"" على سبيل التقديم قد يبدو المشهد سوقا للنخاسة في العصور الوسطى، وهو يفتح أبوابه للأجانب قصد التسوق من الرقيق المغربي الأبيض، مشهد تهتز له نفوس ملايين المغاربة الذين لم يكن يخطر ببالهم أن بالمغرب، "البلد الإسلامي المحافظ"، مجموعة "قوادين" من عيار ثقيل، يسمسرون في لحوم نساء وفتيات، منهن من لم يتجاوزن عمر الورد، بأكثر من عشرة مدن مغربية، كمراكش، الصويرة، آسفي، المحمدية، خنيفرة، الرباطالدارالبيضاء، أكادير، طنجة، تطوان وغيرها من المدن والأقاليم التي تطفح بنكهة اللحم البشري الذي يدخل في خانة الجنس اللطيف، فتيات تنفحن بالأنوثة، تتلقفهن أعين "القوادين" قصدا أو بغير قصد، لتبدأ مخططات استدراجهن من خلال وسائل إغرائية تنعدم فيها نسبة الفشل وإمكانية الاختيار؛ الفشل عند هؤلاء السماسرة لا يعرف طريقه إلى قاموسهم الخاص، ربما لأنه قد يعصف برؤوس كبيرة أشبه بالحانات التي تخفي في أطمارها التحتية وأقبيتها الخفية زجاجات الخمر المعتقة والمهربة، رؤوس يختفي خلفها آلاف الوسطاء الذين يقدمون أجساد المغربيات في شكل "كاتلوك" على طبق من ذهب لعشاق اللحوم المغربية التي تفوح منها روائح الغنج والدلال بفضاءات خاصة ومكيفة وفقا لرغبات الزبناء القادمين بالدرجة الأولى من دول الخليج، هذه الفضاءات قد لا يدركها الوصف وقد لا تلحق بها أعين السلطة، بل منها من أنشئت بمباركتها، كما هو الحال بالنسبة لبعض الفنادق والفيلات والشقق المفروشة والمرافق السياحية الكبرى المستفيدة من رعاية خاصة جدا بمراكش، بهذه المدينة الحمراء التي يُسَوِّقُ لها القائمون على الشأن السياحي بالمغرب، ويروج لها الوزراء والدبلوماسيون في مختلف المنتديات والتظاهرات الدولية على أنها قبلة فريدة للاستجمام والتهام المآثر العمرانية، اكتشفنا فيما يشبه الفتح المبين قلاع محضة برجالات الأمن الخاص تباع فيها مغربيات قادهن الحظ إلى ترويج بضاعتهن بالتقسيط، لأمراء وشخصيات خليجية تقطع آلاف الكيلومترات لمعانقة الدفء الأنثوي المغربي على مرآى ومسمع خدامهم المغاربة، وتحت حراستهم، اللاهثين وراء الربح السريع أو هواة الانقضاض على سرة المال المتبوعة بكلمات عربية فصيحة خليجية المنبت، "خذ ألف دينار"، ولعل أحداث كهاته تحيي الجرح المغربي الذي لم يكتب له الالتئام، بعد فضائح جنسية صنف على إثرها المغرب في المراتب الأولى على رأس الدول التي تزدهر فيها السياحة الجنسية بامتياز، سيما أن هناك أحداث خطيرة طفت إلى السطح في السنوات الأخيرة أبطالها أجانب وطأوا بلذة سادية شرف المغرب في مدن مغربية مختلفة، أبرزها فضيحة "السرفاتي"، البلجيكي الجنسية، الذي قادته الصدفة إلى العبث بأجساد عشرات الفتيات القاصرات والراشدات أمام عدسات كامراته بشقق مفروشة بأكادير، لتصبح مذكراته الموقعة بالصوت والصورة دروسا أولية للزوار الجدد الوافدين على عاصمة سوس أكادير. لم تقف الفضائح الجنسية التي لطخت سمعة المغرب والمغاربة في الخارج إلى هذا الحد، بل تلت قضية السرفاتي فضائح أخرى، عمقت جرح المغرب الغائر الذي لم تفلح "مراهم التجميل وصنوف الماكياج المخاتلة من تزويقه وتنميقه بغية حجبه، بل ساهمت هذه المساحيق التجميلية الحاجبة للحقيقة في كشف عورات بناتنا على عشرات المواقع الالكترونية البورنوغرافية، حتى أضحى المغرب الذي يسعى لتأسيس دولة الحق والقانون وخوض معركة الجهاد الأكبر، عاجزا أمام هذا المد الذي يندفع بحمولاته المالية لتلطيخ وتشويه ونخر الجسد المغربي والعبث به في وضعيات مختلفة، فبعد حادثة السرفاتي سيتعرض المغرب لصفعة قوية بتوقيع إسباني عبر روبورتاج تلفزيوني بثته القناة الإسبانية الثالثة (انتينا تريس) ليلة الخميس 19 يناير 2006، حيث كشف بالتدقيق مسالك السياحة الجنسية بالمغرب، إذ اعتمد معدو البرنامج (صحفيون) طيلة التحقيق على كاميرا خفية فضحت الوجه الآخر الذي تعيش عليه مدينة طنجة