السكوري: مشروع قانون الحق في الإضراب الذي أقره مجلس النواب لا يعكس الموقف الحكومي    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رغم محاولات الإنقاذ المستمرة.. مصير 3 بحّارة مفقودين قرب الداخلة يظل مجهولًا    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    ترامب يعاقب أكبر داعم "للبوليساريو"    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    الحسيمة: توقيف مشتبه به في شبكة إجرامية متخصصة في الهجرة السرية    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    تنفيذ مغربي لعملية الطعن في تل أبيب يثير انقسامات واسعة بالمملكة    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    هلال يدين تواطؤ الانفصال والإرهاب    الشيخات داخل قبة البرلمان    غموض يكتنف عيد الأضحى وسط تحركات لاستيراد المواشي    المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    "أزياء عنصرية" تحرج شركة رحلات بحرية في أستراليا    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    عادل هالا    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في الرموز المستعملة من طرف الأحزاب السياسية
نشر في هسبريس يوم 23 - 05 - 2009

تدخل الأحزاب السياسية المغربية غمار الانتخابات الجماعية ليوم 12 يونيو المقبل وهي تحمل رموزا وإيقونات كانت قد اختارتها للتعريف بنفسها خلال التجارب الانتخابية الأخيرة. ""
وتلعب الرموز عادة دورا مهما في مخاطبة وجدان الناخب من خلال ارتباطها بجملة من القيم والمفاهيم التي تسعى الأحزاب لربط برامجها بها كالعدل والمصداقية والشفافية والعلم والعطاء وغيرها. وللرموز حدود ودلالات بعضها تشترك فيه البشرية جمعاء, وبعضها يشترك فيه أبناء الحضارة الواحدة في سياق زمني بعينه, فيما يصعب فهمه في حضارات أخرى، وللرمز المستعمل من طرف أي حزب سياسي بالمغرب وظيفة انتخابية تتمثل في تسهيل عملية التصويت على الناخبين خصوصا الأميين.
ولقد تنوعت اختيارات الأحزاب المغربية للرموز، ففيما اختار بعضها رموزا تقليدية، اختار آخرون رموزا قد تبدو غير مألوفة لدى الناخب.
إن وقفة تأمل وقراءة سريعة في الأبعاد والمضامين الفكرية للرموز التي وضعتها مختلف الأحزاب السياسة المغربية تجعلنا نستشف أن مناخ هاته الأحزاب يغلب عليه الطابع " الغابوي" حيث أن جل هذه الرموز مأخوذة من "البراري" و "الغابات" و يمكن تصنيفها على العموم حسب الحقول الدلالية التالية :
رموز مرتبطة بعالم الحيوانات:
الملاحظ وكما سبقت الإشارة إليه أن جل الرموز المستعملة من طرف أحزابنا السياسية مأخوذة من "البراري" و "الغابات" حيث نجد الحزب الليبرالي المغربي مثلا يستعمل رمز الأسد والذي يرمز إلى معاني كثيرة من بينها: القوة ، الشجاعة ، الجرأة ، النوم والوثب، غير أن ا الشعار الذي اختاره هذا الحزب في حد ذاته مستنسخ من بعض الصور المستعملة كعلامات تجارية مسجلة كسبع شفرة الحلاقة "مينورا" التي أهدرت كميات وفيرة من دماء مستعمليها وكذا كعلامة "السبع" المرسوم على علبة عود الثقاب.
أما حزب البيئة و التنمية فقد اختار رمز الغزال و الغزال رمز السرعة والرشاقة وبالفعل يراهن هذا الحزب على غزالته كي تسرع به إلى الحكومة والى المجالس الجماعية و ترمز كذلك الغزال إلى النوم حيث يقال : أنوم من غزال .
واختار حزب "الشورى والاستقلال " رمز " الجمل " و يعتبر الجمل في ثقافتنا العربية رمزا للصبر والتحمل والغيرة.
