عاد الناخبون في اسبانيا الأحد إلى مراكز الاقتراع للتصويت في انتخابات يرجح أن يفوز فيها رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز لكنها تجري في أجواء من الانقسام ومخاوف من صعود اليمين المتطرف. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة التاسعة (07,00 ت غ) على أن يستمر التصويت حتى الساعة 20,00 (18,00 ت غ)، قبل إعلان النتائج مساء الأحد. وترجح استطلاعات الرأي فوز رئيس الوزراء الاشتراكي لكن بدون أن يحصل على غالبية مطلقة، مما سيجبر كل الأحزاب على السعي لتشكيل تحالفات في برلمان مشرذم أكثر من أي وقت في أجواء من الاستقطاب منذ محاولة انفصال كاتالونيا في 2017. وحزب "بوكس" (الصوت) القومي المتشدد هو مفاجأة هذه الانتخابات التشريعية الثالثة خلال ثلاث سنوات ونصف السنة. وكان هذا الحزب ثانويا قبل ستة أشهر فقط، لكنه أحدث زلزالا سياسيا بحصوله على حوالى 11 بالمئة من الأصوات في انتخابات في منطقة الأندلس (جنوب). وحذر سانشيز الذي تولى رئاسة الحكومة في يونيو على أثر مذكرة بحجب الثقة عن المحافظ ماريانو راخوي (الحزب الشعبي)، من موجة لليمين القومي في اسبانيا كما حدث في فنلندا حيث احتل حزب "الفنلنديين الحقيقيين" المرتبة الثانية في انتخابات جرت في منتصف ابريل. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن هذا الحزب يمكن أن يحصل على أكثر من عشرة بالمئة من الأصوات ليشغل بذلك حوالى ثلاثين مقعدا في مجلس النواب في بلد غاب عنها اليمين القومي منذ عهد الجنرال فرانسيسكو فرانكو الذي انتهى في 1975. لكن هذه الاستطلاعات تؤكد أن نتائج الحزب الشعبي والليبراليين في حزب المواطنة و"بوكس" لن تسمح للأحزاب اليمينية الثلاثة بتشكيل أغلبية مثل تلك التي سمحت بطرد الاشتراكيين من السلطة في معقلهم الأندلس في بداية السنة الجارية. لكن وكما ألمح بعض المحللين، قال سانشيز الجمعة إن "هناك احتمالا واقعيا ومؤكدا" أن يكون أداء حزب "بوكس" أفضل مما تتوقعه استطلاعات الرأي وأن تتشكل غالبية يمينية بدعم من اليمين القومي. وفتح زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو الذي شن حملة معادية جدا لسانشيز وصفه خلالها بأنه "حصان طروادة" القوميين الكاتالونيين والباسك، الباب الجمعة للمرة الأولى لمشاركة الحزب اليميني القومي في حكومة يمينية محتملة. يتبنى حزب "بوكس"خطابا معاديا للمرأة وللمهاجرين، أسسه أعضاء سابقون في الحزب الشعبي وازدهر خصوصا خلال دعوته إلى اعتماد القوة ضد الانفصاليين في منطقة كاتالونيا، داعيا إلى حظر أحزابهم. ويلقى زعيم الحزب اليميني القومي سانتياغو أباسكال تأييد زعيمة اليمين القومي في فرنسا مارين لوبن وزعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني في إيطاليا. واعتمد هذا الحزب الحذر من وسائل الإعلام التقليدية، على حملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي، مستوحيا من استراتيجية الرؤساء الفيليبيني رودريغو دوتيرتي والأميركي دونالد ترامب والبرازيلي جاير بولسونارو. وفي مشهد سياسي مشتت إلى هذا الحد، يبدو أن اسبانيا ستشهد مشاورات مكثفة لتشكيل حكومة بعد الانتخابات. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب سانشيز لن يشغل أكثر من ما بين 120 و130 مقعدا في البرلمان، بفارق كبير عن الأغلبية المطلقة المحددة ب176 مقعدا. لذلك سيضطر سانشيز على الأرجح لعقد تحالفات مع اليسار الراديكالي في حزب "بوديموس" (نستطيع) الذي يواجه صعوبات، وأحزاب المناطق أي من حيث المبدأ الانفصاليين الكاتالونيين الذين دعموا وصوله إلى السلطة في يونيو. لكن سانشيز يفضل تجنب الحاجة إلى هؤلاء. فاليمين لم يكف عن اتهامه بانه تحالف مع "أعداء اسبانيا"، وهؤلاء الانفصاليون هم الذين اضطروه للدعوة إلى انتخابات مبكرة بسبب رفضهم التصويت على ميزانيته. وعنونت "البايس" أكبر الصحف الاسبانية والقريبة من الاشتراكيين الأحد "اسبانيا تصوت الأحد منقسمة وفي غموض كبير". أما صحيفة "آ بي ثي" القريبة من اليمين فتؤكد في افتتاحيتها أنه "على الاسبان أن يختاروا بين مرشح مستعد للتحالف مع الانفصاليين والذين يريدون الدفاع عن وحدة الأمة".