لا بد من القول بداية ان المسيرة الاحتجاجية التي شارك فيها حماران إلى جانب البشر بمدينة الناظور يوم الثلاثاء 03 يونيو، أقل ما يمكن ان يقال عنها أنها تحدثت بلسان حال تلك الجماعة الحانقة التي نظمتها من كل الخروقات التي عرفتها فترة ما قبل التصويت، و من المؤكد أنها قد عبرت عن ما يخالج مشاعرها من أسى وتدمر، نتيجة لمشاهد الفساد الذي تعرفه هذه الدورة الانتخابية كاستعمال للمال لشراء الأصوات الانتخابية في غياب عين السلطات المسؤولة لردع هذا السلوك اللاقانوني. "" رمزية المسيرة انتهت باعتقال صحفيين وناشط جمعوي من طرف الشرطة القضائية، ليتم فيما بعد الإفراج عنهم جميعا و متابعتهم في حالة سراح، أما الحمير المشاركة تم الاحتفاظ بها في المستودع البلدي لمدينة الناظور،و بذلك تكون الحمير هي أول من دخلت إلى مستودع المجلس البلدي من أوسع أبوابه !! لقد خبر المواطن المغربي عدة اشكال من الاحتجاج و التعبير عن نفسه و ما يحتاجه من شروط لضمان كرامته و عيشه; كالكتابة و توقيع العرائض و الإضراب عن الطعام و رفع الشعارات والاحتجاج عن طريق الصور ...الخ. و خلال الاستعمار كان المواطن المغربي من جملة الوسائل التي يستعملها للدفاع عن كرامة وحرية بلده... السلاح ! غير أن« الفكر المغربي» في ظل غياب شروط نهضوية و تنموية شاملة، وفي ظل غياب عدالة إجتماعية تقضي على الفساد و الفقر و البطالة و المحسوبية و الرشوة و الجريمة كمستعمرين جدد، يهددون حياتنا اليومية، جعلته يعبر عن نفسه بطريقة رمزية فريدة من نوعها، و هي رمزية أقل ما يمكن ان يقال عنها أنها رسالة« قوية» لمن يهمهم الأمر. وهذه الطريقة في «الاحتجاج» ربما استوحت فكرتها من جماعة« حمير و بخير!» المغربية أيضا! و من المستملحات الساخرة التي تضمنها بلاغ المسيرة عن « اللجنة التحضيرية للدفاع عن حقوق الحمير» أنه،إن كان ثمن الصوت الواحد قد وصل إلى 500 درهم، فهو ثمن أصبح يهدد الحمير وباقي الحيوانات. كما دعا نفس البلاغ الذي نقل تحت إسم« بلاغ الحمير» إلى «احترام الحمير، على الأقل لسعرها، الذي يبلغ 2500 درهم كحد أدنى». وختم البلاغ بشعار من المفروض أننا لا نسمعه سوى في سياقه الطبيعي، إلا أنه جاء هنا مقحما و محملا بكل الدلالات التي يجب تفهم مقاصدها، من طرف أولائك الذين يخونون الوطن و ضمائرهم و مستقبل أبنائهم وأهلهم، أولائك الذين على استعداد دائم لتداس كرامتهم بدراهم معدودات ، هذا الشعار الذي رفعته مسيرة الناظور لن يكون إلا: «وعاشت الحمير مستقلة ونزيهة». لقد جاء زمن أصبحت فيه الحمير مستقلة و نزيهة ! لكن،ومع الاعتذار للحمير، هذه الحيوانات الجميلة و الصبورة، الذي تكد و« تجتهد» من أجل لقمة عيش كريم،فمن الجانب الأخلاقي سيكون من العار علينا أن نقارن حيوانا عاقلا هو الإنسان بحيوان يعتبر صوته من أنكر الأصوات، الأمر الذي يدعونا إلى التساؤل في حضرة هذا المعطى الأخلاقي : هل انتهى زمن الاحتجاج الحضاري؟ إذن السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل هذه المسيرة تنديد فعلي ضد مهزلة بيع الأصوات،أم هي مجرد دعاية و مسرحية فاشلة تسيء لخصومهم في الانتخابات ؟ في هذه الحالة فالحمير المسكينة نفسها لن تكون مستقلة و نزيهة، بل هي أيضا مشاركة في لعبة الاسترزاق السياسي رغما عن أنفها. حقا، سيكون من العيب و العار أن تفكر جماعة بهذه الطريقة و تستعمل أطيب الحيوانات لتنفيذ نواياهم السياسية ! و من يدري، لربما في الاستحقاقات الانتخابية القادمة سيخرج المواطنون كل بحماره إحتجاجا على كل أشكال الفساد، و سعيا وراء تقليد المسيرة المذكورة، و لكن في طبعتها النزيهة . ومن يدري أيضا، قد يستغل هذا الحدث حزب من الأحزاب و يجعل رمز حزبه " الحمار" مادمت قراءة بسيطة لكل تلك الرموز تجعلنا نلاحظ أن أغلبها من عالم الحيوان والطبيعة، و هي فرصة أيضا لكي يروج لحزبه بدون أية مصاريف. http://elhamribadr.blogspot.com