في تقديرات محينة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أعلى مؤسسة رسمية إحصائية بالمغرب، أفادت وثيقة "الميزانية الاقتصادية التوقعية" لسنة 2024 بأنه "بناء على تطور الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات على المنتجات ب1,5 في المائة"، فإن "النمو الاقتصاد الوطني سجل انتعاشا ب2,9 في المائة سنة 2023 عوض 1,3 في المائة المسجلة سنة 2022". وأكدت الوثيقة الرسمية المفصلة، تتوفر هسبريس على نسخة منها، أن "سوق الشغل خلال سنة 2023 فقد 300 ألف منصب"، شارحة أنه "بناء على تراجع معدل النشاط، سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى 13% سنة 2023 بعد 12,2% المسجلة سنة 2022". "تحسن معتدل للطلب الداخلي" مندوبية التخطيط وصفت تحسن المداخيل الفلاحية ومواصلة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج منحى نموها ب"المعتدل"، لافتة إلى أن استهلاك الأسر سنة 2023 عرف ارتفاعا طفيفا ب 0,6 بالمائة مقابل انخفاض ب 0,7 بالمائة سنة 2022. هذه الوتيرة تأتي، وفق تفسيرات المصدر نفسه، في ظل استمرار التضخم، خاصة أسعار المواد الغذائية التي ستساهم بما يناهز 80% في تطور مؤشر الأسعار للاستهلاك خلال سنة 2023. وبناء على زيادة الاستهلاك العمومي ب3,6%، سيعرف الاستهلاك الوطني النهائي نموا ب1,3%، مفرزا بذلك مساهمة موجبة في النمو الاقتصادي بحوالي 1,1 نقطة عوض 0,3 نقطة سنة 2022. من جهته، سيسجل الاستثمار الإجمالي نموا ب2,2% عوض انخفاض ب6,5% سنة 2022. ورغم مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، يبقى الاستثمار الخاص محدودا ورهينا بعودة الثقة لدى المستثمرين في سياق استمرار الضغوط التضخمية وتداعيات تشديد الشروط التمويلية. وإجمالا، سيسجل الطلب الداخلي نموا ب1,6%، ليسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 1,8 نقطة عوض مساهمة سالبة ب1,7 نقطة سنة 2022. العجز الخارجي يتراجع في 2023 "سيؤثر تراجع حجم المبادلات التجارية العالمية بشكل كبير على الطلب الموجه نحو الاقتصاد الوطني. غير أن صادرات المهن العالمية ستواصل منحاها التصاعدي، نتيجة استمرار الطلب الخارجي الموجه نحو أنشطتها، خاصة قطاع صناعة السيارات في شطره المتعلق بالتركيب والأسلاك الكهربائية وقطاع الإلكترونيات والكهرباء"، تقول المندوبية التي يرأسها أحمد الحليمي العلمي. في المقابل، توقعت مندوبية التخطيط أن "تواصل صادرات الفوسفاط ومشتقاته نتائجها غير الملائمة، حيث سيتراجع حجمها نتيجة تغيير وجهة الطلب الخارجي نحو أسواق أخرى وتأثيرات الرسوم الجمركية المفروضة على الأسمدة الكيماوية من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهكذا، سيسجل حجم الصادرات من السلع زيادة ب7% عوض 4,7% سنة 2022". بالموازاة مع ذلك، سيعرف حجم الواردات من السلع ارتفاعا ب6,1% عوض 5% المسجلة سنة 2022. ويعزى هذا المنحى إلى زيادة الواردات من سلع التجهيز ومن منتوجات الاستهلاك النهائية. غير أن هذا التطور سيبقى محدودا نتيجة تراجع حجم الواردات من أنصاف المنتجات، خاصة الأمونياك والمنتوجات الغذائية. وفي تقديراتها المحينة، رصدت الوثيقة التي تحمل طابع الاستشراف أيضا تراجع "العجز التجاري خلال سنة 2023 ليبلغ 20% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 23,2% سنة 2022′′، مستفيدا من منحى أسعار المواد الأولية الذي سيمكن من تخفيض فاتورة الطاقة والفاتورة الغذائية، ولكن في المقابل سيؤثر