على بُعد أقلّ من شهر من التاريخ المتوقع أن تُنهي فيه اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة عملها، ورفع خلاصته إلى الملك محمد السادس، استبق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ما ستقرره اللجنة بالتعبير عن الرفض القاطع لأي مساس بالشريعة الإسلامية في نص المدونة المرتقب، ملوّحا ب"مسيرة مليونية"، على غرار المسيرة التي نفذها الحزب ضد "خطة إدماج المرأة في التنمية" في مارس 2000. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها بنكيران في مهرجان وطني نظمه حزب العدالة والتنمية حول إصلاح مدونة الأسرة، اليوم الأحد بمدينة الدارالبيضاء، أكد فيها أن "الشعب المغربي لن يقبل أي مساس بالشريعة الإسلامية"، مردفا: "على المغاربة أن يتحركوا، وإذا استدعت الضرورة القيام بمسيرة مليونية فنحن مستعدون مرة أخرى". ومع انطلاق العد العكسي لإنهاء عمل اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وجه بنكيران انتقادات لاذعة إلى الأطراف التي ترفع "المطالب المخالفة للشريعة الإسلامية"، واصفا المطالبين بإلغاء تجريم الإجهاض في المغرب ب"القتلة والمجرمين"، كما انتقد بشدة زعيميْ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (إدريس لشكر)، والتقدم والاشتراكية (محمد نبيل بنعبد الله)، ذاهبا إلى اتهامهما ب"تغيير كلام الله". بنكيران جدّد رفض حزبه مطلب إلغاء زواج القاصرات، الذي ترفعه جمعيات حقوقية وتيارات سياسية يسارية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بقوله: "هؤلاء يقولون إن القاصر ليست مستعدة لأن تحمل في هذه السن، ولكنهم لا يتحدثون عن الفتيات اللواتي يحملن خلال ممارسة الحرام، والآن وجدوا حلّا، وقالوا الحق في الإجهاض"، مضيفا: "هؤلاء مجرمون قتلة يريدون قتل الأجنة في بطون أمهاتهم". واعتبر المتحدث ذاته أنه "حتى هذا الجنين (الناتج عن علاقة غير شرعية) هو إنسان مخلوق، ولو تُرك له الاختيار فإنه يقينا سيختار أن يولد، ومن حقه أن يولد وأن يُحترم وأن يتحمله المجتمع، لا أن نتخلى عن المرأة التي ولدته لأننا حرمناها من حقها في الزواج، وهذا غير معقول ولا يمكن أن نقبله أبدًا". علاقة بذلك رفض بنكيران المساواة المطلقة بين النساء والرجال، متسائلا: "كيف يعقل أن نساوي بين رجل يقضي حاجته في دقائق معدودات (ممارسة جنسية عابرة) وامرأة تتحمل نتيجة ذلك، بأن تحمل وتلد وترضع وتربي"، معتبرا أن الزوج "يتخلى عن أبنائه والمرأة تموت جوعا ولا تتخلى عن أبنائها". ووجه السياسي ذاته انتقادات شديدة إلى "صديقه السابق" نبيل بنعيد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وإلى خصمه إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بسبب تأييدهما المذكرة التي رفعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، داعيا إياهما إلى "استحضار علاقتهما بالله وقراءة القرآن الكريم". وقال رئيس الحكومة الأسبق، مخاطبا زعيميْ حزبي "الوردة" و"الكتاب": "إذا قلتم للمغاربة لا نريد القرآن الكريم ومذهب الإمام مالك، وهذا ما تقولنه بشكل مغلّف، وحين تدعون إلى القطع مع المحافظة، التي ليست محافظة، بل هي القرآن الكريم الذي نزل من السماء واجتمعت عليه الأمة طيلة أربعة عشر قرنا، فأنتم تريدون تغيير أحكام الله، والمجتمع لا يتفق معكم".