قالت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، إن على المغرب تبني أوراش مفتوحة ناجعة للتصدي للتضليل الإعلامي من خلال تحليل الظاهرة بطريقة أكاديمية عميقة لابتداع الحلول الملائمة، مبرزة أنه أصبحت للتضليل الإعلامي سلاسل إنتاج ومسارات للتداول. جاء ذلك خلال إلقاء أخرباش، الجمعة، الدرس الافتتاحي بالمدرسة العليا للتكنولوجيا التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، الذي أبرزت من خلاله أن للتضليل الإعلامي دوافع وجهات وبيئة حاضنة، ويكتسي خصوصيات محددة في زمن الأزمات، مثل الأزمة الإنسانية التي عاشها المغرب إثر وقوع "زلزال الحوز". وأضافت رئيسة "الهاكا"، في معرض عرضها الذي عنونته ب"التضليل الإعلامي في زمن الأزمات.. زلزال الحوز نموذجا" أمام طلبة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أنه يجب الوعي بأن التضليل الإعلامي له كلفته على جميع المستويات، لافتة إلى أن الظاهرة المعنية لها آفاق في المستقبل رغم محاولات التصدي لها من طرف مختلف المجتمعات. وأكدت أخرباش، في سياق حديثها عن سبل التصدي للتضليل الإعلامي، على أهمية الاشتغال على ورش الذكاء الاصطناعي وتحصين المجتمع المغربي من أخطار هذه الظاهرة، لافتة إلى أنه يجب مواجهتها بكل قوة واستدامة وشجاعة، لكن في احترام تام لحرية التعبير كمبدأ. وتابعت قائلة إن "التضليل الإعلامي خطير جدا وراهني وآني، والغاية الفضلى للتصدي له هي صون سلامة المعلومة والمعرفة في المجتمعات المعاصرة"، مبرزة أن "المنصات الرقمية العابرة للقارات خلقت، الآن، داخل جميع المجتمعات فضاء عموميا جديدا (الفضاء الرقمي)، أصبح يتساكن مع الفضاء العمومي العادي". وفي تصريح لهسبريس، أوضحت أخرباش أن "التضليل الإعلامي ظاهرة إنسانية قديمة، إلا أنه بفعل التحول الرقمي للإعلام والاتصال أصبحت هناك شروط جديدة جعلت هذا التضليل آفة، وأصبح بحجم الجائحة"، مبرزة أن "للتضليل الإعلامي كلفة ديموقراطية ومجتمعية وثقافية واقتصادية". وضربت مثالا على ذلك بعلاقة التضليل الإعلامي بنظريات المؤامرة وآثارها الوخيمة على الفعل الديموقراطي، مشيرة في هذا السياق إلى أن "خطاب العدمية والتشكيك في الفعل والفاعل العموميين يضعف مقدرة المجتمع على تدبير الشأن الديموقراطي والعمومي". وأضافت أن "التضليل الإعلامي أصبح جزءا من المجال الحيوي التواصلي، مما يجب تدبيره دائما على أساس الحفاظ على الحريات العامة وحرية الولوج إلى المعلومة وحرية التعبير، لكن في الوقت نفسه اعتبار التصدي للتضليل الإعلامي حقا للمواطن المغربي لأن من حقه الولوج إلى إعلام الجودة واحترام المثل الديموقراطية وحقوق الإنسان". ولفتت إلى أنه من بين ما يجب القيام به، في إطار التصدي للتضليل الإعلامي، "تقوية وتعزيز مقدرة الجامعة المغربية على الدراسة والبحث العلمي في سوسيولوجيا الإعلام، وتملك الثقافة الرقمية، والاشتغال على الأوراش المستقبلية، وتقنين الذكاء الاجتماعي". ودعت رئيسة "الهاكا"، في سياق حديثها عن مواجهة التضليل الإعلامي، إلى إرساء منظومة إعلامية تخدم الحق في الولوج إلى الخبر، وفي الوقت نفسه تحمي المواطن من خطاب الكراهية والتفرقة، وأيضا من الخطابات التي تمس حقوق الجمهور الناشئ والفعل الديموقراطي والعمومي ببلادنا.