قالت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، إن اقتحام المنصات الرقمية للسوق الخبرية ساهم في انتشار الأخبار الزائفة، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة لها كلفة اقتصادية، اجتماعية وديموقراطية يتعين، على حد قولها، تسليط الضوء على طبيعتها وحجمها. وأوضحت أخرباش، في مداخلة لها ندوة حول موضوع "محاربة الأخبار الزائفة، بين مهنية الإعلام ومسؤولية المجتمع" من تنظيم المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أنه على المستوى الاقتصادي، تعرض الأخبار الزائفة اقتصادات الدول لمخاطر كبيرة عندما تمس بسمعة الشركات والمقاولات، وبسمعة الأسواق والمبادلا والمنتوجات والخدمات، لدرجة أصبحت معها حماية السمعة على الأنترنيت، على حد تعبيرها، سوقا واعدة ومتسمة بكثير من اللبس. أما على المستوى الاجتماعي، فأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن اقتحام الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة للمجتمعات يقوض ترسيخ العقلانية، ويؤدي إلى إذكاء التصادم ونزعات الاستعداء بين الأفراد وبين المجموعات وأيضا بين الأفراد والمؤسسات، وتسهم في تقاطب المجتمع وتهديد العيش المشترك، مما يسبب، على حد قولها، ارتفاع منسوب فقدان الثقة داخل المجتمع ويقوض القدرة الجماعية على مواجهة المشاكل والتحديات. وسجلت أخرباش أن الأخبار الزائفة لها مخاطر أيضا على المستوى السياسي، حيث تفسد ممارسات الأخبار الزائفة والتضليلية الفعل الديموقراطي وتضعفه باستهدافها لحرية ونزاهة وشفافية المسلسلات الانتخابية بوصفها أساس مشروعية التمثيل الديموقراطي. كما تضعف الديموقراطيات، تضيف رئيسة الهاكا، من خلال إسهامها في تغذية وتفشي خطاب العدمية والتشكيك إزاء جدوى ومصداقية الفعل والفاعل العموميين، مشسرة إلى أن الإعلام كسلطة، لم ينج هو الآخر من ضرر التسميم والتضليل ونظرية المؤامرة الهادفة إلى زعزعة ثقة المواطن في الفعل الصحفي وفي موثوقية ومصداقية الخبر المهني. وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن "اقتحام المنصات الرقمية للسوق الخبرية، ساهم في ظهور أعراض جانبية لهذا المعطى المستجد على مستوى العمل الصحفي، على غرار تنامي السعي اللامشروط نحو تحقيق "البوز" وتزايد السباق المحموم نحو الحصول على السبق، مضيفة أن التدفق الهائل للعرض الإخباري والمضاميني لشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقيمة الشمولية، خلخلت مبادئ الشرط الزمني الذي يؤطر العمل الصحفي وقواعد انتقاء وتحري الخبر. وشددت أخرباش على أن "هناك حاجة ملحة ومتنامية لتعزيز قدرات الإعلام المهني في مجال تحري المعلومة ومعالجتها ووضعها في سياقها الصحيح"، مضيفة أن "هذه القدرات تشكل في العمق أساس هوية وقوة وتميز الإعلام المهني، لا سيما وأن شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية أصبحت مصدرا رئيسيا للمعلومة للأفراد وللصحافيين أنفسهم". وزادت قائلة: "هناك وعي جماعي بواقع ومخاطر الأخبار الزائفة والتضليلية، يرافقه مجهود عمومي تبذله قطاعات حكومية وهيئات دستورية وجمعيات مدنية ومؤسسات إعلامية وفضاءات أكاديمية لتطوير وتعزيز سبل تفكيكها والتصدي لها، قانونيا وتربويا وتواصليا، كما أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ركزت على تضمين دفاتر تحملات الإذاعات والقنوات التلفزية التزامات تهم احترام نزاهة الأخبار". ودعت المتحدثة ذاتها إلى "إرساء منظومة حمائية منسقة ومتكاملة ضد مخاطر الأخبار الزائفة والتضليلية توحد جهود كل الفاعلين المعنيين من مسؤولين سياسيين، هيئات تقنين، أخصائييي ومهنيي التربية، باحثين أكاديميين، رجال قانون، صحفيين وغيرهم، بغاية ترسيخ نفاذية حق المواطن في الإعلام عبر تعزيز مقاومة مستنيرة للتضليل الإعلامي والتواصلي وتعزيز القدرةعلى الولوج إلى الأخبار وتداولها بطريقة أخلاقية ونقدية". وذكرت رئيسة "الهاكا" أن ممارسة الأخبار الزائفة ليست وقفا على الفضاء الرقمي، بل إن عدواها قد تصيب كل الفضاءات الإعلامية والتواصلية، مؤكدة أن نجاعة محاربة الأخبار الزائفة تستوجب النأي عن كل تصور تجزيئي، لا يأخذ بشمولية الظاهرة، مشيرة إلى أن التلاعب بالمعلومة بات اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أداة للتدخل والتحرك الجيوسياسي؛ إذ هناك دول تسخر، على حد تعبيرها، إمكانات كبيرة لتجنيد فيالق برتب مختلفة في صناعة الزيف لاختراق الرأي العام في دول ومجتمعات أخرى.