والدارالبيضاءومراكش، إذ خلال نصف ساعة، وهو عمر البرنامج المعنون ب "ثمن قاصر"، والكاميرا ترصد دعارة أخرى تختلف كليا عن الدعارة الراقية التي اشتهرت بها المغربيات بالخليج، غير أن الوضع يختلف بالنسبة للتحقيق الإسباني، فمعدل أعمار الداعرات التي اقتفت آثارهن الكاميرا يتراوح بين 11 و18 سنة، وهن لسن سوى دمى متحركة بأيدي سماسرة الدعارة المحترفين في تكديس الأموال من عرق فتيات قاصرات يقطف باكورتهن كل متعطش لامتصاص عرق فتي يتصبب فوق أسرة مافيات الدعارة، إلا أن أغرب ما في التحقيق هو تلك الشهادات الحية التي تبرز في مجملها تواطؤ الشرطة مع هذه المافيات التي تتاجر في بكرات القاصرات وأردافهن، إذ يكفي حسب نفس التحقيق أن ينزل الأجنبي بكل ثقله فوق الأجساد الفتية بكل حرية دون أن يلتفت وراءه، على اعتبار أن نسب مائوية من الأموال المدفوعة تعرف طريقها نحو الشرطة لابتياع صمتها، حتى بات المغرب من خلال برنامج "ثمن قاصر"، يجني أكثر من 200 مليون أورو، وهو مبلغ عائدات دعارة القاصرين بكل من مراكش طنجة والدارالبيضاء، في مثلث (الدعارة، المال والسلطة). وعلى الرغم من أن هذه الأحداث وأخرى، كشفت واقع المغرب الذي يراهن على السياحة كنشاط اقتصادي مهم، فإن السلطات ما فتئت تضيق الخناق على هذه الظاهرة التي تنحو منحى تكريس ثقافة السياحة الجنسية لدى الأجانب، لتقوم بين فينة وأخرى بحملات تمشيطية واسعة النطاق والتي قد أعادت شيئا ما التوازن لهذه المدن، خصوصا مراكش الحمراء، لكن إذا كانت السلطات قد وضعت أصابعها على أوكار الدعارة في قلب عاصمة السياحة بالمغرب، فإنها غفلت أو تجاهلت مربع البذخ والمجون بهذه المدينة الحمراء، إذ في كنفه تنتعش الدعارة الراقية مقابل مبالغ مالية خيالية تنهار أمامها كل القيم وتذوب بسببها مكارم الأخلاق وتُطَوَّع بسببها أيضا الأجساد الأنثوية الرخيمة على صدور أمراء وشخصيات خليجية تمول مشاريع سياحية ترتكز على الجنس، المخدرات، الخمر والسهرات، كنشاط رئيسي تقطف منه عند كل زيارة لها تأوهات فتيات مغربيات من مختلف الأعمار، بهذا المربع المتواجد في ممر النخيل بمراكش شيدت شقق مفروشة وفيلات مصممة وفق هوى الخليجيين، قد يبدو ذلك صادما أو قد لا تستسيغه العقول، لكن الواقع كان أكبر من صعقات الكهرباء العالية التوتر لما اقتحمنا ممر النخيل بمراكش، وولجنا إحدى فيلاته المشيدة تحت الأرض بمكيفات خاصة، أكثر ما يلفت انتباه الداخل إليها هو جملة من العوازل الطبية المنتشرة فوق موائد خاصة إضافة إلى أجود أنواع الخمور اللاهبة للمشاعر. إلا أن ما يثير الغرابة، ويطرح أكثر من سؤال هو أن مالك هذه الفيلات والشقق المفروشة المشيدة على مساحة 71 هكتارا، ابتدأ في مشواره الداعر هذا من حارس لعمارة بممر النخيل إلى ميلياردير يتداول اسمه الخليجيون في دولهم بل وينصح بعضهم البعض بزيارته في مراكش لالتهام الرقيق الأبيض، حتى أضحى هذا الرجل يتردد على أكثر من لسان في دول الخليج تحت اسم ملك "ممر النخيل"، إذن كيف بدأ هذا الرجل مشواره في درب الدعارة الراقية، ومن يقف خلفه؟ وكيف يستدرج الفتيات من مختلف المدن المغربية لتقديمها ملفوفة في مناديل حريرية لهواة اللحم المغربي،وما هي الخدمات التي يقدمها للخليجين؟ ومن هم منافسوه من ملوك الدعارة بمراكش والمدن الأخرى؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليها انطلاقا من زيارة ميدانية لهذه القلاع المحصنة المطوقة برجال الأمن الخاص والكامرات والكلاب المدربة، بعد تمويههم بأننا "قوادون للخليجين". "راس الخيط" هذه هي مدينة مراكش، المدينة الأثرية الغنية بثرات يجذب السياح إلى السفر عبر أطوار الزمن الغابر، لم يكن تواجدنا بهذه المدينة التي تناسلت في عمقها جملة من الفضائح الجنسية الشاذة من باب الاستمتاع بجمالها أو النهل من حضارتها الأسطورية، بل وجدنا أنفسنا وسط أهاليها وزوارها الأجانب