في الوقت الذي يدعو فيه مجلس الأمن إلى وقف التهديدات والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، تواصل جبهة البوليساريو معاكسة الصوت العالمي وادعاء تصعيد الهجمات وتهديد الأراضي المغربية. وإن كانت بلاغات الجبهة الانفصالية حول العمليات العسكرية قرب الجدار الأمني قد وصلت إلى 908 منذ تحرير القوات المسلحة الملكية لمعبر الكركرات، فإن المملكة المغربية تواصل للمرة الألف سياسة ضبط النفس والالتزام بالمقتضيات الدولية. وقبل قرار مجلس الأمن الأخير، أطلقت الجبهة تغييرات جديدة في لغة بلاغاتها العسكرية، بحيث استهدفت مناطق مدنية في السمارة؛ وهي الحادثة التي لا تزال إلى حدود اليوم خاضعة للتحقيق من قبل السلطات، وتحدثت يوم أمس عن استهداف مطار عسكري في منطقة المحبس، وهو الأمر الذي يبقى غير مؤكد تماما. Loading Ad 00:00 / 00:00 وتبقى البلاغات العسكرية الخاصة بجبهة البوليساريو صعبة التأكد، خاصة أن تقرير غوتيريش الأخير رصد عدم وجود حالة للحرب في المنطقة، إلا بعض المناوشات التي ترسخ عدم التزام قيادة الرابوني باتفاق وقف إطلاق النار. وتجاوزا لكل هذا، تبدو المملكة المغربية واعية بحقيقة التصعيد التي تدعيه الجبهة المدعومة من الجزائر، إذ يبقى الانشغال الحالي تجاه مشاريع التنمية الاقتصادية وتحويل الأقاليم الجنوبية المغربية إلى قاطرة للربط الاقتصادي والتجاري مع دول غرب إفريقيا. في المقابل، تبدو جبهة البوليساريو في وضع صعب، خاصة مع تراجع الدعم الدولي لأطروحة تقرير المصير عبر الاستفتاء، مع استمرار الانشقاقات الداخلية، وتواصل أزمة المحتجزين في المخيمات، أمام ارتفاع متواصل في أسهم مخطط الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد للنزاع المفتعل. عالقة في شجرة التصعيد محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن "البوليساريو لا تزال عالقة في شجرة التصعيد السياسي والإعلامي، منذ سنة 2020". وأورد سالم عبد الفتاح لهسبريس أن "هذا التصعيد يستمر رغم ثبوت عدم قدرته على إحداث أي تغيير يذكر على أرض الواقع.. على عكس ذلك، فالبوليساريو هي التي تواصل تكبد الخسائر، في مقابل جني المملكة للانتصارات". واعتبر المتحدث ذاته أن "الغاية من هذا التصعيد هي تصدير الأزمة الداخلية، خاصة الوضع المتدهور على مستوى مخيمات الرابوني، وتراجع الدعاية الانفصالية وقدرة البوليساريو على التعبئة والتأطير؛ ما نجم عنه ترهل في التنظيم السياسي وفوضى داخلية، وسخط وتذمر عاليان من قبل المحتجزين في المخيمات". "تقارير الأمين العام للأمم المتحدة كانت دائما تكذب الدعاية الانفصالية، والتقرير الأخير بيّن وجود حالة استقرار في الأقاليم الجنوبية، بما في ذلك زيارة مبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا، ووقوفه على المنشآت الحيوية والمشاريع التنموية، كما رصد عدم وجود علم للقوات المينورسو بوجود خسائر لدى الجانب المغربي"، أضاف سالم عبد الفتاح. وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إلى أن "هذا الفشل الذريع لدى جبهة البوليساريو من خلال تصعيدها السياسي والإعلامي انعكس في شكل يأس وقنوط من قبل أوساط في الجبهة، مع تفكك وترهل قيادتها السياسية؛ الأمر الذي دفعها إلى ممارسة الإرهاب واستهداف المدنيين العزل في أحياء سكنية بواسطة مقذوفات تفجيرية". تصعيد إعلامي من جانبه، سجل رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "الأممالمتحدة لا تلاحظ وجود حرب في المنطقة، لذا فالجبهة تحاول ممارسة دعاية إعلامية لا غير". وأورد مسعود، ضمن تصريح لهسبريس، أن "هجوم السمارة الإرهابي هو الوحيد الذي يبقى لنا علم به، والذي أكد فعلا أن هاته الجبهة الانفصالية خطر على عامل الاستقرار في المنطقة كلها". وأشار رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن "المنتظم الدولي عليه أن يعي بخطورة وجود جماعة مسلحة غير منضبطة في الشمال الإفريقي". واستطرد المتحدث ذاته بأن "الجزائر هي الأخرى يجب أن تعي بخطورة وجود البوليساريو على أرضها، وكيف يشكل ذلك تهديدا أمنيا قويا". ولفت مسعود إلى أن "الجبهة على وقع تراجع شعبي متواصل على المستويين الداخلي والخارجي؛ ما يدفعها إلى نهج تصعيد إعلامي مكشوف، وتبقى بلاغاتها العسكرية غير مؤكدة، إذ يتم فقط توجيهها إلى الداخل في المخيمات".