ودائما مع الحيوانات المتوحشة منها و الوديعة فلم يخرج حزب الاتحاد الدستوري هو الآخر عن قاعدة نسخ الرموز حيث اكتفى بإعادة رسم "عود سوبر لوكس" وفرس «البنك الشعبي" مع تغيير طفيف في تسريحة شعره، ويبقى الفرس عموما ومنذ القدم عند العرب يرمز إلى ا لأصالة ، الفحولة والقوة.
واختار حزب الأحرار رمز الحمامة الذي يعتبر في جل الثقافات رمزا للسلام ويقال: آمن من حمام مكة.
و اختار حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية رمز الحوت الذي يرمز إلى كثرة الأكل والشرب حيث قال الشاعر:
كالحوت لا يرويه شيءٌ يلهمه
يصبح ظمآن وفي الماء فمه
واختار حزب الوسط الاجتماعي رمز النحلة التي ترمز إلى النشاط والحركة و التعاون ويعتبر النحل مثالا للنظام والانضباط ورمز الاجتهاد والعطاء والنحلة رمز الجمال والبهاء حيث تتخير أفضل الورود والأزهار وترتاد الحدائق والبساتين لتمتص رحيق الأزهار الفواحة، وتنتج في بطونها شرابا مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ، ثم هي مع عطاءاتها هينة لينة لطيفة ناعمة إن وقعت على عود نخر لم تكسره. والإنسان السوي والنشيط في عمله وحياته كالنحلة في سعيها وكدها، فالنحلة تجوب الأرض تبحث عن الرحيق المفيد وعن إنتاج الأطيب والأنفع.
كما اختار حزب الحرية والعدالة الاجتماعية رمز الفيل الذي يعتبر من أضخم الحيوانات التي تعيش على الأرض، وثاني أطول أفراد المملكة الحيوانية بعد الزرافة. ولا يفوقه ضخامة إلا بعض أنواع الحيتان. والفيلة هي الحيوانات الوحيدة التي لها أنف على هيئة خرطوم تستخدمه كأحد الأطراف. كما تستخدم الفيلة خراطيمها لسحب أوراق وفروع وأغصان الأشجار، ولامتصاص الماء الذي توصله فيما بعد إلى الفم. ولها أيضا حاسة شم حادة، حيث تستخدم خراطيمها عادة لفحص الهواء. وللفيلة آذان أكبر من آذان أي حيوان آخر، ولها أنياب في هيئة أسنان ضخمة. ويتميز هذا الحيوان بالذاكرة القوية التي تعي الأشياء والأماكن لسنوات عديدة ، ويستفيد بذاكرته تلك في الوصول إلى موارد المياه في فترات الجفاف التي قد تمتد لسنوات في أفريقيا وبحاسة الشم القوية التي تمكنه من شم الرياح للتعرف على مصادر المياه وكذلك الأعداء على ندرتها فلا تخشى الفيلة حتى الأسود. كما تحب الفيلة التمرغ في الوحل والطمي ورش التراب على ظهورها لأن ذلك يحميها من حرارة الشمس الحارقة وتمنع عن ظهورها الحشرات المزعجة. وتفيد الإشارة في ذات السياق إلى أن رمز الفيل يعتبر شعارا للحزب الجمهوري الأميركي وهو دلالة على ضخامة قوته.
يذكر أن حزب النهضة، الذي تأسس في غشت2005 ،والذي يستمد مقومات هويته من قيم الحضارة المغربية القائمة على التضامن يتخذ من الديك رمزا له.