بعد معلومات حساسة توصلنا بها من مصادر جد مطلعة، تكشف الجانب المستور لهذه المدينة تحت يافطة ما خفي كان أعظم. كانت البداية من ساحة جامع الفنا، أو النقطة الحساسة في قلب مراكش، زائروا الساحة يتدفقون، جماعات وفرادى، إلى رحمها، كل حسب مآربه، هناك من تجذبه "الحلقة" حيث الأفاعي والقردة المدربة وولاد حماد أو موسى أو مقلدوا مجموعة ناس الغيوان، وهناك من تقوده رائحة الشواء إلى التهام الوجبات السريعة من لحوم وأسماك، أو الاستدفاء بمشروبات الأعشاب والتلذذ ب "سلو" الذي يحكى أنه يقوي الرغبة الجنسية، رواد مشروبات الأعشاب و"سلو" كثر، غالبا ما تقود مومس زبونها إلى هناك، كَفُسْحَة لجولة قصيرة في اتجاه أسِرَّة الغرف المأجورة،وهناك أيضا من تسوقه الرغبة الجامحة التي اختمرت داخله إلى اصطياد العاهرات والمثليين لقضاء ليلة بيضاء في أوكار الدعارة بهذه المدينة الحمراء، المال بهذه المدينة مفتاح سحري تحقق بواسطته كل الرغبات، توجهنا إلى إحدى الشوافات أو قارئات الكف المرابضات بالساحة تحت مظلاتهن الواقية من لسعات الشمس التي لا تنقضي في محاولة لتتبع "رأس الخيط"، فبعد أن منحناها 20 درهما أخذت تسيح بين الخطوط المتداخلة والمتشابكة على صفحة راحتينا، لكن ذلك كان مجرد غطاء سيكشف النقاب عن دورها الحقيقي بهذه الرقعة الأسطورية التي تمتزج فيها أصوات الأهازيج الفلكلورية، قالت قارئة الكف وهي تنظر في عيوننا بجرأة عالية، "إلى ما عجبكمش اللحم ديال جامع لفنا، كاين لحم آخر، فتي، (تضحك) باقي بميكتو.." كانت كلماتها تلك التي انفلتت من تحت نقابها بوابة لاقتحام عالم الدعارة الذي هو جزء يسير من تلك المعلومات التي توصلنا بها، لكننا نحن أيضا فاجأناها عندما طلبنا منها أن تدلنا على وسيط يمكنه تلبية طلباتنا، على اعتبار أننا نحن أيضا مجرد وسطاء عند أناس كبار لهم نظرتهم الخاصة عن بائعات الهوى، طلبت منا 100 درهم كخدمة لها على إرشادنا، لكننا طمأناها على أننا سندفع أكثر إن هي سارعت إلى توفير الوسيط "القواد"، أخذت كراسيها البلاستيكية وطوت مظلتها وأودعتهم عند رفيقتها التي تبعد عنها بحوالي عشرة أمتار، هي الأخرى تقرأ الكف، ولا نعلم إن كانت بدورها ستقوم بنفس العملية إن حج إليها آخرون لنفس الغرض، توجهت قارئة الكف نحو مخدع هاتفي، كانت تبعد عنا بحوالي خمسة أمتار، حتى وصلت إلى المخدع لتطول مدة المكالمة الهاتفية بينها وبين الوسيط المجهول، حوالي خمس دقائق ستخرج قارئة الكف مبشِّرة إيانا بأنه في غضون 15 دقيقة سيكون الوسيط حاضرا، وما علينا إلا الانتظار بالمقهى المقابل للساحة، وقالت أيضا "ربع ساعة غادي يدخل القهوة، راه سمر اللون، وداير طربوش مغربي أحمر"، كانت الساعة آنذاك حوالي الثالثة والنصف من زوال يوم السبت، انتظرنا بالمقهى زهاء عشرين دقيقة ليبدو صاحب القبعة الحمراء وهو يتفحص جموع الجالسين في فضائها الخارجي، ثم توجه نحونا مباشرة، تفاجأنا كثيرا، وتساءلنا كيف عرف أننا نحن من ننتظره وليس غيرنا، لكننا أخفينا تعجبنا ودعيناه للجلوس، من خلال هذه العملية، تبين لنا أن الرجل الذي هو في أواخر الثلاثينيات من عمره، ليس شخصا عاديا سيما أنه اكتشفنا وسط أكثر من 50 جالسا بالمقهى، وربما يكفي هذا لندرجه في خانة المحترفين لهذه اللعبة الدنيئة، "أش بيتو" قالها الوسيط بلهجة مراكشية محضة، وتعني باللغة العامية "آش بغيتو"، أخبرناه أننا مجرد وسطاء لدى بغض الخليجيين، وأنهم يبحثون عن أماكن راقية وآمنة، كما أنهم يبحثون عن أربع فتيات عمرهن أقل من عشرين سنة، "وما يكون غير خاطرك"، سألنا الوسيط عن مدة الأيام التي سيقضيها الخالجيون بمراكش، فأجبناه أنهم سيبيتون ليلتين فقط، عندها أخرج هاتفه النقال وخاطب مجهولا قائلا: "أهلا راس التيمومة.. هذا أنا، شوف ليا واش باقي عند (ولد ثور الدينا) شي بارطما خاوية لشي كليان كبار.." وبعد انتهائه من مكالمته