أربكت معارضة نواب فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب لعدد من فصول مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي جاءت به الحكومة، جلسة التصويت بلجنة التعليم والثقافة والاتصال يوم الجمعة، ما اضطر رئيسة اللجنة كجمولة بنت أبي لرفع الاجتماع لأزيد من نصف ساعة لفسح المجال للحكومة لإقناع الفريق الأول في أغلبيتها. واعترض الفريق بداية على عدد من مواد المشروع ليقبلها بعد مفاوضات عسيرة مع الحكومة ممثلة في ثلاثة وزراء هم رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والوزير المنتدب المكلف بالتكوين المهني عبد العظيم الكروج بالإضافة إلى الوزيرة المنتدب لدى وزير التعليم العالي سمية بن خلدون، ليتفجر الخلاف في المادة السادسة من المشروع ويعلن الفريق رفضه المطلق لها رغم تدخل الوزيرة بن خلدون للتخفيف منها الأمر الذي رفعت على إثره الجلسة. وتنص المادة المذكورة على أن "يضع المجلس بتنسيق مع السلطات الحكومية والهيئات والمؤسسات المعنية بقضايا التربية والتكوين والبحث العلمي الآليات والتدابير ومؤشرات الأداء الكفيلة بتتبع مآل الآراء والمقترحات التي يقدمها ونتائج أعمال التقويم التي ينجزها"، وهو ما اعتبره فريق رئيس الحكومة فرضا من المجلس على السلطات الحكومية. وبعد المفاوضات التي حضرتها الوزيرة بن خلدون إلى جانب نواب فريق العدالة، ارتأت الحكومة أن تعدل المادة وتعوض "يتعاون المجلس مع السلطات الحكومية"، عوض "يضع المجلس بتنسيق مع السلطات الحكومية". هذا وينص المشروع على تمتيع المجلس بالاستقلال الإداري والمالي والوظيفي، باعتباره أحد الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة، واعتبارا للمهام المنوطة بالمجلس ولاسيما مهمته التقويمية، التي يقتضي الاضطلاع بها القدر اللازم ممن الحياد والتجريد والاستقلالية. ذات المشروع الذي يأتي في إطار تأليف وتحديد صلاحيات وتنظيم قواعد سير المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الفصل 161 من الدستور، أكد على أن تعيين رئيسه يكون من طرف الملك، وذلك "ضمانا لمبدأ الاستقلالية المنصوص عليه في الفصل 159 من الدستور"، حسب ما جاء في المذكرة التقديمية للمشروع. وحدد مشروع القانون المنظم للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي المهام المنوطة به وصلاحيته في"إبداء الرأي في كل قضية من القضايا المتعلقة بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي يعرضها عليه جلالة الملك من أجل ذلك" كما أنه يناط به "إبداء الرأي في الاختيارات الوطنية الكبرى، والتوجهات العامة، والبرامج والمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي المتعلقة بقطاعات التربية والتكوين والبحث العلمي، التي تحيلها عليه الحكومة وجوبا". وأضاف واضعو المشروع أن المجلس "يسهر على إعداد دراسات وأبحاث بمبادرة منه، أو بناء على طلب من الحكومة أو أي سلطة من السلطات الحكومية المعنية، بشأن كل مسألة تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، أو تتعلق بتسيير المرافق العمومية المكلفة بها، وإبداء الرأي لفائدة الحكومة والبرلمان، بشأن مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية، التي يعرضها عليه من أجل ذلك رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين حسب كل حالة، غير أن مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا عاما للأهداف الأساسية للدولة في ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي، تعرض وجوبا من قبل الجهات المذكورة، قصد إبداء الرأي بشأنها". إلى ذلك أحدث المشروع مهمة جديدة للمجلس، مشيرا أنه سيتكلف بإنجاز تقويمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية للسياسات والبرامج العمومية في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، والعمل على نشرها، وتقديم كل مقترح للحكومة من شأنه الإسهام في تحسين جودة منظومة التربية والتكوين، وضمان إصلاحها، والرفع من مردوديتها، وتطوير أدائها، وتشجيع سياسات تطوير بنيات البحث العلمي، ودعمها، وتحفيز العاملين بها، على الإبداع والابتكار، علاوة على إقامة شراكة وتعاون مع القطاعات والمؤسسات والهيئات في مجال اختصاصه.