لأول مرة في تاريخه، يناقش البرلمان المغربي بداية الأسبوع المقبل مقترحا تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس النواب لإلغاء عقوبة الإعدام، واستبدالها بالسجن المؤبد، مع الحرمان من الحق في طلب العفو، باعتبار أن هذه العقوبة "تمس أثمن حق يملكه الإنسان، لكونها تؤدي إلى القضاء على كل أمل له في البقاء حيا". ويأتي مناقشة هذا المقترح في وقت تعالت فيه الأصوات الحقوقية المغربية للمطالبة بإلغاء كل فصول القانون الجنائي المغربي بكل فروعه، سواء القانون الجنائي المدني أو العسكري، أو ما يتعلق بجرائم الإرهاب، لكون المغرب رسخ هذا التوجه منذ 20 سنة، إذ لم ينفذ أي عقوبة إعدام منذ سنة 1993. المقترح، الذي برمجته لجنة التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، للعرض والمناقشة يوم الأربعاء 5 مارس المقبل، يطالب خلاله الفريق الاشتراكي بإلغاء عقوبة الإعدام أينما وردت في مقتضيات القانون المغربي، ولا سيما في القانون الجنائي وقانون القضاء العسكري، مشيرا أنه "يستفيد من أحكام هذا القانون المحكومون بالإعدام بموجب حكم سابق لصدوره، والذين لم يتم تنفيذ أحكام الإعدام في حقهم". الفريق الاشتراكي استند في مطلبه هذا لكون "الدين الإسلامي الحنيف قد أفرد لحق الإنسان في الحياة مكانة خاصة ومتميزة بحيث حرم قتل النفس إلا بالحق، ومع ذلك فقد كان قتل النفس عندما يقتضي الحق ذلك أمرا جوازيا، لا وجوبيا بحيث يترك الأمر للضحية وذويه بقصد التقرير في العفو من عدم ذلك". وأوضح الفريق أن "إعدام الإنسان عندما يقتضي الحق ذلك هو أمر شرعي جوازي لا وجوبي"، مبرزا أنه "يكون من الجائز شرعا إحداث عقد اجتماعي موضوعه الاتفاق على إلغاء عقوبة الإعدام في صيغة نص تشريعي يقرر تعطيل هذه العقوبة وإلغائها، اعتبارا لسلبياتها الكثيرة وانعدام جدواها في ظل التطور الإنساني ونسبية عدالته، مقابل استبدالها بعقوبة أخف منها تتمثل في السجن المؤبد المشدد وحرمان الجاني من الحق في طلب العفو منها". وشدد فريق نواب الفريق الاشتراكي على المستجد الدستوري الذي كرس صراحة الحماية الدستورية للحق في الحياة، إذ يتضح أن هذا الحق أصبح مطلقا يتعين على القانون حمايته، وعدم وضع أي مقتضى استثنائي يقضي بخرق حق الإنسان في الحياة تحت أي ذريعة كيفما كانت، وذلك تحت طائلة عدم دستوريته". وسجل النواب ذاتهم أنه أضحى من اللازم ملاءمة التشريعات الجنائية الناصة على عقوبة الإعدام مع هذا المستجد الدستوري الذي يجعل من الحق في الحياة حقا مطلقا، ليس للقانون بشأنه إلا دورا حمائيا فقط، وذلك من خلال إلغاء هذه العقوبة في التشريعات الجنائية المعمول بها واستبدالها بعقوبة أخف منها يقترح أن تكون السجن المؤبد مع الحرمان من الحق في طلب العفو. وكانت معطيات للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قد أفادت أن 115 سجينا محكوما عليه بالإعدام في سجون المملكة المملكة، وهو ما يعادل نسبة %0,19 من مجموع الساكنة السجنية، البالغ عددها 72 ألف و816 سجين عند متم شهر شتنبر 2013.