تلك، خاطبناه بأن زبناءنا يريدون إقامة راقية، وليس "بارطما"، فهم يركزون على "فيلا" مفروشة ومجهزة بأرقى الأثاث، وأن تكون بعيدة عن ضجيج الحافلات والسيارات وكذا في منآى عن أعين رجال الأمن، أخرج الوسيط هاتفه مرة ثانية، وكلم أحدهم قائلا: "السلام عليكم.. هذا أنا.. شوف ليا الريفي، واش كاين شي فيلا في النخيل... تكون مقادة مزيان، حيث عندي شي كليان كبار.. (بدا أنه يجيب عن سؤال ما) إيه كبار بزاف"، بعد أن أنهى مكالمته أضاف قائلا: "لقد جئتم في وقت صعب للغاية،، اليوم يوم السبت، (يبدو أنه تدارك شيئا ما)، لم تخبراني هل هؤلاء الخليجيين سبق أن زاروا مراكش أم أنها المرة الأولى التي سيزورون فيها هذه المدينة؟ أجابه زميلي بأنهم لم يطأوا أرض المغرب إلا حوالي ثلاثة أيام، فبعد جولة بمدينة الرباطوالدارالبيضاء جاؤوا لزيارة مراكش، كما طلبنا منه أن يرينا "الفيلا" التي سيقضي بها الخليجيون ليلتيهم الباذخة، ليتوجه بنا عبر سيارة من نوع بوجو 206 (ميتاليزي) إلى ممر النخيل، بهذا الحي الذي تعلوه جدائل النخل المائلة، انتصبت عشرات "الفيلات" الجاهزة، وأخريات في طور التشييد، كان صاحب القبعة الحمراء أشبه بالمرشد السياحي، وهو يعرفنا بكل ما نصادفه في طريقنا، عرجنا نحو حي صفيحي محاط بالنخيل، يدعى (أبياض)، تواجده بهذه المنطقة السياحية الهادئة، يبرز مدى اتساع الهوة بين الطبقتين، كما صادفنا قافلة من أربعة جمال تدب على الرصيف المؤدي إلى باقي الأبواب المشيدة على السور المسيَّج حول فيلات ممر النخيل، وما هي إلى أربع دقائق حتى أوقفنا صاحب الطاقية الحمراء، عند إقامة سياحية شاسعة، تسمى إقامة بن الدرقاوي وقصر النخيل، ثم علق قائلا، كما هي عادته، بهذه الإقامة سيجن الخليجيون "غادي يلوحو حوايجهم"، بل "غادي يبلعو الطعم هنا"، ثم أشار لنا نحو الفيلات التي تبدو كالقصور من بعيد، قائلا: "إحدى هذه الفيلات ستكون من نصيب الخليجيين، لكن مبلغ الليلة الواحدة هنا يبتدئ من عشرين ألف درهم فما فوق، حسب نوعية الخدمات (يضحك) و"القطيطات"، ثم توجهنا نحو إحدى مداخل هذا الصرح السياحي البديع، لكن حسب تعبير صاحب القبعة الحمراء، فإننا لن نتمكن من الدخول، لأن رجال الأمن الخاص ينفذون تعليمات صارمة، تمنع دخول أي كان إلا بعد أخذهم الإذن من مشغليهم، إذ حسب السمسار الذي قادنا إلى هذه المواخير الباذخة، فإن صاحب هذه الإقامات وكذا قصر النخيل، هو صاحب شركة للأمن الخاص، لذا فكل العاملين في هذه الشركة يطبقون تعليماته بأدق تفاصيلها. من هنا كانت البداية، فقد أمسكنا شيئا ما ب "راس الخيط" الذي قادنا إلى أهم المركبات السياحية التي تكترى بها فيلات للدعارة الخليجية الراقية بأثمان خيالية. عند عودتنا إلى ساحة جامع الفنا وجدناها قد اكتظت بالسياح والزوار المغاربة، طلبنا من صاحب القبعة الحمراء رقم هاتفه، لكنه رفض، غير أنه في المقابل أخذ رقم هاتفي على أساس الاتصال بي عند توفير "الريفي" تلك "الفيلا" التي سيقضي بها الخليجيون (المفترضون) ليلتين بين اللحوم البيضاء اللائي ستصرن رهن إشارة الزبناء. مواخير ولد ثور الدنيا كانت الساعة تشير إلى الرابعة وخمسين دقيقة بعد زوال يوم السبت، أفواج من السياح الأجانب تتدفق في اتجاه هذه الساحة الأسطورية، "نقاشات الحناء" ترتجلن بعض الكلمات الفرنسية لجذب السائحات قصد تعشيق أيديهن ب "النقش المراكشي"، توجهنا نحو شاب يبيع السجائر بالتقسيط قرب نقاشات الحناء اللائي بدين في تلاحم غريب بإبرهن الطبية المليئة بالحناء، سألناه عن مكان تواجد إقامات "ولد ثور الدنيا"، هذا الاسم الذي ردده الوسيط صاحب القبعة الحمراء بعد لحظات وهو يكلم مجهولا، يفيد أنه أحد مكتري الشقق المفروشة للسواح الأجانب والمحليين. فأجابنا بائع الديطاي بلهجته المراكشية الجذابة،"راه بعيد.. خاصكم طاكسي أمولاي"، سألنا أكثر من أربعة أشخاص، كل يدلي بدلوه في حق هذا