في خضم الأزمة المتعددة الأبعاد والتحولات العميقة التي تعرفها المنظومة الإنتاجية المتوحشة العالمية بفعل تفاقم الفقر والفوارق الطبقية والحرمان في صفوف الطبقة العاملة والطبقة الوسطى والهشة والشباب بشكل غير مسبوق وازدياد الثروة في أيدي أقلية، سواء على المستوى القومي أو الجهوي أو العالمي فإن الحاجة اليوم إلى ماركس رمز الاقتصاد السياسي النقدي في الدفاع المستميت عن العمل والفقراء، تطرح بإلحاح لما في ذلك من ضبط لتناقضات الدولة الاجتماعية. وهناك عوامل مركبة عديدة تستدعي إعادة التفكير في الإرث الاقتصادي الكلاسيكي في إصلاح الليبرالية الاحتكارية المتوحشة، من خلال الرجوع إلى قراءة كتابات وأفكار ماركس لاستخراج حلول جديدة وثمينة حول الاشتغال الجديد لليبرالية في الاستغلال الفادح لرأس المال للعمل، على الرغم من كون الليبرالية تتغدى من تناقضاتها وأزماتها البنيوية المتتالية. وتتجلى هذه الأهمية في العناصر الجوهرية الآتية : 1- انهزام المنظمات الدولية الإدارية والمالية والتجارية والأمنية العالمية في الدفاع عن السلام العالمي والعدالة والمساواة أمام القانون وضمان حقوق الإنسان والبلدان المعذبة والمستضعفة في الأرض في التنمية عبر انحيازها السافر لخدمة رأس المال والإمبريالية العالمية والقوى الغربية الكبرى، على حساب إهدار الحقوق الإنسانية الجوهرية من تغدية وشغل وتعليم وتثقيف وتطبيب ورعاية اجتماعية شاملة. 2- تنامي النفقات العسكرية وثقل المديونية الخارجية وممارسات التبذير والريع ونفقات الترف ضمن الاقتصاد العالمي وتعدد النزاعات والحروب و ظهور قوى جديدة عظمى تتحكم في البنى التحتية لمنظومة الانتاج عبر السيطرة على المشاعات العامة من بحار ومحيطات ومضايق و امدادات اللوجستية والكابلات البحرية لتدفق البيانات عبر سيطرتها الشاملة على اقتصاد المعرفة والبحث العلمي والإعلام . 3- المساعدة على فهم نمط الإنتاج اللبرالي والقطبية الدولية في بنية رأس المال والعمل وتناقضاته في مجال التراكم العالمي الجديد في ما يخص أساسا بنية رأس المال والعمل وتمركز الثروة في يد حفنة قليلة من البشر الأثرياء. 4- الاستغلال الفاحش لثروات بلدان الجنوب وتنامي الجشع وتسليع الحياة الاجتماعية وتزايد غير مسبوق لوثيرة الفساد وتهريب الأموال والمتاجرة في المخدرات، في غياب مؤسسات فعالة للحكامة تسهر على المساءلة والشفافية وصيانة المال، سواء منه العام أو الخاص. 5- إفلاس المؤسسات التمثيلية سواء منها المحلية أو القومية أو الدولية وكذا فشل النقابات والأحزاب في الدفاع وتأطير الشباب وتمكينهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي. 6- إفشاء وهيمنة ممارسات التفاهة في المؤسسات وعجز القيادات الإدارية الكفؤة عن الدفاع عن الصالح العام ونجاعة التدبير الإداري والمالي والثقافي. 7- غياب تعبئة مجتمعية شاملة وحقيقية للأمم وللفئات الهشة وتنويرها وتثقيفها وتوعيتها في سبيل مكافحة الفقر والتهميش من خلال دعم مجتمع العمل والمعرفة وتنمية الثروة وتقاسمها، من خلال الدفع بمجتمع العمل وتكافؤ الفرص ونشر قيم الخلق والإبداع وصيانة الكرامة الإنسانية عبر بلورة وتدريس اقتصاد سياسي جديد للتضامن الاجتماعي في أوساط النشء. 8- غياب مثلنة الدولة والمقاولة والحزب السياسي والبرلمان والنقابة والأجهزة القضائية والإدارية والعلمية في دعم المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص والمساواة بين البشر من خلال الدفاع والمساندة ومكافحة الاحتكار وتضارب المصالح. 9- بناء اقتصاد سياسي جديد لتوقع التغير المناخي وتدبير الماء والسلع الكونية المشتركة وإدارة الكوارث والأزمات القومية والدولية والنزاعات، والمحافظة على بيئة نظيفة والمساواة في تمثيلية الجنوب الشامل ضمن مؤسسات الحكامة العالمية (إنشاء منظمة دولية لإدارة البحار والمحيطات). 10- المساواة في إدارة وتقاسم اقتصاد المعرفة والإبداع بين البشر من خلال أنسنه الالتجاء إلى الذكاء الاصطناعي وبلورة رؤية حول علاقته بالتنمية الشاملة وقوى الإنتاج وازدهار الأمم وصيانة كرامة الإنسان .