بشكل سلبي على قيمة الصادرات الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، ستساهم النتائج الجيدة لمبادلات الخدمات، خاصة خدمات الأسفار والنقل، في "التخفيف من عجز الموارد" الذي سيصل 10,1% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 بدل 14,5% سنة 2022. فيما أفضى تطور تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى تراجع الحساب الجاري بفائض للمرة الأولى منذ سنة 2006، ليستقر في حدود 0,1% من الناتج الداخلي الإجمالي". عجز الميزانية.. تراجع "طفيف" في سياق "تحسن نسبي" لوتيرة النمو الاقتصادي و"استقرار الأسعار عند مستويات عالية"، رصدت مندوبية التخطيط وضعية المالية العمومية سنة 2023 المتسمة حسب ترجيحاتها ب"تراجع عجز الميزانية". في التفاصيل، عرفت المداخيل الجارية في 2023 ارتفاعا لتصل إلى حوالي 21,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، مستفيدة من المداخيل الجبائية التي ستمثل 18,3% من الناتج الداخلي الإجمالي. كما رصد مصدر البيانات ذاتها زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة على التوالي إلى 8,2% و7,7% من الناتج الداخلي الإجمالي. فيما ارتفعت المداخيل غير الجبائية متم سنة 2023 لتبلغ 3,3% من الناتج الداخلي الإجمالي، مدعومة بالمداخيل الواردة من المؤسسات والمقاولات العمومية ومن آليات التمويل المبتكرة. من جهتها، ستتراجع حصة النفقات الجارية سنة 2023 لتبلغ حوالي 20,5% من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل21,7% المسجلة سنة 2022، ويعزى ذلك أساسا إلى "الانخفاض الملحوظ لنفقات المقاصة نتيجة تراجع أسعار غاز البوتان على المستوى العالمي". وفي المقابل، ستواصل النفقات من السلع والخدمات ونفقات الدين العمومي منحاها التصاعدي لتصل على التوالي إلى حوالي 16,4% و2,2% من الناتج الداخلي الإجمالي. وبناء على حصة نفقات الاستثمار التي ستبلغ حوالي 6,4% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 7,1% سنة 2022، ستستقر النفقات الإجمالية في حدود 26,9% من الناتج الداخلي الإجمالي. وبالتالي، سيتقلص عجز الميزانية إلى حوالي 4,7% من الناتج الداخلي الإجمالي، غير أن مستواه يبقى مرتفعا مقارنة بالمتوسط السنوي 3,7% المسجل خلال الفترة 2014-2019. الدين العمومي الإجمالي إجمالا، سيرتفع الدين الإجمالي للخزينة سنة 2023 إلى حوالي 72% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 71,6% سنة 2022، ليتجاوز بذلك عتبة 1000 مليار درهم، حيث سيهيمن الدين الداخلي على بنية الدين الإجمالي للخزينة بحوالي 74,7% في حين سترتفع حصة الدين الخارجي للخزينة إلى حوالي 25,3%. وتبقى هذه البنية متماشية مع المعدلات المعيارية المحددة بين 70% و80% بالنسبة للدين الداخلي، وبين 20% و30% بالنسبة للدين الخارجي. أما "الدين الخارجي المضمون"، فإنه سيصل إلى 13,6% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 عوض 14,6% سنة 2022، ليستقر "الدين العمومي الإجمالي" في حدود 85,6% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 86,1% سنة 2022. يشار إلى أن هذه الوثيقة تشكل في جوهرها "مراجعة للآفاق الاستشرافية الصادرة خلال شهر يوليوز من سنة 2023′′؛ فالأمر يتعلق ب"تقديرات جديدة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2023، وبمراجعة توقعات تطوره خلال سنة 2024 وتأثيراتها على التوازنات الماكرو اقتصادية الداخلية والخارجية".