تواصل جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، محاولاتها لجر المغرب إلى رحلتها في خرق اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991 وتجاوز المقتضيات الأممية وقرارات مجلس الأمن، بهجوم هو الثاني على الأقاليم الجنوبية. الجبهة لم تخفِ، من خلال بيان أمس السبت، مسؤوليتها في إطلاق أربع مقذوفات على منطقة أوسرد، مؤكدة محاولتها استهداف قواعد القوات المسلحة الملكية قبل أن يظهر أن مقذوفاتها سقطت في الخلاء دون تسجيل أي أضرار بشرية أو مادية. ولعل هاته المحاولة، التي تتزامن مع زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة في جهود واشنطن للدفع بحل الملف دون أي تأخير، تتوخى إظهار أطروحة الجبهة بوجود حرب في المنطقة مع المغرب. ويطرح الهجوم أهمية الزيارة التي قام بها محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، إلى موريتانيا، تزامنا مع هجوم السمارة الإرهابي، إذ يشير هجوم أوسرد إلى ضرورة تضاعف جهود التنسيق المغربي الموريتاني لمنع تسلل أفراد الجبهة الانفصالية. ومباشرة مع هجوم أوسرد، تحدث المدعو محمد عمار، بصفة "ممثل البوليساريو في نيويورك"، عن "استمرار الجبهة في التصعيد ضد المغرب بحمل السلاح"؛ ما يلمح إلى فقدان قيادة الرابوني للأمل في ربح الملف، مع تزايد الدعم الدولي للموقف المغربي خاصة بعد تجديد إسبانيا، المستعمر القديم، دعمها للحكم الذاتي. وقال محمد نشطاوي، محلل سياسي، إن "هجوم أوسرد هدفه أن تظهر الجبهة المزعومة أنها لا تزال في الوجود، وتبين للمبعوث الأمريكي هاريس أنها في حرب مع المغرب". وأضاف نشطاوي لهسبريس أن "الهجوم محاولة واضحة للضغط على أمريكا صاحبة القلم في الملف، حتى تظهر لها قدراتها وترغمها على إقرار طموحاتها الواهية". واعتبر المتحدث ذاته أن "المنتظم الدولي يعترف بشكل واضح بغياب مشروعية هذا الكيان، الذي يواصل تهديد المنطقة بالحرب ويعزز موقعه ضمن المنظمات الإرهابية". ولفت نشطاوي الانتباه إلى أن "المغرب يواصل تجاهل حماقات الرابوني وقصر المرادية، اللذين يعكفان على محاولات جر المملكة إلى ساحة الحرب"، موضحا أن "الرباط تعي بهاته المحاولات الفاشلة التي تسعى البوليساريو إلى إرساء حرب مشروعة، والجزائر إلى مواصلة سياسة تصدير الأزمات الداخلية". أما لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، فقد سجل أن "هذا الهجوم يتجاوز مجرد التشويش على زيارة هاريس؛ لأن الجبهة تحاول التأثير على العمل الأممي". وأورد أقرطيط لهسبريس أن "الجبهة الانفصالية مصدومة من التطورات التي عرفها ملف الصحراء المغربية، وترفض التحركات الحالية للقوى العالمية في إنهاء النزاع المفتعل وفق الرؤية المغربية التي هي أكثر واقعية". وفسر المتحدث ذاته أن "إسبانيا التي لها مسؤولية تاريخية من النزاع، تطمح في ظل حكومة سانشيز إلى دعم الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية". تابع أقرطيط تفسير هذا الهجوم: "هاته التطورات تكشف تحولا خطيرا في البنية العسكرية للجبهة، والتي امتزجت بقوة مع الإرهاب، وأصبحت تهدد العالم وليس فقط المنطقة المغاربية والإفريقية"، مستدركا بالقول إن "الجبهة تحولت من فكرة التحرر إلى ممارسة الإرهاب بشتى أنواعه". واستطرد الخبير في العلاقات الدولية بأن "المملكة المغربية ستواصل، من خلال حكمتها وحنكة القوات المسلحة، الحفاظ على الاستقرار في المنطقة"، مشددا على أنها "سوف تقوم بتحركاتها وفق القانون الدولي، وبما يسمح في حفظ سلامة مواطنيها وأراضيها الحقة".