استطاعت الحكومة تمرير قانونين تنظيميين في جلسة عمومية بمجلس النواب بالأغلبية، مساء الأربعاء، بعد امتناع نواب المعارضة عن التصويت. وصادق المجلس بأغلبية النواب الحاضرين على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، وذلك ب 74 نائبا ودون معارضة أي نائب، فيما امتنع 22 آخرون منتمون للمعارضة عن التصويت. وبررت فرق المعارضة موقفها السلبي من المشروع بما اعتبرته "مصادرة من الحكومة لحق البرلمان في التشريع، وذلك على خلفية إحالتها للمشروع بعدما صوتت لجنة العدل على مقترح قانون حول نفس الموضوع تقدم به فريقان نيابيان، وهما العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار. واستغربت المعارضة من تعاطي السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية، مبرزة أنها "ضربت عرض الحائط قرارات المجلس الدستوري والرسالة الملكية الموجهة إلى الندوة الدولية التي نظمت بمناسبة الذكرى الخمسينية للبرلمان، اللتان أعطيا الحق للبرلمان في التشريع عندما يتعلق الأمر بالقوانين التنظيمية المكملة للدستور. وفي المقابل أشادت فرق الأغلبية بالمسار الذي عرفه المشروع، واصفة إياها بالإيجابية، لكون الحكومة حسبها تفاعلت مع مقترحي فريقي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية بشكل إيجابي، مسجلة أن "سحب مقترحيهما يأتي في إطار مقتضيات النظام الداخلي للمجلس، ولا يعني تكريس مصادرة الحكومة للمبادرة التشريعية كما يتم الترويج له". واعتبرت الأغلبية أن سحب فريقيها للمقترحين "يعني تنسيق الحكومة وأغلبيتها في تدبير تشريع كما هو معمول به في كل الديمقراطيات"، مشددة على أن المقاربة في المبادرة التشريعية البرلمانية والحكومية، ليست مقاربة صراع وتنازع، بقدر ما هي مقاربة تكامل وتنسيق، لتؤكد بعد ذلك "أن التشريع سلطة حصرية للبرلمان لا يمكن المس بها، وأن مبادرة الحكومة في التشريع مكفولة دستوريا". ومن جهتها اعتبرت الحكومة أن المسار الذي أخذه المشروع اتسم بروح المسؤولية والتعاون مع المؤسسة التشريعية، دافعة عنها تهمة مصادرة حق النواب في التشريع التي وجهتها لها المعارضة. وأبرزت الحكومة أن دستور 2011 وسع من اختصاصات اللجان النيابية لتقصي الحقائق، حيث لم يعد دورها يقتصر على جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، بل يمتد إلى جمع المعلومات المتعلقة بتدبير المصالح والمؤسسات والمقاولات العمومية. ومن جهة ثانية صادق المجلس بالأغلبية على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة وبالوضع القانوني لأعضائها، بموافقة 87 برلمانيا من الأغلبية وامتناع 30 نائبا من المعارضة عن التصويت. ويحدد هذا المشروع القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، وحالات التنافي مع الوظيفة الحكومية وقواعد الحد من الجمع بين المناصب، وكذا القواعد الخاصة بتصريف الأمور الجارية من لدن الحكومة المنتهية مهامها ومهام الحكومة الجديدة قبل تنصيبها من قبل مجلس النواب. واعتبرت الحكومة أن المشروع يشكل لبنة من اللبنات الأساسية في مسلسل أجرأة دستور 2011، وهو ذات الاتجاه الذي ذهبت فيه فرق الأغلبية التي ذكرت بأهمية المشروع، لكون الحكومة استفادت من حصيلة التراكم المسجل منذ سنتين من عملها. ومقابل التنويه الذي حظي به المشروع وخصوصا على مستوى مادته 32 التي وسعت حالات التنافي بين العضوية في الحكومة، وفي هيآت ومؤسسات أخرى وبمهام أعضاء الدواوين التي تنتهي بمجرد انتهاء مهام الحكومة، أشارت المعارضة "أن النقاش حول هذا المشروع أكد الحاجة الماسة لفتح حوار عمومي حول علاقة المال بالسياسة، وحول تحصين القرار العمومي من سلطة المصالح الخاصة، وحول سبل الحد من تضارب المصالح". وطالبت المعارضة الحكومة بتقديم ميثاق أخلاقي لعملها يجيب على الحاجة الضرورية لإقرار الشفافية وتعزيز المصداقية وتقوية الثقة في العمل العام كخدمة نبيلة لقضايا المواطنين والبلاد، مبرزة أن "انخرطنا بكل مسؤولية في مناقشة هذا المشروع وتقديم العديد من التعديلات جاء تغليبا للمصلحة الوطنية في مقاربتنا وقراءتنا له كقانون تأسيسي يُعنى بالسلطة التنفيذية". "لكن يبدو أن رسائلنا الايجابية مع الأسف لم تصل كما يجب إلى من يهمه الأمر"، تقول فرق المعارضة التي أكدت "أننا سنمتنع عن التصويت على هذا المشروع، وذلك في انتظار حكومة في مستوى الدستور، وفي مستوى تطلعات الديمقراطيين في هذه البلاد".