رموز مستوحاة من عالم النباتات والثمرات:
اختارت بعض الأحزاب السياسية رموزا مستوحاة من عالم النباتات والأشجار حيث اختار حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية رمز نخلة خضراء، وتعد النخلة من أقدم المزروعات التي عرفها الإنسان،
ولقد اختص الله النخيل بفضائل كثيرة حيث إنها مصدر خير وبركة، وأشارت الآيات القرآنية إلى ما للنخيل من منزلة عالية بين بقية الأشجار. ومن ميزات النخلة التي اختصت بها انهاالشجرة الوحيدة من بين الأشجار التي لا يتساقط ورقها
وهي الشجرة التي حظيت بالتقدير والذكر والاهتمام في العصور الغابرة ، ومجدت في كافة الأديان، فقد ذكرت في التوراة والتلمود والإنجيل بإسهاب، وذكرت في القرآن نصّا في 20 آية، وذكرت في السّنّة في أكثر من 300 حديث. فقد ورد في الحديث ( أكرموا عمّتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم ) , ويعتبر كلّ جزء في النخلة له فائدة عظيمة ، ثمارها ، ليفها ، ساقها ، سعفها ، جريدها ، وخوصها ، ناهيك عن المواد العديدة الأخرى التي تستخرج من ثمار وأجزاء النخلة المختلفة ، فثمرها غنيّ بكلّ مقومات الغذاء اللازمة للإنسان، من ماء ومعادن وأملاح وفيتامينات وسكريات وغيره، فنحن نعلم أن رسولنا العظيم مكث شهرين على الأسودين ( الماء والتمر ) وتشترك النخلة مع الإنسان في الخير والعطاء والبركة ، وحتى في الموت فالنخلة تموت عند قطع رأسها .
و لقد اختار حزب الحركة الوطنية الشعبية رمز السنبلة، و هي تعتبر ببساطة رمز الحياة وكما بقول الله عز وجل " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ" .
أما حزب جبهة القوى الديمقراطية فقد اختار غصن الزيتون حيث تعتبر شجرة الزيتون شجرة متوسطة الحجم دائمة الخضرة على مدار السنة تتحمل الجفاف وثمارها غداء جيد كما تستخدم في صناعات كثيرة وتضرب جذور شجرة الزيتون في أعماق التاريخ حيث زرعها أهل الحضارات القديمة وكان الأقدمون يقدسون الزيتون لكثرة منافعه
وقد اتخذوا من غصنه رمزا للسلام حتى قبل بادية العهد المسيحي ويقال إن أول نبات شاهده سيدنا نوح عليه السلام كان غصن الزيتون حين عادت به حمامة بيضاء كان قد أطلقها من فلكه بعد الطوفان فأدرك عند ند بان مياه الطوفان قد انحسرت وان اليابسة كانت في طريقها إلى الجفاف فزال عن الناس الخوف من الموت غرقا واطمأنوا إلى أنهم يستطيعون العيش في أمان وسلام ومنذ ذالك التاريخ اتخذ الناس من غصن الزيتون رمزا للصداقة والمودة
ومن الحمام الأبيض رمزا للسلام ويدخل الحزب الاشتراكي برمز الشجرة ..الشجرة هي رمز العطاء الدائم.....رمز الأم....رمز الوطن...رمز الوفاء...رمز الصداقة الحقيقية.
أما حزب الاتحاد الاشتراكي فقد اختار رمز الوردة البنفسجية والتي ترمز إلى السلام، الصداقة، المحبة، الحرية، العدالة والمساواة والحياة البعيدة عن التحكم. وفي جميع الثقافات وعلى مدى جميع المراحل التاريخية وحتى إلى يومنا هذا يتم تقديم الورد والزهر للتعبير عن النية الطيبة وكعربون للمحبة فالأحباء يهدون الورد لأحبائهم كتعبير لمحبتهم ، لأن الوردة تستخدم كرمز للمحبة في المكان الذي تنعدم فيه الكلمات...فجمالها ينبع من كونها تملئ أرواحنا وقلوبنا... فتقديم وردة لشخص آخر ترمز إلى الابتسامة التي نرغب بمشاركتها معه أو محبة أو صداقة. و مهما كانت الحياة مليئة بالآلام والمعاناة والمحن تبقى الوردة هي التي تبجج حلكات الظلمات وهي القادرة على تحويل الأعشاب الضارة التي تحكم بتفسخ التربة السخية إلى برعمة جديدة، وهي الأمل المفعم بالمحبة لإحلال السلام والديمقراطية. ونحب لون الورد ورائحتها ولكن علينا تحمل أشواكها أيضاً.
أما حزب التجديد والإنصاف، فقد اختار له رمز التفاحة ويوحي هذا الرمز إلى معاني كثيرة نذكر من بينها الخصوبة, حيث تمثل بشكل عام احد أشكال الإثمار في الطبيعة...وعلى صعيد التنوع الثقافي بالمعنى الواسع لكلمة ثقافة فإن نفس التفاحة قد ترمز في الغرب المسيحي إلى الإغراء المفضي إلى الموت لامحالة على خلفية ما جاء بالكتاب المقدس من ذكر لأحداث سقوط ادام وحواء من جنة عدن..
وفى نفس السياق الديني قد ترمز التفاحة حين تم وضعها أعلى شجرة عيد الميلاد إلى تجدد الأمل بميلاد السيد المسيح في عودة الإنسان في حالة السلام مع الله التي سبقت سقوط البشرية في براثن الخطيئة كما تعتبر التفاحة رمز العلوم الطبيعية عند الإنجليز .. ورمز المقاومة عند الألمان. بينما تعتبر نفس الثمرة رمزا لمدينة نيويورك ، ((The big appleوعلى الصعيد النفسي تعد التفاحة عند عالم النفس الكبير " سيجموند فرويد " رمزا لثدي المرأة ومن ثم فإنها تعامل في سياقات التحليل النفسي من منظور ذا دلالات جنسية بحتة لا أكثر ولا اقل . كل هذا يدور بينما لاتعدو نفس التفاحة لأن تكون بالنسبة لقطاع كبير جدا من مستخدمي الكمبيوتر المعاصرين مجرد رمز لأحدى أشهر العلامات التجارية لكبريات شركات الكمبيوتر التي تحمل اسم هذه الثمرة Apple
أما على الصعيد الفردي فبالنسبة لشخص يعانى الحساسية من جراء تناول التفاح فان هذه التفاحة في عينه لا تعدو أن تكون رمزا شخصيا للمعاناة مع المرض.
رموز مرتبطة بالآلات :
يذكر أن حزب الاستقلال اختار " الميزان " كرمز له ويعتبر الميزان آلة مادية تنسب لكل شيء مكيل أو موزون. و الميزان في القرآن الكريم هو تجسيد لقيمة الشورى التي تعني الجماعة أي الأمة الجامعة بين قيمتي الوحدة والتنوع معا دون أن تبغي الوحدة على التنوع ولا التنوع على الوحدة. ... الميزان في القرآن الكريم هو تجسيد للعدل، القسط و ا لإستقامة.كما يرمز الميزان بشكل عام إلى العدالة.
واختار حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس مؤخرا رمز الجرار أو التراكتور وهي آلة مرتبطة بالأشغال الفلاحية ولقد تم اختيار هذا الرمز من طرف مؤسس الحزب " فؤاد عالي الهمة" ، في إشارة اعتبرها المراقبون على أن الحزب يخطط لعملية حرث شامل داخل المشهد السياسي بدءا بالبرلمان وانتقالا إلى المجالس الجماعية .
أما حزب العهد الديمقراطي الذي تم إعادة تأسيسه بتاريخ 29 مارس 2009، فقد أبرز السيد نجيب الوزاني في تصريح له عقب توليه منصب الأمين العام بخصوص الرمز الذي سيخوض به حزبه الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، قائلا بأن مشاورات ستفتح قريبا مع وزارة الداخلية من أجل اعتماد رمز "السيارة" ضمن اللوائح الانتخابية كإشارة لمرشحي العهد الديمقراطي، مع إمكانية تعويضه برمز "الحافلة" في حالة التعذر،بعد أن كان رمز "السيارة" هو الرمز الذي كان لحزب العهد المندمج مع الأصالة والمعاصرة .والرمزان لهما علاقة بوسائل النقل . وكان مؤسس الحزب الجديد نجيب الوزاني قد خرج من حزب "الأصالة والمعاصرة" بعد خطة اندماجية لحزبه السابق "حزب العهد"، لم تكن في مستوى تطلعاته، مما دفعه إلى الدعوة إلى تأسيس حزب يحمل نفس الاسم مضافا إليه "الديمقراطي".
