عشرات الملفّات، يحمل كلّ واحد منها حكاية سنوات طوال من المُعاناة والظلم، جرّاء التسلّط، واستغلال النفوذ، واستعمال الشطط في السلطة، ستوضع غدا، على مكتب وزير العدل والحرّيات، أو مكاتب مسؤولي ديوانه، في بداية الحوار الذي دعت إليه الوزارة ضحايا الحسين الوزاني، أو "بُوتْزْكيتْ" بمدينة تيزنيت. الضحايا، الذين خاضوا وقفة احتجاجية، صباح اليوم أمام وزارة العدل والحرّيات، قدمّوا، خلال ندوة صحافية، مساء اليوم بمقرّ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، شهادات صادمة، عمّا لحقهم، على حدّ تعبيرهم، من ظلم على يد "بوتزكيت"، و "مافيا العقار" بالمنطقة، التي يتّهمونه بأنه عميل لها. نائبة رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيزنيت، قالت إنّ قضيّة "إبّا إيجو" ليست سوى قضيّة من بين عشرات قضايا سلْب أراضي السكّان، يصل عددها إلى أكثر من 150 قضيّة، مضيفة أنّ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتواصل مع الضحايا، من أجل جمع الملفات، ومناقشتها مع المحامين، لإحالتها على القضاء. وأفادت المتحدّثة أنّ الجمعية ستعمد إلى اتخاذ خطوات نضالية، لتحقيق العدالة واسترجاع الضحايا لحقوقهم، سيتمّ الإعلان عنها لاحقا، بعد اللجوء إلى القضاء، حيث ستنصّب الجمعية نفسها طرفا مدنيا في القضايا التي سترفع أمام القضاء، داعية وزارة العدل إلى فتح تحقيق شفّاف ونزيه، ومحاكمة كافّة المتورّطين في الاستيلاء على أراضي الضحايا. واعتبر أحمد بوهوش، عضو لجنة دعم ضحايا بوتزكيت، أنّ ما قام به الضحايا، اليوم، بتجشّمهم عناء السفر من تيزنيت إلى الرباط، للاحتجاج أمام وزارة العدل والحريات، "يعتبر ملحمة لإعادة الحق إلى مئات الأسر التي شُرّدت من أراضيها"، وأضاف بوهوش أنّ ملف الضحايا ملف اجتماعي بالأساس، وليس ملفا للمزايدات السياسية. وبعينين مغرورقتين بالدموع، قال بوهوش إنّ مشكل الضحايا، الذين عانوا من حصار إعلاميّ على مدى سنتين، ليس مع الحسين الوزاني، الذي صار يلقّب ب"بوتزكيت"، فقط، وإن كان على الواجهة، وإنّما مع الوكيل العامّ للدائرة الاستئنافية لأكادير، وزاد قائلا "هناك مافيا، ورّطت معها القضاء، والجماعات المحلية، والجهاز الإداري، وهناك أيادي قذرة تلعب بكل شيء من أجل التلاعب في الملفات". قضيّة إبّا إيجو، التي فجّرت احتجاجات أهالي قبائل تيزنيت وسيدي إفني، يقول بوهوش، ليست سوى الشجرة التي تخفي غابة معاناة أهل المنطقة مع مافيا العقار، مشدّدا على أنّ الأركان الرئيسية التي بنى عليها "أخطبوط الفساد الذي يتلاعب بأراضي الناس وينزعها منهم، ظلما"، تتمثّل في ثلاثة أركان، وهي عقود البيع الوهمية، وشهود الزور، وفساد القضاء. "لقد صارت منطقة لخصاص مصدّرة لشهود الزور، وإن كنّا نستحيي من الاعتراف بهذه الحقيقة المُرّة، لكوني أنحدر من المنطقة"، يقول بوهوش؛ وإضافة إلى شهود الزور بالمنطقة، يضيف المتحدّث، تستعين مافيا العقار بشهود من خارج المنطقة، يأتون من الراشيدية وورزازات والصويرة، وغيرها، وتستمع المحكمة إلى شهاداتهم، رغم أنهم ليسوا من أبناء المنطقة، ولا يعرفون عنها شيئا، فيما يتمّ تجاهل أقوال شهود الضحايا. وقدّم ضحايا "بوتْزكيت" شهادات صادمة عن معاناتهم، ليس فقط مع نزع الأراضي منهم، بل من لجوء مافيا العقار إلى معاقبة الرافضين منهم للانصياع للأوامر؛ أحمد إعزّا، روى في شهادة معزّزة بالصور، تفاصيل تعرّضه لاحتجاز وتعذيب من طرف عصابة مسخّرة من طرف "بوتزكيت"، لمدّة أربع وعشرين ساعة، كاد على إثره أن يفقد حياته، بعدما رفض أن يصير شاهد زور في عقد بيع. مُعاناةٌ حملتها شهادات ضحايا آخرين، كسرت قضيّة "إبّا إيجو" طوق حصار إعلامي، قال أحمد بوهوش، إنهم كانوا رهينة له منذ أكثر من عامين، ومن المنتظر أن يوصل الضحايا تفاصيل معاناتهم مع مافيا العقار بتيزنيت ونواحيها، إلى مسؤولي وزارة العدل والحريات، صباح غد، وقال بوهوش إنّ الضحايا لن يتراجعوا إلى الوراء، وسيدفعون بملفهم إلى النهاية، وإلى أن يستردّوا حقوقهم المغتصبة من طرف "بوتزكيت"، ومافيا العقار الداعمة له.