أكد تقرير حديث للمعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن RUSI على ضرورة توجه المملكة المتحدة من أجل منح دعمها الكامل للخطة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية. وأوضح التقرير أن "مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2007 يعد أساسا للمفاوضات ورؤية للرخاء المشترك بمنطقة شمال أفريقيا ككل، ذلك أن هذا المخطط يتماشى إلى حد كبير في جوهره مع العملية السياسية الداخلية الشاملة التي يجري تنفيذها بالمغرب منذ سنة 2010". واعتبر المصدر ذاته أن "المبادرة المغربية في هذا الإطار رغم مرور 17 عاما على طرحها إلا أنها مازالت الخطة الواقعية ذات المصداقية والتطلعية الوحيدة بالمنطقة، إذ ترتكز على الالتزام بمستقبل سياسي واقتصادي واعد للمواطنين، مع احترام سيادة القانون والإجراءات الديمقراطية ومتطلبات التنمية المستدامة". كما أشارت الوثيقة إلى "الالتزام المغربي بتنمية المنطقة عبر عقود من الاستثمارات الكبيرة وبنية تحتية واسعة النطاق للاقتصاد والاتصالات، وخلق آلاف فرص الشغل، ذلك أن الأقاليم الجنوبية من أكثر المناطق المغربية تطورا، وهو الأمر الذي بينته نسبة مشاركة مواطني هذه المنطقة في الانتخابات الوطنية الأخيرة التي تجاوزت 66 في المائة". التقرير الذي أعده سمون مايال، الضابط المتقاعد من الجيش البريطاني والمستشار السابق في شؤون الشرق الأوسط بوزارة الدفاع، نبه إلى "الظروف المزرية التي يعيش على إيقاعها مئات الآلاف من اللاجئين بمخيمات تندوف داخل الأراضي الجزائرية، ذلك أن هؤلاء اللاجئين يظلون محرومين من المستقبل وعاجزين عن إحداث أي تغيير". وتابع المصدر ذاته: "بالنسبة للمملكة المتحدة وغيرها من القادة المسؤولين في المجتمع الدولي يعد أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها أهمية حيوية، فتهديد استقرار المنطقة يتفاقم ويتسارع بفعل النفوذ والأنشطة الخبيثة لفيلق القدس الإيراني ووكلائه من حزب الله، إضافة إلى كون العلاقة بين طهران وحزب الله والبوليساريو تتغذى على هذا التهديد الأمني". كما اعتبر التقرير عينه أن "هناك توافقا كبيرا بين المغرب والمملكة المتحدة في المجال العسكري والطاقي، الأمر الذي يشكل امتدادا ل300 سنة من التاريخ التجاري بين البلدين، وهو ما تم التأكيد عليه من خلال اتفاقية الشراكة لسنة 2019، التي شملت أيضا الصحراء المغربية"، موضحا أن "رفض محكمة الاستئناف بالمملكة المتحدة الطعن في مضمون الاتفاقية يوفر في الوقت الحالي ضمانات للشركات البريطانية الساعية إلى الاستثمار في المغرب". وذكر تقرير المعهد البريطاني أيضا أن "حلفاء المملكة المتحدة الرئيسيين عبروا عن دعمهم للخطة المغربية للحكم الذاتي، فضلا عن كون دول إفريقية وعربية وأخرى من الكاريبي ذهبت في اتجاه افتتاح قنصليات لها بالجنوب المغربي، في وقت يستخدم الجالسون على الحياد هذه القضية كجزء من أجندات إقليمية موسعة". وتأتي هذه الدعوة من المعهد المذكور بعد أيام قليلة من دعوة أخرى أطلقها عدد من أعضاء مجلس اللوردات البريطاني بضرورة لجوء المملكة المتحدة إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، سيرا على خطى الدول الغربية الأخرى التي دعمت مخطط الحكم الذاتي المغربي على مستوى الأقاليم الجنوبية. كما تأتي الدعوة ذاتها بعد حكم محكمة الاستئناف البريطانية بلندن بالرفض النهائي لطلب الاستئناف الذي تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة للجبهة الانفصالية لإبطال اتفاقية الشراكة الاقتصادية التي تربط المغرب مع بريطانيا، وتشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة. وتنظر المملكة المتحدة إلى المغرب كشريك اقتصادي إقليمي، خصوصا بعد انفصالها عن شركائها الأوروبيين قبل حوالي أربع سنوات أو ما يعرف ب"البريكست"، الأمر الذي سعت إلى تعزيزه عبر مجموعة من الاتفاقيات مع الرباط، تهم أساسا مجالات اقتصادية مختلفة، إلى جانب الانخراط في أوراش ثنائية مهمة، من أبرزها مشروع الربط الكهربائي البحري الذي يهدف إلى تزويد حوالي 7 ملايين منزل بريطاني بالطاقة الكهربائية المنتجة بطرق نظيفة بالمغرب.