في حين اختار حزب رابطة الحريات رمز الساعة المنبهة وهي جهاز لقياس الزمن ، وقيمة الوقت جعلت الإنسان منذ قديم الزمان يهتم بالوسائل التي تمكنه من قياسه، . وتعتبر الساعة المنبهة وسيلة تمكن الإنسان من أن يحترم الوقت ولا تجعله يذهب سدى، لأن الوقت الذي يمضي لن يعود.. ، و علينا أن نستفيد منه في ما يعود علينا بالنفع وعدم إضاعته في ما يضر وتساعد الساعة الإنسان على الالتزام بالوقت، فالوقت من ذهب، وتعلم النظام والدقة والانضباط.
رموز لها علاقة بالضياء والنور:
يذكر أن حزب اليسار الاشتراكي الموحد اختار رمز الشمعة و في هذا الرمز دلالات رمزية ليست غريبة على فكر وممارسة هذا الحزب, حيث الاحتراق هو التضحية في سبيل نشر النور في المجتمع.
وفضل حزب النهضة والفضيلة استعمال رمز الشمس و يحمل قرص الشمس عدة معان، فهي رمز الوضوح والشفافية و الضياء والنور و رمز الخصب والحياة والطاقة والعدل، وهي تمنح الإنسان أهم ملامح الحيوية والنشاط .
و اختار حزب العدالة والتنمية رمز «المصباح » اعتقادا منه بأنه قادر على أن يضيء عتمة الواقع المغربي ، و اختار حزب الإصلاح و التنمية من جهته رمز «الهلال»، وكل هذه الرموز متقاربة من حيث حقولها الدلالية المرتبطة بالنور والضياء اللذان يبددا حلكة الظلام والعتمة.
رموز مرتبطة بأعضاء الجسم :
اختار حزب العمل رمز «العين»، حيث يعتبر هذا العضو بمثابة الدرة الثمينة التي لا تقدر بثمن، وقد سماها الله تعالى الحبيبة والكريمة، كما جاء في حديث رواه البخاري والترمذي وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل قال: إذا أخذت كريمتي عبدي وفي رواية حبيبتي عبدي فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة".
وخلق العين من أعظم أسرار قدرة الخالق عز وجل، فهي برغم صغرها بالنسبة إلى كل المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيه من سماوات وأراضي وبحار وكل المخلوقات.وحاسة البصر تأتي في المرتبة الثانية من الأهمية بعد السمع، فيقول تعالى: [ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا] (الإنسان ).
والبصر مرآة الجسم، وآلة التمييز، وهو النافذة التي يطل منها على العالم الخارجي، ويكشف بها عن أسرار الأشكال والأحجام والألوان، وهو وسيلة الإنسان للإبصار والتفكر في خلق السماوات والأرض والكائنات بشكل عام [ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة،إن الله على كل شئ قدير] ( العنكبوت) .
ولأن العين كما قلنا أغلى ما يمتلكه الإنسان، فقد قال الشعراء فيها أبياتا كثيرة كموطن للجمال كما اعتبر ها البعض ومن بينهم لسان الدين بن الخطيب كموطن للشر والحسد حيث يقول :
أصابتك يا عين عين الحسد فتجر الندى والندامى كسد
في حين اختار الحزب العمالي رمز " اليد في اليد"، و تعد اليد عند الإنسان طرفا من الأطراف العلوية، يتصل بالمرفق عبر المعصم. باليد خمس أصابع تسمح بتحسس الأشياء و تلمسها كما تساعد في مسكها و تشكل اليد أداة مهمة للإنسان تسمح له بأداء أعماله المختلفة. وتستخدم اليد في التواصل أيضا، فالإنسان يستعملها كوسيلة تعبير ترافق الكلام بالنسبة للصم، فاليد بمقام اللسان عندهم باستعمال لغة الإشارة. ويوحي رمز "اليد في اليد" في جميع الثقافات إلى التضامن.
