في أولى جلسات مناقشة فصوله داخل لجنة التعليم والثقافة والإعلام بمجلس النواب، اصطدم مشروع قانون إحداث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، النسخة الجديدة من المجلس الأعلى للتعليم الذي يرأسه المستشار الملكي عمر عزيمان بمعارضة قوية وشبه إجماع بين نواب الأغلبية والمعارضة، على رفض تقييد السلطتين الحكومية والبرلمانية، بضرورة الاستشارة مع المجلس قبل الإقدام على أي خطوة لإصدار مقترح أو مشروع قانون يهم مجالي التربية والتكوين. فيما تسبّبت مطالبة النائب الاستقلالي عبد الله البقالي، الحكومة بتقديم الوثائق المتعلقة بالأعمال التحضيرية لمشروع القانون، في توتّر الأجواء داخل اللجنة، حيث أصر البقالي على أن وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار كان قد وعد بتقديم تلك الوثائق خلال اجتماع سابق للجنة خصص لتقديم المشروع. فيما اعتبرت الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي، سمية بنخلدون، أن الحكومة غير ملزمة دستوريا بتقديم وثائقها التحضيرية. وأدى توتّر النقاش، إلى انسحاب البقالي غاضبا، بسبب ما اعتبره مقاطعة له من طرف الوزير بلمختار. هذا الأخير قال أثناء حديث البقالي، وردا على رئيسة اللجنة كجمولة بنت أبي، التي سألته ما إن كان يودّ التعبير عن موقف معيّن، إن موقفه هو عدم العودة إلى الحديث نهائيا، ممرّرا يده فوق فمه. كلمة «وجوبا» التي تضمنتها فصول مشروع القانون المتعلقة بإحالة مشاريع ومقترحات القوانين على المجلس؛ تحوّلت إلى هدف مشترك لتدخلات جميع النواب البرلمانيين، معتبرين أنها بمثابة عرقلة وتكبيل لعمل كل من الحكومة والبرلمان. المحامي والنائب بفريق الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، قال: «نحن الذين نشرّع، بينما المجلس الأعلى للتعليم هو هيئة لها حق إبداء الرأي الاستشاري، وبالتالي، فإن البرلمان مستقل في عمله وإذا ارتأى أن يطلب رأي المجلس، فيمكنه ذلك، الذي يقرّر هو نحن وليس مؤسسات الحكامة». المادة الثانية من المشروع، والمتعلقة باختصاصات المجلس، تنصّ على أنه من اختصاص هذا الأخير، «إبداء الرأي في الاختيارات الوطنية الكبرى، والتوجهات العامة، والبرامج والمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي المتعلقة بقطاعات التربية والتكوين والبحث العلمي، التي تحيلها عليه الحكومة وجوبا». العبارة الأخيرة، وخاصة كلمة «وجوبا» أثارت تساؤلات عديدة، حول ما إن كانت تعود على المجلس الذي سيكون ملزما بإبداء الرأي، أم تعود على الحكومة التي ستصبح ملزمة بإحالة المشاريع على المجلس. الوزيرة بنخلدون، قالت في معرض ردّها إن المجلس هو الملزم بإبداء الرأي في حال طُلب منه ذلك، لكنها رفضت الإفصاح عما إن كانت تتفق على ضرورة ترك مسألة إحالة المشاريع على المجلس المقبل اختيارية، مكتفية بالقول إنها تنتظر التوصل بمقترحات مكتوبة لتعديل المشروع قبل أن تبدي رأيها. النائب المنتمي إلى فريق العدالة والتنمية، عبد الصمد حيكر، قال من جانبه إن إلزام الحكومة بالاستشارة قبل الإقدام على أي خطوة «يعتبر نوعا من الارتهان وتهريب الصلاحيات وضرب لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة». وأضاف حيكر أن المجلس هو من يجب أن يكون ملزما بالرد كلما طلبت الحكومة أو البرلمان رأيه في أحد المواضيع، «وهذا ما يجب أن نثبّته في المشروع، وبدل أن نقوم بالإنفاق على مكاتب الدراسات كلما احتجنا إلى الخبرة، يمكننا اللجوء إلى هذا المجلس». من جانبه عبد الله البقالي، قال إن الصيغة الحالية للمشروع ستجعل تشريع البرلمان خاضعا لمؤسسة ليست هي السلطة التشريعية، «أي أن هناك خلخلة لقاعدة دستورية»، فيما ذهب النائب من فريق الأصالة والمعاصرة، الشرقاوي الروداني، إلى أن الأمر تجاوز للدستور والسياق الذي جاء فيه. النائبة الاتحادية رشيدة بنمسعود، قالت إن في النص نزوع نحو هيمنة المجلس على الوزارات المختصة وعرقلة عمل الحكومة والبرلمان.