حين حضرت لإحدى الندوات الإعلامية التي نظمت مؤخرا بكلية الطب مراكش حول إشكالية الصحافة المكتوبة بالمغرب، أثارني تصريح "رضى بنشمسي" الفتى المعروف لدى بعض المغاربة بكتاباته "الدارجية" وتجاوزه "للخط الأحمر"، حين قال بكل برودة أن الهوية والثقافة المغربية لا تهمه إذا تداخلت مع قناعاته في تناول ملفاته التي يطرحها في مجلتيه "نيشان" و "تيل كيل".و هو الذي اعترف حينها أن من مجموع 38 عددا أصدرت المجلة 6 أعداد تناقش الجنس بالمغرب، مبررا ذلك بأن "هذا هو المغرب"!! "" في الحقيقة أمثال هذا الفتى من المرتزقين على الصحافة هم من ساهموا في زرع البغض والكراهية والتشاؤم في نفوس المغاربة اتجاه وطنهم، وأعطوا صورة سوداء ومقيتة عن هويتنا ولغتنا وحضارتنا. إلى أن صار بعض المغاربة إن لم أقل جلهم يسبون الوطن وأهله، حتى قال ذ. المقرئ أبو زيد أنه زار عدة بلدان عربية وغربية ولم ير وطنا يسبه أهله أكثر من المغرب! وبطبيعة الحال لما نتحدث عن الوطن لا نقصد الدولة والمخزن. لأن هناك من يخلط بين الوطن والمخزن، وبين الوزير الفاسد والمسؤول العادل، وبين من يعيشون في المغرب ومن يسيرونه ..وحين خلط البعض بين ذلك في سلة واحدة، صرنا نسمع من يلعن المغرب، ويكره أهله، ولا يحب العلم المغربي، وبالعكس رأينا من يحمل علم الريال والبارصا، ومن يتوق للعيش بالخارج، ويتودد إلى "الكْوار"، وكثيرا ما سمعنا مقولة: "النصارى و اليهود أحسن من المغاربة"!! و وصلت الحالة أن طلع علينا بعض الشباب يحملون شعار"حمر وبيخير" ويرتدون قمصانا تحمل ذلك العنوان مبررين الأمر على أن الحمار حيوان يفهم ما يجري من حوله ويتحمل السب و الشتم والضرب والركل ورغم ذلك فهو "مطور" و عارف لي كاين. هذا الشعار الأبله لقي تقبلا حسنا من "بنشمسي" حتى كتب مقالا افتتاحيا سماه "كلنا حمير" .. وهو في الحقيقة لا يتكلم إلا على نفسه وأمثاله.. من هنا يظهر الفرق بين هذا الرجل وبين"منتظر الزيدي"، فالأول فتى "صحفي" مغربي اعترف أنه "حمار"، أما الرجل الصحفي العراقي الثاني فقد عبّر للعالم أنه لا زال في الأمة رجال حين قذف بحذائه - الذي يجب أن يعتبر الحذاء الذهبي للسنة - رجل الشر الأول في العالم "جورج بوش". رغم ذلك، ففي المغرب فئة من الشباب والرجال والنساء الذين يعتزون بهويتهم الإسلامية و العربية والأمازيغية، ويفتخرون بحضارة وطنهم وأمتهم، ويحبون كل حبة رمل من ثراه، لكنهم للأسف يقابلون إنما بالتجاهل والتخلي عنهم أو نسبهم بالرجعية أو باتهامهم بالمخزنية .. المغرب يا شباب يعرف أزمات اجتماعية واقتصادية لا تحصى، ومشاكل بنيوية معقدة سببها الفساد والظلم، ولا شك أن المسؤول الأول عن هذه المشاكل هم الذين يحملون جنسية مغربية مثلنا وتحملوا مسؤوليات كبيرة في مؤسسات بلادنا في الحكومة وباقي الهيئات التدبيرية.. هم من رسموا في أذهاننا صورة قاتمة وسوداء عن هذا البلد، وهم الذين يسرقون أحلامنا وأموالنا وثرواتنا .. ورغم ذلك، هناك جزء من المسؤولية يجب أن نتحملها، فاليد التي تشير إلى الآخر بأصبع واحد هي نفسها التي تشير إلينا بثلاث أصابع .. مهمتنا أمام هذا الوضع هو التغيير بأيدينا، هو أن نزاحم وندافع أولئك ونقول لهم أن المغرب لنا وليس لكم .. المغرب اكبر من أن يسترزق عليه الناهبون والمتطاولون وأصحاب المصالح الشخصية.. ونحن لسنا "بحمير" حتى يتحدث باسمنا الجاهلون، بل نحن مغاربة ونفهم كل شيء ونعلم من أين تأكل الكتف .. سنعلنها لهم ونقول .. رغم كل ما يجري : المغرب لنا .. ونحن مغاربة وبيخير .. www.maktooblog.com/attariq