بدأت الطريق تتعبد أمام بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الانتقالية بإسبانيا، لتشكيل حكومة جديدة، بعد انتخاب فرانشينا أرمينغول، مرشحة الحزب العمالي الاشتراكي، على رأس مجلس النواب الإسباني، فيما تعرض الحزب الشعبي ل"نكسة قوية" بعد فشله في الحصول على دعم فوكس اليميني المتطرف، ليحتل بذلك المرتبة الثانية ب139 صوتا. فييجو الذي يجد نفسه في الوقت الحالي أمام "وضع محرج"، لم يكن ليتوقع أن يذهب بيدرو سانشيز إلى حد إبرام اتفاق حول مطالب الاستقلال في كتالونيا، الأمر الذي شكل "رصاصة الرحمة" في صدر اليمين الذي بقي "منعزلا" في زاويته خلال فترة "حرب التحالفات"، معولا على "ضرب" صورة سانشيز بعد زيارته إلى المملكة المغربية. أمام كل هذا، ما يزال زعيم الحزب الشعبي متمسكا بتشكيل الحكومة، إذ "سيضطر إلى التفاوض مع القصر الملكي شخصيا ضد سانشيز"، فيما تبدو خيارات الأخير "واضحة" و"مريحة" خلال التصويت المرتقب نهاية هذا الشهر أو شتنبر المقبل. هي إذن "مؤشرات نجاح" سانشيز في "حرب التحالفات الضروس"، إذ عرف جيدا كيف يستميل الأحزاب التقدمية، مقدما بذلك "وعودا تاريخية" لإقليم كاتالونيا، وكذا توظيف جد ذكي للتحالف مع حلف "سومر" أعطى أكله في النهاية. شريفة لموير، محللة سياسية، ترى أن "حصول الحزب الاشتراكي على رئاسة مجلس النواب مؤشر على التوجه الذي يريده الإسبان رغم حصول الحزب الشعبي اليميني على أكبر كتلة في الانتخابات النيابية المبكرة، وكان منطقيا أن تتيح له هذه النتائج إدراك أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة". وأضافت لموير، في تصريح لهسبريس، أن الأطراف المغربية الإسبانية "تدرك جيدا أن تشكيل حكومة إسبانية في ظل برلمان يرأسه الحزب الاشتراكي، من شأنه أن يجنب وقوع العلاقات بين البلدين في تصادمات وتوتر". وشددت المحللة السياسية عينها على أن "الحزب الاشتراكي يعرف تقاربا في الرؤى مع الجانب المغربي. وبالتالي، فإن هذا المعطى يمكن أن يعقلن العلاقات بين المغرب وإسبانيا". وخلصت المتحدثة إلى أن "تشكيل حكومة يقودها اليمين بتوجهاته المعروفة، لا شك سيفتح الباب على توترات جديدة بين الجانبين، ما يعني عودة الأزمة من جديد". من جانبه، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس: "كما هو معلوم، عدم إفراج صناديق الاقتراع عن نتائج واضحة يجعل الوضع السياسي في أي بلد في وضع معقد تماما". وأضاف قراقي، في حديث لهسبريس، أن "مدريد كانت مجبرة بحزبيها الكبيرين على الذهاب إلى معركة التحالفات، وهو الوضع الذي لا يعترف بمنطق الانسجام، بل بالمصلحة والظرفية". وأورد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أنه "رغم ترؤس الحزب الاشتراكي مجلس النواب، إلا أن المعركة لم تنته والوضع لم يتضح بعد، إذ ما يزال منطق التحالفات قائما بقوة". وتابع شارحا بأن "الإسبان يعلمون كل الأوراق التي توظف في الانتخابات، بما فيها المغرب الذي يبقى ورقة مهمة في العلاقات الخارجية لمدريد". ولفت المتحدث عينه إلى أن "موقف إسبانيا من الحكم الذاتي بعيد عن المتغيرات الحالية، إذ ليس هو الوحيد على الصعيد العالمي، كما أن المجتمع الدولي، بما فيه الإسبان، يعلم أنه المقترح الوحيد الذي يحمل الجدية والمصداقية".