صادق المجلس الحكومي، المنعقد اليوم الخميس، على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، الذي يهدف إلى مراجعة قانون المسطرة المدنية، قصد تحيين مقتضياته لتتلاءم والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة ولتستجيب للحاجيات التي يعبر عنها المتقاضون وباقي الفاعلين. ويندرج هذا التعديل، حسب كلمة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، خلال اجتماع مجلس الحكومة، في سياق تنفيذ التوجيهات الملكية التي خطها الملك محمد السادس، والهادفة إلى إصلاح منظومة العدالة إصلاحا شاملا وعميقا. كما يدخل في سياق تنزيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وتفعيل التصريح الحكومي والمخطط التشريعي برسم الولاية التشريعية الحادية عشرة. ويمكن إجمال أهم المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية في ترسيخ الضوابط القانونية لاستقلالية السلطة القضائية؛ من خلال ملاءمة مقتضيات الفصول 382 و384 و385 من قانون المسطرة المدنية الحالي، المنظمة على التوالي لمساطر إبطال الأحكام التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم، والإحالة من أجل التشكك المشروع، ومن أجل الأمن العمومي، مع الدستور ومع القانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية والقانون المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة. كما نص على إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال استجماع ودمج جميع الأحكام والنصوص القانونية الخاصة بكل من القضاء الإداري والقضاء التجاري وقضاء القرب، والتنصيص على إمكانية إحداث أقسام متخصصة في القضاء الإداري وأخرى في القضاء التجاري، مع مراجعة قواعد الاختصاص عوض الإبقاء عليها متفرقة في نصوص خاصة، بالإضافة إلى حذف الغرف الاستئنافية المدنية والجنحية بالمحاكم الابتدائية، والتي تم إحداثها بمقتضى تعديل 2011، لما أبانت عنه هذه التجربة من فشل. ومن بين المستجدات كذلك تعزيز دور القضاء في ضمان حسن سير العدالة، والارتقاء بمستوى أدائها؛ من خلال تبسيط المساطر والإجراءات، وتيسير سبل الولوج إلى العدالة، وتقليص الآجال، وتقنين الطعون، وإلغاء مسطرة القيم و الاستدعاء بالبريد المضمون، لغاية ضمان الفعالية والنجاعة في إجراءات التبليغ والتنفيذ، بتوظيف قاعدة البيانات المتعلقة بعناوين سكنى المتقاضين المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية في المجالات المدنية والجنائية وقضاء التحقيق، وحذف مسطرة إصدار الأمر بالتخلي، وتنظيم وضبط آلية التصدي. من جهة أخرى، تم إدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية، من خلال تسخير وسائل التواصل الإلكتروني في الإجراءات القضائية المدنية، وإحداث مجموعة من المنصات الإلكترونية تهم المحامين والمفوضين والخبراء القضائيين والعدول والموثقين والتراجمة المحلفين المقبولين أمام المحاكم، واعتماد الحساب والبريد والعنوان والتوقيع الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الإلكترونية في عمليات البيع بالمزاد العلني وإجراءات التبليغ والإشهار. وجاء المشروع لضمان الحماية القانونية الكاملة لحقوق المتقاضين وتحقيق السرعة، من خلال إصدار الأحكام داخل آجال معقولة، والرفع من جودتها، والارتقاء بمستوى الخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين للمحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام. كما نص على إعادة النظر في مسطرة البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي وتحديد آجاله؛ من خلال التنصيص على إمكانية إثارة هذا الدفع في جميع مراحل الدعوى أمام محاكم أول درجة، ابتدائية كانت أو تجارية أو إدارية، أو أقساما متخصصة في القضاء التجاري أو أقساما متخصصة في القضاء الإداري بالمحاكم الابتدائية، مع التنصيص على وجوب بت المحكمة في الدفع المثار داخل أجل ثمانية أيام بحكم مستقل لا يقبل أي طعن، وإذا قضت بعدم اختصاصها النوعي أحالت القضية دون صائر، وعلى المحكمة المحالة إليها القضية البت فيها، مع عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي لأول مرة أمام محاكم ثاني درجة وأمام محكمة النقض. ومن حيث الفعالية والنجاعة في تنفيذ المقررات القضائية، نص المشروع على إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، مع منحه اختصاصات وولاية مباشرة، في مرحلة التنفيذ، على الإجراءات الإدارية والقضائية، والإشراف على تتبع طلبات تنفيذ الأحكام، في أفق تنظيم المقتضيات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام بموجب مشروع قانون مستقل نظرا للإشكاليات والصعوبات التي يطرحها هذا الموضوع، وتعدد المتدخلين فيه. وصادق مجلس الحكومة على مشروع المرسوم المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة وبمراقبة إنتاج وتسويق منتوجاتها، قدمه محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. ويأتي هذا المشروع، حسب بلاغ الحكومة، نظرا للطلب المتزايد للمهنيين الراغبين في إنشاء وحدات جديدة لتربية الدواجن وحتى يتسنى تيسير الإجراءات التي يقوم بها المستثمرون في هذا الصدد. وينص مشروع هذا المرسوم على إمكانية طلب المعنيين بالأمر لرأي تقني لدى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، قصد التأكد من مطابقة المكان المزمع إقامة المشروع الاستثماري فيه لمتطلبات التنظيم المطبق في هذا المجال. ويهدف هذا المشروع إلى تتميم المادة الأولى من المرسوم سالف الذكر رقم 2.04.684 من أجل تمكين المصالح المختصة بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية من تسليم الرأي التقني المذكور إلى المعنيين بالأمر، بالإضافة إلى مراجعة مقتضيات أخرى من المرسوم المذكور من أجل أخذ التطورات التي عرفها قطاع الدواجن وكذا متطلبات التنظيم الجديد المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بعين الاعتبار. واختتم مجلس الحكومة أشغاله بالاطلاع على اتفاق تسليم المجرمين بين المملكة المغربية وجمهورية سيراليون، الموقع بالداخلة في 28 أبريل 2023، ومشروع القانون رقم 28.23 يوافق بموجبه على الاتفاق المذكور، قدمهما عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، نيابة عن ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. ويهدف هذا الاتفاق إلى إقامة تعاون فعال بين البلدين في مجال مكافحة الجريمة، والذي يتعهد الطرفان بموجبه بتسليم بعضهما البعض، بناء على طلب وطبقا لمقتضيات هذا الاتفاق ولقوانينهما الداخلية، أي شخص مطلوب من طرف الدولة الطالبة قصد متابعته أو إصدار حكم في حقه أو تنفيذه لحكم من أجل فعل موجب للتسليم.