الرجل، بعضهم يقول إن ولد ثور الدنيا يمتلك شققا مفروشة يكفي أن تدفع له لتقضي رفقة مومس أروع اللحظات، بينما آخر يصرح أن الرجل ملاك كبير للعقارات سبق أن تواطأ مع خليجيين، غير أنه إنسل من فضيحة محتملة مثل الشعرة من العجين.. لقد تعددت الآراء حول هذا الرجل الذي تبين لنا أنه ذو شهرة كبيرة في الوسط المراكشي، وحدها الآراء الغزيرة حوله من ألهبت فضولنا للقائه. فكانت وجهتنا نحو الشارع المحاذي لصومعة مسجد الكتبية، حيث سيارات الأجرة المرابطة هناك، سائق الطاكسي لم يتردد هو الآخر في الحديث عن ولد ثور الدنيا "الله ياودي شكون هذا للي ما يعرفش هذا المخلوق"، كان هذا جوابه فور سؤالنا عن صاحب الشقق المفروشة الموضوعة رهن إشارة وسطاء دعارة الخليجيين، طيلة مسافة الطريق وسائق الطاكسي يسردنا لنا أحداث خطيرة تفيد في مجملها أن العديد من الملاهي الليلية بحي "كيليز" (الكونطوار، التياترو، جاد محل، مونتي كريستو)، تعتبر المشتل الخصب لإنتاج المومسات ومدمني المخدرات بمختلف أنواعها، من بينهن المحترفات والهاويات وأخريات قاب قوسين أو أدنى من الدعارة، وهن في أغلب الأحيان تلميذات الثانويات، لكنه لم ينكر أنه بدوره حمل عاهرات إلى شقق ولد ثور الدنيا، يقول سائق الطاكسي "أنا مجرد عامل، أقتات من هذه المهنة المتعبة، كنت من قبل (فوكيد) أرشد السياح (مارش نوار)، لكن بعد أن حصلت على رخصة الطاكسي، أظن أن الأمر سيختلف، فلا يمكنني أن اختار (الكليان) كل على حدة، كما لا أنفي أني أوصل العديد من الفتيات رفقة وسطاء إلى إقامة ولد ثور الدنيا وإقامات أخرى، مثل الرياضات وسط المدينة، وكذا بعض الفيلات بممر النخيل، أغلبهن فتيات معدل سنهن يتراوح بين 18 و30 سنة، إلا أنهن لا يصرحن بأنهن قاصدات تلك الشقق، ولكنهن يقصدنها دون إثارة الشبهات"، بعد خروجنا من حي "كليز"، أشار سائق الطاكسي إلى عمارتين معزولتين قائلا: "هافين تايعرقوا بناتنا مع للي سوا وللي مايسواش"، ثم أضاف "هاتان العمارتان من أوكار (ولد ثور الدنيا)". فور وصولنا إلى هناك توجه نحونا شاب يبدو أنه بدوي، سحنته وملابسه تدل على ذلك: "تريدون شقة للكراء، أو غرفة؟ كل شيء موجود"، كان هذا أول ما خاطبنا به البدوي، الذي يشتغل عند ولد ثور الدنيا، سألناه بدورنا عن مكان تواجد الشقق والغرف، ليشير هو الآخر إلى العمارتين المتواجدتين خلفه، بعد نزولنا من الطاكسي بادرناه بسؤال آخر، "لقد جئنا من مدينة الدارالبيضاء بخصوص حجز بعض الشقق لسعوديين ينويان قضاء ليلة باذخة بهذه المدينة، وقد أرشدنا أحد الزبناء الذي تردد كثيرا على هذه الشقق، هل عندكم فتيات فاتنات يمكنهن إتلاف مشاعر السعوديين؟ انفلتت منه ابتسامة رقيقة وأردف قائلا: "فور وصولهم سنرسل من يجلب لهم فتيات طازجات، كل شيء موجود عندنا"، كانت كلمات سائق سيارة الأجرة صائبة حينما قال بأن شقق ولد ثور الدنيا، مكان ساخن تذوب فيه أجساد بناتنا فوق صدور الخليجيين، لكن كم يبلغ سعر الشقة الواحدة بهاتين العمارتين؟ لما استفسرنا البدوي عن الثمن قال لنا بأن التفاوض حول الأثمنة ليس من اختصاصه، بل هناك وكالتان عقاريتان أسفل العمارتين يمكن أن نفاوض صاحبهما عن الثمن، لكن من الأفضل أن نترك ذلك للسعوديين، لقد اعتقد أننا نحن الآخرون سماسرة، وهمنا الوحيد هو أن نعرف ثمن كراء الشقة لمضاعفته أمام السعوديين وبالتالي الحصول على نسبة من المال، لكنه طمأننا قائلا "حتى أنتوما بحلاوتكم". لقد اشتهرت إقامات ولد ثور الدنيا بالبذخ والفساد، كما أضحت هاتان العمارتان مواخير لكل متعطش للهو بالأجساد الفتية، وحسب مصدر أمني عليم فقد سبق أن تم اعتقال امرأة (قوادة) رفقة فتاة قاصر بمحطة القطار، اعترفت أنها جلبتها من مدينة الرباط لتقديمها لخليجيين بشقق ولد ثور الدنيا، بعد أن أخبرها أحد السماسرة الموالين لهذا الرجل، بضرورة إيجاد فتاة قاصر لأن زبناءه الخليجيين في حاجة للتلذذ بجسدها الطري؛ وحسب نفس المصدر، فقد جلبتها المرأة بطريقة فريدة كبحت أي محاولة من للفتاة من التملص من يدها، إذ أغرتها بأموال كثيرة ووعدتها بالمزيد، كما أخبرتها أن مدة بقائها بمراكش لن تتجاوز ليلة واحدة، إلا أن معلومة تسربت إلى مخفر الشرطة أوقفت المخطط الداعي إلى وأد شرف الفتاة فوق سرير وثير بماخور ولد ثور الدنيا، وحسب مصدر أمني آخر، فإن هذه العمارات سبق أن شهدت عمليات مداهمة من طرف رجال الشرطة، بعد توصلها بمعلومات تفيد بأن داخلها خليجيون يسبحون في عوالم المجون رفقة مغربيات اقتدن إليهم بواسطة (سماسرة)، وقد أسفرت هذه المداهمات في أوقات مختلفة عن ضبط ثلاث خليجيين متلبسين (عراة) رفقة عاهرات مغربيات، تفوح منهم رائحة الخمر، وسط دخان الحشيش الذي يعم فضاء الشقة بعمارات ولد ثور الدنيا، وفي هذا الصدد عبر مصدر بعين المكان أن بعض سكان العمارة المجاورة تقدموا في أحيان كثيرة بشكايات إلى مصالح الأمن بغية وقف ولد ثور الدنيا عن ممارسة أفعاله الآثمة، وكذا توفيره شققا لممارسي الدعارة، لكن دون جدوى، وتساءل نفس المصدر، هل هذا الرجل يتمتع بحصانة من جهات عليا؟ فانطلاقا من حجم الشكايات وكذا المداهمات العينية لهذه الشقق تبين أن الرجل محمي من جهات نافذة تنتعش بدورها من مداخيل الدعارة بهذه الشقق، يضيف نفس المصدر. بعد أن تعذر علينا اختراق صرح هاتين العمارتين، أوكلنا الأمر لرفيقنا المراكشي العارف بخبايا مواخير بيع اللحوم النسوية، وكذا لغة أصحابها، إذ تمكن من تمويه أحد العارضين لمزايا شقق الكراء بهاتين العمارتين، ربما نفس الشاب الذي التقيناه فور نزولنا من سيارة الأجرة، يقول المراكشي أدخلني إلى إحدى الشقق المفروشة هناك، كانت باذخة ومحفزة على امتطاء صهوة البنات، كل شيء متوفر بهذه الشقة: خمور، عوازل طبية، مجلات "البورنو"... حتى أن الأسِرَّة الوثيرة تهيج المشاعر، عندما سألت الشاب عن إمكانية جلب فتاة إلى هذه الشقة، أخبرني أنه لا مانع في ذلك، ثم قال أيضا إن صاحب الشقق يوفر لزبنائه شابا يخدمه مقابل 150 درهم، وظيفة هذا الشاب حسب مرافقنا هو أنه خادم، إذ أن تواجده أمام الشقة، يوفر للزبناء خدمات مختلفة كتسخيره في جلب الفتيات وكذا بعض أنواع الخمر التي قد لا تتوفر عليها ثلاجة الشقة، لا يحتاج الخادم إلى قطع أميال طويلة من أجل جلب زجاجات الخمر، يكفي أن ينزل الدرج ليجد محلا لبيع الخمر في ملكية ولد ثور الدنيا أسفل العمارتين، أما عن ثمن كراء الشقق المفروشة فيبتدئ الثمن حسب مرافقنا من 1000 درهم ليصل إلى 10000 درهم حسب نوعية الخدمات التي قد لا توفرها فنادق من صنف خمسة نجوم اعتبارا للرقابة الدائمة من طرف المعنيين بالأمر. بورتريه ولد ثور الدنيا تواجده بالمدينة الحمراء أتنى الكثير من المراكشيين والزوار الأجانب والمحليين عن التفكير في المكان الآمن لقضاء ليالي حمراء رفقة خليلاتهم، يقصده الشباب والعجزة، بل حتى بعض المسؤولين من العيار الثقيل، ابتدأ من لا شيء، ليصبح في ظرف قياسي مالك كل شيء، كثيرات هن الفتيات اللواتي تأوهن فوق أسِرَّة شققه المفروشة، زواره أيضا كثيرون لا ينقطعون، أغلبهم من دول الخليج وأوروبا وفرنسا على وجه الخصوص؛ بشققه تلك تمارس الدعارة على أعلى مستوياتها، وبمختلف أصنافها، بعضهم يقول بأن أقبيتها تتلاحم فيها أجساد المثليين، وترتسم فيها صورة فاضحة للشواذ الجنسيين بتوقيع مغربي، وبعضهم الآخر يرى أن شققه فضاءات آمنة لهتك عرض القاصرين والقاصرات من أبناء هذا الوطن على أرائك رفيعة، هؤلاء القاصرين الذين يتوسط تجارتهم "قوادون" محترفون، صغار السن يقتادونهم مقابل مبالغ مالية مهمة من طرف وسطاء آخرين لتكون وجهتهم شقق الرجل التي تحنط فيها أجساد المومسات والقاصرات بعد تناول الخليجيين جرعاتهم الدافئة والدسمة، فمن يكون هذا الرجل الذي داع صيته في المدينة الحمراء وبات أحد أكبر المنافسين لرجل