكراسي". واعتلى القيادي التجمعي منصة "اللقاء الوطني لتقديم رؤية الحزب للارتقاء بعمل الجماعات الترابية والغرف المهنية"، المنعقد اليوم السبت في أكادير، ل"تقطير الشمع على الرفاق" بعد الرسالة التي وجهها الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى رئيس الحكومة منتقداً فيها الحصيلة المرحلية للحكومة. "حزب الكتاب توقَّف عند سنة 1991 قبل سقوط جدار برلين"، يورد العلمي، معتبرا أن "وظيفة النخب السياسية في القرن الواحد والعشرين هي تحقيق التنمية كما يراهِنُ عليها حزب الأحرار، وليس الصراع من أجل الكرسي كما يفعل حزب التقدم والاشتراكية". عضو المكتب السياسي للأحرار تابع حديثه بعملية "استرجاع تاريخي" (فلاش باك) منبهًا إلى "ما فشل فيه التقدم والاشتراكية أثناء تحمّله المسؤولية التدبيرية لعدد من قطاعات الحكومات السابقة"، خاصا بالذكر "تأخر إنشاء المشاريع المتعلقة بالماء، وقطاع الإسكان والتعمير وكذا قطاع الصحة"، موضحا أن رفاق بنعبد الله يُغَلبون الميل إلى انتقاد الحكومة مستعينين ب"الشكليات وتهريب النقاش"، حسب توصيفه. القيادي التجمعي ذاته لم يفته التذكير بحقائق "الشرعية الانتخابية لحزب الحمامة"، مستدلا على ذلك بأن "ثلُث النخبة السياسية في المغرب تبقى تجمّعية عقب الاستحقاقات الانتخابية لسنة (2021)"، مستحضراً "فضل حكمة وحنكة رئيس الحزب، عزيز أخنوش، وتأطير قيادة الحزب لإعداد الخَلَف الذي يضع مستقبل تنمية المغرب في أياد أمينة"، وفق تعبيره. وقبل نزوله من المنصة، فاسحاً المجال لقيادات أخرى، قال الطالبي العلمي شارحا: "كنتُ مضطرّا لإنزال المستوى والحديث هكذا لإجابة البعض الذي يعتبر نفسه فوق الجميع مانحاً نفسه صلاحيات معينة... ولوْ تم إنجاز المهام التي أوكلت لكم (يقصد التقدم والاشتراكية) لمَا خرج فيها بلاغ ملكي لا يسمح لكم بتحمل المسؤولية مستقبلا". "رسائل الانتصار" على المسار نفسه سار محمد أوجار، عضو المكتب السياسي ل"RNI"، الذي قال ضمن كلمة له إن المشهد السياسي بالمغرب مازال يتضمن "كائنات سياسية؛ عوَض الاشتغال، فإن النجاح يُغضبها بشكل لا تتحمّله". ووضع أوجار في "بريد الرفاق" رسالة واضحة مفادها أن "المعارضة عليها أن تنكبّ على بناء أحزابها، وأن تجعل التجمع نموذجاً حياً في الاشتغال وتأطير المواطنين"، موردا في انتقاد مبطن أن "تحرير رسائل لا أثر لها وتوجيه اتهامات لا أساس لها، لا يمكنها إلاّ بناء نجاح وهمي أو البحث عن البوز". وعدّ القيادي التجمعي المخضرم أن "اللجوء إلى التشويش بإرسال الرسائل وتنظيم الندوات أو صنع البوز (buzz) لمعارضة النجاح، لن يؤتي أكله"، قبل أن يعلن بالصريح "فوز حزب الأحرار بانتخابات 2026 لأننا سنذهب للمغاربة بوجهنا حْمْر"، مردفا: "إننا مستعدون لانتداب جديد، والنجاح المحقق مع حكومة أخنوش لم يحدُث في تاريخ المغرب"، وفق تقديره. "سلوك منحرف بالسياسة" من جهته، تعرّض مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ضمن كلمته في اللقاء الوطني للمنتخبين الأحرار، إلى الموضوع ذاته، وقال في رده على رسالة "التقدم والاشتراكية": "سُلوككم سيؤدي إلى انحراف السياسة، بينما المساءلة تكون في البرلمان". وتابع مقطراً الشمع على طريقة مراسلة حزب من المعارضة رئاسة الحكومة برسالة مفتوحة: "أحزاب الأغلبية لديها حرص على احترام الدستور، في المقابل هناك حزب سياسي يريد عرقلة الآلية الديمقراطية داخل البرلمان"، قبل أن يزيد معلقاً: "هذا الأسلوب تفهَّمناه سابقا، لكن اليوم ظَهَر أن هذا السلوك سيؤدي إلى انحراف العملية السياسية". بايتاس أوضح أن "الحزب الذي يرأسه نبيل بنعبد الله عوض أن يطبق الفصل 100 أو 101 من الدستور المتعلق بمساءلة رئيس الحكومة في البرلمان، فَرض على الحكومة أن ترد على بعض الورقات التي يكتبها بعض الوافدين الجدد بشكل انفعالي، رغبة منهم في أنْ يدخلوا لمؤسسات الدولة"، قبل أن يسترسل معلقا: "من يريد أن يدخل للمؤسسات يَجب أن يتقدم للانتخابات وأن يقبله الناس". "ذكاء جماعي لمُنتخبي الأحرار" لقاء منتخبي الأحرار، بعد جولاتهم الجهوية طيلة سنة ونيف، لم يغب عنه صوت عبد الله غازي، رئيس "الفيدرالية الوطنية للمنتخبين التجمعيين"، الذي أكد أن "حزب التجمع الوطني للأحرار خلَق القطيعة مع منطق الظرفية المعهودة في العمل الحزبي، عبر عقده حوارًا جهويا كرسته المنتديات الجهوية للمنتخبين التجمعيين". وسجل غازي أن "هذا اللقاء يتوّج دينامية سنة كاملة من مسار عمل القرب الذي باشره حزب الأحرار في المنتديات الجهوية"، لافتا إلى "وعي الحزب بأن التنمية المحلية هي أمّ المعارك وسيدة الانشغالات"، حسب تعبيره. "مسار التنمية لم يختزله حزب الأحرار في أنصاف الحلول، بل جعله فرصة سانحة للذهاب به إلى أبعد الحدود"، يورد غازي، مذكرا بأن الجولات الجهوية للمنتخبين التجمعيين استدْعَت ترصيد جهود الذكاء الجماعي لأكثر من 10 آلاف منتخب(ة) تجمعي(ة)، يؤمنون ب"قناعة بأن تخليق ونزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة، يُقابِله حق المنتخب في وضع اعتباري يصون كرامته".