بتألقها المعهود، ومذاقها المشهود، لم تغب التمور المغربية، المنتجة محليا خصوصا بجهتي الشرق ودرعة–تافيلالت، عن أنظار وأكياس تَبَضُّع عدد من الزوار الذين توافدوا بكثافة على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، المختتمة دورته السادسة عشرة اليوم الأحد؛ فيما كان الإقبال الكبير عنوانَ اليومَين الأخيرين من فعاليات الملتقى، الذي تزامن ختامُه مع أيام نهاية الأسبوع. وخلال جولة بأروقة وخيام مجهَّزة خصيصا لفائدة تعاونيات ومجموعات ذات نفع اقتصادي متعددة الأنشطة والخدمات، ضمن "قطب المنتوجات المحلية"، عاينت جريدة هسبريس الإلكترونية إقبالا متزايدا واهتماما نالتْه معروضات التمور المحلية، لا سيما بالنسبة لأصناف ذات جودة عالية. تباين الجودة والثمن إبراهيم آيت بويهريج، عن تعاونية الفلاحية "أكرُّوز" بجهة درعة-تافيلالت، شرَح لجريدة هسبريس أن المنطقة التي ينتمي إليها تعرف إنتاج أصناف متعددة من التمور المحلية ("المجهول، الفكُّوس، تارْزاوة...") موردا: "...جئنا للمشاركة في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب بهذه الأصناف ذات الجودة العالية والطبيعية التي لاقت إقبالا، بينما الأثمنة تتباين حسب نوعية التمر وجودته". وتابع في رسالة إلى المسؤولين عن سلسلة القيمة في صناعة وإنتاج وتسويق التمور: "نأمل أن يُسَهّلوا مشاركتنا في معارض وملتقيات مهنية مماثلة بجهات أخرى لعرض منتجاتنا والتعريف به". وجوابا عن سؤال لهسبريس حول أثر الجفاف على إنتاجية وأثمان التمور المغربية، قال صاحب التعاونية نفسها: "هناك فعلا مناطق أوْقَفت إنتاجيتها من التمور المحلية، مقابل وجود مناطق ما زالت تتعايش وتحافظ على استمرارية الإنتاج رغم تداعيات سنوات الجفاف بالجهة؛ ولكن هذا يبقى أمْر الله، وعلينا قبوله". من جهته، أفاد رشيد المالكي، أمين المجموعة ذات النفع الاقتصادي لتُمور واد بوعنان بإقليم فكيك – جهة الشرق، بأن "مشاركتنا هذه السنة تعدّ الثانية في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، فقد تميّزت بإقبال كثيف، وظروف تنظيم أحسن من السنة الماضية"، مُقرا في نبرة اعتراف بالجميل: "هذا ساهم بشكل كبير في رفع نسبة الإقبال وتوفير ظروف تسويق وبيع أفضل". "مجموعتُنا تضم 12 تعاونية بعددِ منخرطين يصل إلى 460 منخرطا ومُنخرِطة"، تابع مهنيُّ التمور نفسه مؤكدا أننا "نعمل على تثمين إنتاج تمور محلية طبيعية (بْيُو)، بمختلف أصنافها ومعايير جودتها، فضلا عن الأحجام المعروضة بالبيع (المَجْهول، الفكُّوس، الخَلْط...)". أما عن الأثمنة، فهي بحسبه، "تبقى، عموما، مُناسِبة حسب الأصناف ونوعية الجودة فضلا عن حجم المَقاس، ولاحظنا إقبال الزوار بكثافة على اقتناء التمور المحلية المغربية". التمور المحلية المصنفة حاضرة كما حضرت بالرواق ذاته، ضمن معرض "سيام 2024′′، المجموعة الفلاحية ذات النفع الاقتصادي "مزكيطة" بجهة درعة تافيلالت تافيلالت (إقليم زاكورة)، المختصة في إنتاج وتثمين وتسويق التمور، فضلا عن تبريدها وتخزينها مع فرز أصنافها ذات الجودة العالية، ممثلة بعضوها عبد العالي حمّو ناصر، الذي أشاد بتنظيم الملتقى في ظرفية تشهد انتعاشة في ترويج التمور المحلية، خاصا بالذكر "مجموعة من أنواع التمور ذات جودة عالية أبرزها المجهول والفكُّوس، بوستحمّي والجيهْل". وقال شارحا ل هسبريس: "هنا حاولنا عرض تمور عالية الجودة بثمن رمزي لمساعدة زوار المعرض على اقتنائها وتذوقها، بما يسهِم في زيادة إشعاعها وتكثيف الإقبال على شرائها في مناسبات لاحقة". "لمْ نأت هنا لعَرض منتجاتنا على أساس ربحي مَحض؛ بل على أساس تمكين المغاربة من تذوّق تمور زاكورة التي تتميز بجودة عالية وعدد من المواصفات الصحية (غني بالبروتينات، غني بعدد من الفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان)..."، أضاف حمّو ناصر. "تعرضت سلسلة التمور، في السنوات الأخيرة، لمجموعة من الآفات والظواهر؛ كان أبرزها توالي الجفاف وحرائق الواحات، التي أثّرت أساسا على إنتاجيته.. ومن المعلوم أن ضَعف الإنتاجية ترفع الثمن في النهاية؛ غير أننا حاولنا مراعاة القدرة الشرائية للمواطن مع محاولة كسب زبناء جدد من مناطق مغربية متعددة للتعريف بتمور زاكورة". كما لفت إلى أن "مجموعة مزكيطة بزاكورة قد اقتحمت بنجاح جميع الأسواق الداخلية، قبل أن تُحقق الهدف الأعلى بالوصول إلى أسواق خارجية أوروبية (أبرزها تسويق صنف المجهول في بلجيكا وإيطاليا وضمان توزيعها في الاتحاد الأوروبي بأكمله)"، وفق إفاداته. أما يوسف عيسى، نائب رئيس "تعاونية القصور" للتمور ومشتقاتها بمدينة فكيك، المشتهرة بنوعية صنف "أزيزا"، فقد شدد على دور التعاونية في جمع شتات 19 متعاونا؛ (من بينهم 12 متعاونة و7 متعاونين)، مُعلّقا بالقول: "تفاجأنا، ونحن نشارك بمعرض مكناس للفلاحة، بحجم الإقبال الكبير على نوعية "أزيزا"، التي نحاول جعلها متوافرة بانتشار كبير يضمن جودة الصنف، وكذا ضمان سمعة تمور المنطقة". "باعتبارنا مهنيين متخصصين في سلسلة إنتاج وتثمين التمور، فالمعرض الفلاحي الدولي ساعدَنا كثيرا، من خلال فضاء خاص هو "قطب المنتجات المجالية المحلية"، لنُطبّق نهج سياسة قرب من المستهلكين والزبناء الراغبين في اقتناء أصناف ذات جودة عالية، فضلا عن فوائدها الصحية"، معترفا بكون "تأثير الجفاف وتوالي سِنِينه يبقى أمرا واقعا، "ولكن نْطلبُو من الله يرحْمنا"، ختم المتحدث بنبرة أمل.