آخر يدعى "ملك الدعارة" أو "ملك النخيل". إن المسمى (ي) يقوم بتصبين أقمصة فريق الكوكب المراكشي مقابل مبالغ مالية زهيدة، وستشاء الأقدار أن ترسم للرجل صورة أخرى مغايرة كليا لصورة الرجل، وهو يدعك بكلتا يديه أقمصة الفريق وسط فقاعات الصابون المتناسلة، إذ أنه في ظرف وجيز أصبح مالكا لمطعم وحانة تقرع داخلها الأقداح بشارع عبد الكريم الخطابي، اسم الحانة هو "واد الذهب"، وقد كانت تدر عليه الذهب، حتى تمددت بفضل مدخولها مشاريعه، إذ استطاع أن يشتري محلا لبيع الخمور "بيسري"، مما عرى حسب البعض حقيقة الرجل الذي جعل من جرعات الخمور وديان ستقوده تياراتها إلى بحر العقارات بمراكش، اشترى بادئ الأمر شقة راقية، ثم تلتها شقق أخرى حتى أصبح يملك أكثر من 30 شقة بشارعي عبد الكريم الخطابي ومحمد السادس، ابنه (ي) المعروف ب (ولد ثور الدنيا) أصبح هو الآخر يمتلك شقة تلو أخرى، بل أصبح بحوزته وكالتين عقاريتين تعلوهما عمارتان، شقق ولد ثور الدنيا حسب الكثير من المراكشيين وكذا مصادر أمنية جد مضطلعة باتت مساحة حمراء تلتحم فيها الأجساد ويرفع داخلها الخليجيون والسواح الأجانب رايات النصر بعد فتوحاتهم الجنسية الشاذة، وقد قيل إن الرجل قُدِّم مرات عديدة للعدالة للقصاص منه، على اعتبار أنه أحد أكبر المساهمين في توسيع دائرة الدعارة بمراكش، وما إن يقف أمام سلطة العدالة، حتى يخرج منها مكللا بالبراءة، مما يجعل الكثيرين يتساءلون عن موقع الرجل داخل الهرم المراكشي، هناك من يقول بأنه محمي من جهات عليا تستفيد من تواجده في المدينة الحمراء، وهناك أيضا من ذهب بعيدا بقوله إن الرجل يوفر هو الآخر فضاءاته العفنة لشخصيات نافذة، بل إن هناك من أدرج الرجل ضمن الأشخاص المحميين من طرف أحد كبار مسؤولي الأمن بمراكش، إذ كيف يمكن تفسير ذلك، خصوصا أن جل الحملات التي تقوم بها مصالح الأمن الداعية إلى كنس المومسات والعاهرات من الشوارع والغرف المأجورة والرياضات والعلب الليلية، وتستثنى شقق ولد ثور الدنيا، الذي لا يزال فاتحا ذراعيه لكل المتعطشين لالتهام اللحوم المغربية البيضاء، إنه بالفعل ابن (ثور الدنيا). "ملك النخيل" غريب الأطوار، وعنوان للدهشة بامتياز، من سلة المهملات في قعر المجتمع، حيث كان يكنس الأتربة الحمراء المنتشرة أمام فيلا امرأة أجنبية، إلى ملك شقق وفيلات يكنس داخلها الأجانب بكرات العذارى والحسنوات، تلك الشقق والفيلات المؤثثة وفقا لتصاميم تشبه إلى حد كبير تصاميم قصور ألف ليلة وليلة، ألف شهرزاد وشهرزاد حُنِّطت في صور ثابتة في كتيباته "الكتالوك" تقدم كالطعم أمام أسماك القرش ذات العقال الخليجي، يقتني اللحم الأبيض أينما كان، أسواقه المفضلة تفوق عشرة مدن مغربية، من تطوان، طنجة، القنيطرة، الرباط، المحمدية، الدارالبيضاء، الخنيفرة، آسفي، الصويرة، مراكش، أكادير ومدن أخرى يقتفي وسطاؤه الفتيات بطرق مدروسة تطغى عليها لغة الإغراء، لاسيما أن الفقر لغة المعوزين، ومن مشتلهم يقطفون أزهارا تفوح منها رائحة الأنوثة لتقديمها بعد الترتيب والتشديب في مزهريات لأثرياء الخليج. اسمه بن الدرقاوي، قد يحيل الاسم أوتوماتيكيا إلى إحدى الزوايا الصوفية بالمغرب، إلا أنه لم يحمل من الزاوية الدرقاوية التي اشتهرت بالعلم والتدين غير الاسم فقط، مصدر أمني عليم يقول بأن الرجل ابتدأ حارسا لبوابة فيلا بحي النخيل، تعود في ملكيتها لامرأة كثيرة السفر، كان يستغل غيابها لكرائها، زبناؤه آنذاك زوار من مراكش، (سياح أجانب – خليجيون) ومن المحليين أيضا، داوم على هذه الحال ردحا من الزمن حتى كون رأسمالا جعله يكتري بعض الفيلات المجاورة من أصحابها بمبلغ مليوني سنتيم للشهر الواحد ليقوم بكرائها للمستثمرين الخليجيين بما يناهز ثلاثة ملايين سنتيم لليلة الواحدة، وهكذا أصبح الرجل يأخذ هيئة أخطبوط تمتد أرجله المطاطية إلى الفيلات المجاورة، اشترى فيلات كثيرة بحي النخيل، وأنشأ قصرا داخل أقبيته ودهاليزه تبرم الصفقات المشبوهة، همه الأوحد، المال؛ المال سلطة في قاموس الرجل، فقد أضحى من أكبر أثرياء مراكش، هذه المدينة التي ذكرها المؤلف المغربي الراحل عبد المجيد بن جلون في مجموعته القصصية واد الدماء، يبرز فيها من خلال إحدى شخصياته الاستغلالية كتابا عنوانه "كيف تغتني في مراكش"، قد يكون صاحب الفيلات قد قرأه حرفا حرفا، وسار على نهج الشخصية الاستغلالية التي شكلت ملامحها تصاريف واد الدماء. أنهار من دماء العذارى تسفك فوق الأرائك بفيلات حي النخيل التي يمتلكها الرجل، ومئات الصرخات والتأوهات المنفلتة بعد كل وطأة من توقيع خليجي قد تكون بأعضائهم التناسلية، أصابعهم وكذا عكازاتهم، يصير كل ذلك عناوين على يافطات قصر النخيل لصاحبها بن الدرقاوي؛ بعد غزواتهم الجنسية الناجحة فوق أرض مراكش، يتداول أثرياء الخليج الذين مروا من فيلاته الباذخة اسم الرجل في بلدانهم، بل ينصح بعضهم بعضا بتدشين هذه النقاط السوداء بعاصمة الزاهد يوسف ابن تاشفين، حتى لقب الخليجيون بن الدرقاوي ب "ملك النخيل" في إشارة إلى الإمبراطورية الواسعة التي يمتلكها في حي النخيل. بعد أن أنشأ إقامته ذات المطعم الضخم والشقق الفارهة وسط عشرات الفيلات أخذت جحافل السياح تحج إليه لالتهام شمس مراكش وهوائها الجاف، لكن ذلك لا يمثل إلا قمة الجبل، بينما سفحه ذو القاعدة العريضة تختفي في ثغوره فلول الفساد والبغاء الراقي، له من الخدم والحشم ما يحيل إلى العهد البرولتياري، أنشأ شركة للأمن الخاص، لا تأتمر إلا بإمرته، وظائفها متعددة، ورجالها المرفوقين بكلاب مدربة متعددي الاختصاصات، غير أنها مجبولة بالدرجة الأولى على حماية الرجل وممتلكاته. بعضهم وصفه بالعرّاب، استعارة من الفيلم الهوليودي الذي شخص دوره الممثل "ألباتشينو"، إذ أن للرجل (بن الدرقاوي) نفوذا واسع النطاق (رجال الأمن من مستوى رفيع، برلمانيون، وزراء.. أمراء خليجيون...) جميعهم، حسب الذي وصفه بالعرّاب، يشكلون صمام أمان لحماية الرجل؛ مصدر أمني يقول إن الرجل بعد أن يتوصل بمعلومات، تفيد أن شخصية وازنة حجت إلى مراكش يسارع إلى ضيافتها وتوفير إحدى فلاته تحت تصرفها مجانا، يقينا منه أن ذلك سيجعل الشخصية الوازنة إلى جانبه... ربما تكون هذه إحدى الأساليب التي يعتمدها الرجل الأخطبوط لتوسيع نفوذه. قبل سنتين ستتوصل مصالح الأمن بمراكش حسب أكثر من مصدر بمعلومات تنم على أن فيلات بن الدرقاوي وشققه تتناطح فيها أجساد الخليجيين بالأيقونات المغربية الرخيمة، لتداهم قلاعه المحضة، وتضبط آنذاك 22 سعوديا متلبسين بتهمة الفساد، عندها فر "العراب" خارج حدود مراكش، وتوارى عن الأنظار قرابة 25 يوما، حتى تم توجيه استدعاء خاص له من طرف وكيل الملك عن طريق الشرطة القضائية (فرقة الأخلاق العامة)، لكن ما إن مثل بين يديه حتى أطلق سراحه، بينما تم ترحيل السعوديين إلى بلادهم عن طريق مطار محمد الخامس، وقد عبر أحد رجال الأمن أنه إثر اعتقال هؤلاء السعوديين بتلك الفيلات، أخرج أحدهم مبلغ 60.000 درهم لتقديمها كرشوة لرجل الأمن، غير أن الشرطي رفض المبلغ بعد أن توسعت مساحة الغيرة على وطنه لتقديمه إلى العدالة، وأضاف، أن اعتقالهم تم في شقق متفرقة بحي النخيل، يكتريها "العراب" للأجانب. يمتلك الرجل الذي ابتدأ حارسا لفيلا بحي النخيل، وكالات للأسفار والرحلات، وسيارات فارهة تقل الخليجيين من مدن المغرب ومطاراته إلى حيث أوكاره المتعفنة، كما توضع رهن إشارة الوسطاء و"القوادين" لجلب الفتيات واستقطابهم وكذا استقبالهم بمطار مراكش ومحطة القطار.. أو حتى من مدنهم البعيدة، كيف لا وهن رأسمال الرجل الوحيد، أو الورقات الرابحة التي يراهن عليها لحصد نصيب وافر من الأموال على طاولة الخليجيين، أليس بالفعل لقب "ملك النخيل" جديرا ب "العرّاب" عن دراية استحقاق. إضغط هنا لقراءة الجزء الثاني من تحقيق –ملوك الدعارة-