تستمر لعبة "شد الحبل" بين "اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة" ومؤسسات دستورية مغربية، في مقدّمتها "مؤسسة وسيط المملكة" التي كانت قد قررت ضمن وثيقة أصدرتها يوم 23 أكتوبر الماضي "حفظ الملف" (رقم 23/44252). وحملت نهاية هذا الأسبوع مستجداً في القضية تمثَّل في "مراسلة" إلى مؤسسة وسيط المملكة تحت موضوع "طلب الحصول على المعلومة" في ملف امتحان المحاماة بدورتيْه ( 4 دجنبر 2022 وَ 9 يوليوز 2023)، تقدمت به اللجنة المذكورة مشفوعاً بتوقيعات عدد من أعضائها، وفق ما طالعته جريدة هسبريس. الوثيقة، التي تلقت جريدة هسبريس نظيرا منها، خاطبت "وسيط المملكة" قائلة: "يشرفنا أن نتقدّمَ لكُم بصفتنا أعضاء اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة بطلبنا هذا بُغية الحصول على المعلومات التي طبعت تدخُّلَكم في ملف امتحان المحاماة بدورتيه وخلاصاته؛ وذلك طبقا للمادة 27 من الدستور والقانون رقم 13-31". "لجنة راسبي المحاماة" عدّدت هدفيْن اثنين لهذه المراسلة (مع خاتَم تاريخ التوصل 1 دجنبر)؛ أولهما "إطْلاع اللجنة وأعضائها على الأسباب والدوافع والاختلالات التي دفعت مؤسسة الوسيط للتدخل في قضية امتحان المحاماة السابق 4 دجنبر 2022، وتفعيل المبادرة التلقائية"، وثانيهما "الاطّلاع على تقريركم الخاص بملف امتحان المحاماة دورة 4 دجنبر 2022، المرفوع للسيد رئيس الحكومة". الوثيقة ذاتها تضمنت مطلباً مرفوعاً ل"وسيط المملكة"، طبقاً للمادة 38 من القانون 16-14، بخصوص "مآلات التظلمات والإجراءات والتدابير المتخذة إزاءها وتوصياتكم بخصوص كل النقط والاختلالات المرتبطة بامتحان 9 يوليوز 2023 التي سبق أن تقدّمنا بها". وكانت اللجنة تلقت، ضمن بيان سابق، ب"قلق واستياء بالغَين" ما وصفته ب"التعاطي السلبي واللّامسؤول مع فضيحة امتحان المحاماة بدورتَيْه من طرف مجموعة من المؤسسات، على رأسها مؤسسة وسيط المملكة التي أخذت على عاتقها مسؤولية التدخل والوساطة لإيجاد حل عادل ومنصف للضحايا المرسَّبين.. مع تعهَّد الوسيط بالسهر على نزاهة وشفافية إجرائه، وكذا بتتبع ومعالجة ما قد تترتب عليه من خروقات". وتوصلت مؤسسة "الوسيط" بمراسلة اللجنة، فيما حظيَ أعضاؤها باستقبال بمقرها المركزي بالرباط من طرف المسؤول "المكلف بمعالجة الشكايات والتظلمات"، حسب ما توفر للجريدة من معطيات. سياق الطلب مصدر عضو من قيادات اللجنة سالفة الذكر أفادَ هسبريس بأن "طلب الحصول على المعلومة المقدم ل'الوسيط' جاء من بعد مجموعة من التظلمات والمراسلات بخصوص الخروقات التي عرفها امتحان المحاماة الجديد دورة 9 يوليوز 2023، الذي كان 'الوسيط' سبباً في تنزيله بعد تدخله في هذا الملف، وضامناً لنزاهته، وكأعضاء اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة كنا نراسله على هذا الأساس". واستدرك المصدر ذاته: "لكن الغريب هو أن الوسيط يقوم بحفظ هذه الشكايات والتظلمات دون تعليل ودون سبب وجيه، رغم أنه تدخل في هذا الملف بمبادرة تلقائية، يتم تفعيلها حسب المادة 11 من القانون 14.16 حينما تبلغ إلى علم المؤسسة تصرفات الإدارة المخالفة للقانون أو مبادئ العدل والإنصاف". "الملاحَظ أن وسيط المملكة تدخل في هذا الملف وهو معروض على القضاء، وهو ما يخالف المادة 12 من القانون المنظِّم للمؤسسة، ولم يقُم بالإفصاح عن الخروقات التي بلغت إلى علمه ودفعته إلى تفعيل المبادرة التلقائية"، يسجل المصدر نفسه شارحا ل هسبريس، مردفا: "ثم عدم تفاعله الإيجابي مع الشكايات والتظلمات التي يتوصل بها بخصوص الخروقات والفساد الذي شاب الامتحان الجديد رغم أنه هو من أوصى بإجرائه وكان ضامنا لنزاهته، وغم أن ملف الامتحان الجديد غير معروض على القضاء ويدخل ضمن اختصاصه"، وزاد: "لكل ما سبق تقدمنا بطلب الحصول على المعلومة لكي يحيطنا السيد وسيط المملكة بكل المراحل التي طبعت تدخله، والتي تطرح أكثر من علامة استفهام". "هيئة النزاهة" تطلب "قرائن" في سياق متصل، علمَت هسبريس أن "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" توصلت سابقا بشكاية من اللجنة حول "الخروقات التي شابت امتحان المحاماة-دورة يوليوز"، بعد "تحديد الراسبين للاختلالات الإدارية التي شابته، كون الوزارة لم تعلن عن اللجنة المشرفة عن الامتحان، ولكون الأخيرة هي التي أشرفت على الامتحان السابق الذي شابه الفساد". وقال مصدر هسبريس من داخل اللجنة: "أشرْنا إلى طريقة تنظيم الامتحان وإعطاء شهر واحد للإعداد له عكس ما كان معمولا به في السنوات السابقة، بالإضافة إلى رفض وزارة العدل تمكين الممتحنين من ورقة الامتحان ونموذج التصحيح وغيرها.. كما قدمنا للهيئة مجموعة من القرائن التي تدل على وجود شبهة الفساد والمحسوبية في هذا الامتحان". ويخلص المصدر إلى أن "النتيجة هي أن الهيئة في جواب مكتوب (تتوفر هسبريس على نسخته بتوقيع محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة) تقول لنا إن شكايتنا تفتقِرُ إلى المعطيات والقرائن لإثبات ما ندَّعِيه، وتطلب منا تزويدها بالمعلومات والوثائق التي تفيد ذلك. مع العلم أن القانون يعطي للهيئة مجموعة صلاحيات للتأكد من الشكايات التي تتوصل بها، ومنها إرسال مأموريها للبحث والتحري وطلب كافة الوثائق والمعلومات من الإدارة المعنية". وجاء في جواب "هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة" (شعبة معالجة الشكايات): "بناء على الدراسة التمهيدية لمضمون شكايتكم، يتبين أنها تفتقر لما يكفي من المعطيات أو القرائن لإثبات وجود إحدى حالات الفساد موضوع تدخل الهيئة الوطنية؛ لأجل ذلك أطلب منكم تزويد الهيئة الوطنية في أقرب الآجال بما توفر لديكم من معلومات ووثائق تؤكد الادعاءات المضمَّنة فيها".