ضحايا بالآلاف، ومئات الملايين من السنتيمات التي فقدت، وأسَر تفككت بعد أن انتهى مصيرها إلى الطلاق، وأطفال ضائعون... تلك عينة من جملةِ مشاكل يتخبط فيها آلاف المواطنين المغاربة، المقيمين داخل المملكة ومن أفراد الجالية المغربية بالخارج، ممّن دفعوا ما جمعوه من مال بعد جهد وتعب إلى وداديات سكنية ليجدوا أنفسهم، بعد سنوات من انتظار تسلّم مفتاح شقة يأوون إليها رفقة أفراد أسرتهم، عرضة للنصب والاحتيال. "التنسيق الوطني لضحايا الوداديات السكنية بالمغرب" وجه نداء إلى السلطات القضائية باعتقال أعضاء مكاتب الوداديات السكنية المتابعين أمام النيابة العامة، وعقل ممتلكاتهم، وإغلاق الحدود في وجوههم، منبها إلى "خطورة الوضعية التي وصل إليها الضحايا جراء عمليات السرقة والتزوير الخطيرة في وثائق واستعمالها"، وفق تعبير التنسيق نفسه. المختار بنرضوانى، عضو سكرتارية التنسيق، اعتبر النصب والاحتيال الذي يتعرض له ضحايا الوداديات السكنية بالمغرب مشكلا مركّبا، مشيرا إلى أن "أصحاب هذه الوداديات يستغلون القانون المنظم للجمعيات والعمل المدني للاستثمار في مجال العقار والاستفادة من الامتيازات الجبائية، ومن ثم يستغلون ثقة الناس للنصب عليهم". سبب آخر يفسّر "استمرار النصب على منخرطين في وداديات سكنية"، يردف بنرضواني في تصريح لهسبريس، يتعلق ب"ضعف التكييف الجنائي لقضايا النصب على المنخرطين، حيث لا تتعدى مدة العقوبة السجنية التي يحكم بها عليهم في أقصى الحالات خمس سنوات، إضافة إلى طول مساطر التقاضي، مما يؤدي إلى تقادم الدعاوى، وبالتالي ضياع حقوق الضحايا"، على حد قوله. وأعتبر "التنسيق الوطني لضحايا الوداديات السكنية بالمغرب" في بيان له أنه "وقف على مجموعة من الخروقات والتجاوزات الممنهجة، المبنية على سوء نية والمنافية لكل الأخلاق والأعراف والقوانين، من احتيال وخيانة الأمانة وتدليس، والتصرف في أموال وعقارات مشتركة غير قابلة للتفويت، بتنسيق محكم مع مجموعة من الموثقين والمقاولين والمهندسين والموظفين بالإدارة العمومية". "في إقليمالصخيرات-تمارة وحده، تُقدّر المبالغ المالية التي نُصب فيها على المنخرطين في الوداديات السكنية، الذين يزيد عددهم على 4000 منخرط، ب300 مليار سنتيم"، حسب إفادة بنرضواني الذي يضيف أن "هناك مَن فقد ملياري سنتيم في المشاريع العقارية الكبرى، كما هو الحال بالنسبة لمنخرطين في ودادية سكنية بمراكش". وعلاوة على الخسائر المالية، يتكبد الضحايا خسائر لا تقل أثرا على المستوى الاجتماعي، حيث يذكر بنرضواني أن حالات الطلاق في صفوف الضحايا كثيرة جدا، إضافة إلى ما يترتب عن ذلك من ضياع حق الأبناء في التمدرس، والإصابة بالأمراض النفسية. واعتبر "التنسيق الوطني لضحايا الوداديات السكنية بالمغرب" أن "الوداديات أصبحت مظهرا جديدا من مظاهر الفساد في المغرب، ومصدر ريع لأعضاء مكاتبها وأقاربهم"، ملتمسا من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية "تتبع ملفات الوداديات السكنية المعروضة على المحاكم من أجل إنصاف الضحايا وحماية حقوقهم من بعض الجهات التي قد تكون متورطة مع لوبيات العقار"، وفق تعبيره. كما طالب التنسيق ذاته ب"إجراء تحقيق في تراخيص التجزئات وتسليم السكن وشواهد المطابقة المحصل عليها، التي تبين مجموعة من الخروقات والتجاوزات في ميدان التعمير والبناء، والتي تستدعي تحريك الدعوى العمومية في حق المخالفين والمساهمين".