رموز مختلفة
يذكر أن حزب التقدم والاشتراكية اختار الكتاب كرمز له، وحسب هذا الحزب فان اختيار هذا الرمز يبرره كون المغرب يعتبر بلدا في حاجة إلى تطوير المعرفة وتعميم التربية و يبرره أيضا اعتقاد هذا الحزب الراسخ انه لا تنمية في المغرب بدون تربية وتكوين والكتاب يرمز إلى كل ذلك. وفي ذا ت السياق اختار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي رمز الرسالة.
واختار حزب القوات المواطنة رمز البيت، كما اختار حزب مبادرة المواطنة والتنمية رمز الباب.
ومن الرموز الطريفة أو الغريبة نجد إبريق الشاي " البراد" الذي اختاره حزب الاتحاد الديمقراطي.
ويكتسي البراد المغربي صفات كثيرة تميزه عن غيره من الأواني المحلية أو العالمية ، وللبراد دلالة ثقافية إذ أن
الشعب المغربي وَفِي لثقافته الأصيلة المبنية على التواصل و الانفتاح البناء الذي لا ينتهي بالذوبان بل بالتميز و الإبداع وإن من أهم ميزات هذه الثقافة كرم الضيافة , ويعبر إبريق الشاي عند المغاربة على دلالة الوحدة و التآخي
وله دور مهم في جمع كلمة الناس و تأليف القلوب بحيث أن أي مجلس من مجالس الإصلاح بين الناس على اختلافهم إلا و تجده حاضرا بقوة مزينا الكؤوس الزاهية والصينية اللامعة , فما أن ينتهي البراد و قبل أن ينفض الجمع يتصالح المتخاصمان و تعود المياه لمجاريها , و للبراد دورا أساسيا داخل الأسرة المغربية فهو مصدر اجتماع و تلاقي دائم بين الأب و أبنائه و بناته و الأجداد بأحفاده حيث تقدم الصينية إلى أكبر فرد في الأسرة يتحلق الجميع حوله مستمعين لحديثه, كما أنه يكتسي أهمية قصوى في الأفراح والأتراح ,حيث نجده وفي الأعراس و العقائق و المآتم و المؤتمرات الحزبية
و الشعبية و كذا مؤتمرات الحركات الإسلامية فكما يقول المغربة -البراد ما يخطاش و الكأس لمشحر ما يغيبش-
وللبراد دلالة فنية حيث تظهر جمالية البراد و الكأس و الشاي في اللوحات الزيتية و الأغاني الشعبية التي أبدعها الفنانون المغاربة إذ كتب عنه الكثير من الأدباء و نُظِمت فيه قصائد زجل لا تحصى.وهو بذلك يعتبر قطعة فن عالمية .
و الملاحظ أن أغلبية هذه الأحزاب السياسية باتت تكتب تحت هذه الرموز بحروف تيفيناغ وهي تسعى من وراء ذلك إلى استمالة عاطفة الأمازيغ من أجل التصويت عليهم.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا بإلحاح شديد بعد هذه القراءة السريعة: هل أخذت هذه الأحزاب السياسية فعلا مثل هذه التأويلات بعين الاعتبار عند اختيارها لهذه الرموز؟
لقد تباينت أراء المتتبعين للشأن السياسي المغربي فيما يخص اختيار هذه الرموز ، حيث اعتبر بعض المتتبعين بأن "وردة" الاتحاد الاشتراكي قد تكون متعارفاً عليها بين اشتراكيي العالم، و"ميزان" حزب الاستقلال مقبولا على نطاق واسع نسبياً، وحتى "رسالة" حزبَ الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و" شمعة " حزب الاشتراكي الموحد و"كتاب" حزب التقدم والاشتراكية يحظيان بأصوات مؤيدة، إلا أن بعض الرموز لم يكن مألوفاً، فألهَم العديد من الصحافيين ومحرري الافتتاحيات. لقد تحدثوا عن حديقة حيوانات اختلط فيها "الفيل" و"الديك" و"الدلفين" والغزالة" و"الفرس" و"النحلة" و"الجمل" و"الأسد"، وحتى "السفينة" و"السيارة" و"الباب" و"التفاحة" و"الجرار" وغيرها من الشعارات العجيبة. وقراءة سريعة للرموز المستعملة من طرف الأحزاب السياسية المغربية تجعلنا نقول بأنها تتراوح بشكل عام بين رمز يحيل إلى قيم الليبرالية المتوحشة (التي لا تعترف سوى بالربح السريع) ورمز الشمعة الذي اختاره حزب يساري في دلالات رمزية (ليست غريبة على فكر وممارسة هذا الحزب), حيث الاحتراق هو التضحية في سبيل نشر النور في هذا المجتمع .
كما اعتبر بعض المتتبعين أن طبيعة جمهور الناخبين في بلد تبلغ نسبة الأمية فيه 45% تستدعي اختيار رموز بسيطة وقريبة من البيئة التي يعيش فيها هؤلاء، على عكس البلدان الغربية التي تكتفي فيها الأحزاب باستعمال الأحرف الأولى من أسمائها. ويستبعد أصحاب هذا الرأي أن يكون للرموز تأثير سلبي على الأحزاب أو على إرادة الناخبين باعتبار أن الأحزاب ذات الرصيد التاريخي أو القاعدة الجماهيرية العريضة ليست في حاجة إلى دعاية كبيرة.
فيما يعتقد البعض الآخر أن اختيار الأحزاب للرموز خضع لمنطق انتخابي وشعبوي أكثر مما فكر مؤولوها في التشاور مع فنيين ومع ذوي الاختصاص لوضع رموز تتضمن الشروط الجمالية والقيم الفنية. وسئل نبيل بن عبد الله ذات مرة حول ما إذا كان حزبه قد استشار فنيين لاختيار رمزه، فأجاب «اشتغلنا مع وكالة للتواصل، واعتقد أننا كنا أول حزب ندشن هذا النوع من التعامل منذ عام 1995عشية المؤتمر الوطني الخامس للحزب». وقال بن عبد الله في تعليقه على الأحزاب التي فكرت في اختيار رموز انطلاقا من منطق انتخابي شعبوي «أن الأمر سيكون جميلا لو جمعت تلك الأحزاب بين هذا المنطق وبين الخصوصيات الجمالية والفنية للرمز».
وحسب رأي أحد المختصين في فن التسويق السياسي فان «الأحزاب فكرت فقط في التعريف بنفسها بطرق سهلةفي الأوساط الشعبية، كالإشارة إليها فقط بحزب الحصان» في إشارة إلى الاتحاد الدستوري، «أو حزب الجمل» في إشارة إلى حزب الشورى والاستقلال، «أو حزب الحمامة الزرقاء»، في إشارة إلى التجمع الوطني للأحرار.واعتبر المصدر ذاته أن صورة الأسد التي اختارها الحزب المغربي الليبرالي هي نفس الصورة التي توجد على علب الكبريت، فالحزب لم يكلف نفسه عناء البحث عن صورة أخرى لأسد الأطلس الذي اختاره كرمز له. فجل هاته الأحزاب لم تتأنى و لو للحظة في اختيار شعارات قد تترجم تطلعات المواطنين ليجدوا فيها ضالتهم بعد أن فقدوا ثقتهم الكاملة في هاته النخب السياسية ..كما أن غياب علاقة واضحة بين الرموز و بعض الأحزاب تستدعي إلى أن يكون المصوت جنيا أو ساحرا لمعرفة العلاقة بين الاثنين.. .. وهكذا يمكن القول بأن هذه الأحزاب قد اختارت رموزا قد تبدو غريبة عن مجال الإشهار والدعاية، إما بسبب كثرة الأحزاب المترشحة، مما ينتج عنه نفاذ الرموز التقليدية، أو بسبب العجلة في الاختيار. والسؤال الذي يمكن طرحه في الأخير هو: كيف لأحزاب عجزت حتى عن صنع و ابتكار رموز شخصية أن تنجح في تقديم برامج معقولة و أن تسطر أهداف واضحة ؟؟؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.