احتلت الصوفية مكانة بالغة الأهمية في المغرب على مر التاريخ وأصبحت اليوم تركز على منهجها التربوي الذي يفضي إلى التحرر من قيود الدنيا الحسية والمادية. "" وتشجع السلطات المغربية الطرق الصوفية في محاولة لمواجهة التطرف الإسلامي المتزايد في المملكة. ويرى محمد المصطفى عزام، الأستاذ بكلية الآداب جامعة محمد الخامس في الرباط، أن الاهتمام الكبير بالصوفية في الآونة الأخيرة يرجع إلى تزايد "الفراغ الروحي". وقال عزام "أمر التصوف ليس غريبا على المغاربة. الاهتمام الآن بالتصوف راجع ربما إلى وسائل الإعلام التي أظهرت هذا الجانب الذي أصبح ضرورة عالمية حيث أن المفكرين وعامة المثقفين في العالم كله وكذلك المصلحين أصبحوا يشعرون بالفراغ الروحي وبالتعطش للمعرفة وبفقدان المعنى وبلا جدوى الحضارة المادية". وتلعب الطرق الصوفية مثل الحسونية والتيجانية والدرقاوية والعيسوية دورا مهما في تعليم القرآن والحديث والسنة لا في المغرب فحسب بل في العديد من الدول الافريقية أيضا. لكن الاهتمام الذي توليه السلطات المغربية حاليا بالصوفية ربما تتجاوز أسبابه مثل هذه الحاجة إلى الروحانية. وزاد تشجيع المغرب للطرق الصوفية بصفة خاصة منذ انتشار التطرف في المملكة وسلسلة التفجيرات التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء عام 2003 وقتل فيها 45 شخصا منهم 13 مهاجما انتحاريا. وقطع المغرب علاقاته في الآونة الأخيرة مع إيران التي يتهمها بالسعي إلى نشر المذهب الشيعي بين مواطنيه الأمر الذي تخشى الرباط أن يؤثر على هوية البلاد السنية. ويرى محمد توري، من ساحل العاج، الذي يدرس القانون في الرباط، وينتمي إلى الطريقة التيجانية، ان الصوفية تتعارض تماما مع العنف. وقال توري: "لا يتصور أن المتصوف الحقيقي الذي فهم رسالة التصوف أن يتبع العنف كوسيلة لإيصال رسالته للآخر". وتنتشر في معظم المدن المغربية أضرحة العديد من مؤسسي وشيوخ الطرق الصوفية المختلفة ويتوافد عليها الزوار طوال العام. وتجتذب احتفالات الطرق الصوفية بالمناسبات الدينية المختلفة آلاف الزائرين من أنحاء العالم. ويرى بعض أتباع الطرق الصوفية أن الممارسة الجماعية للطقوس تتنافى مع مباديء الصوفية. كما يرفض بعضهم التجمعات الحاشدة للطرق الصوفية التي يمارس خلالها الأتباع والمريدون الرقص والغناء حتى يصلون إلى حالة من الانتشاء. لكن آخرين يقولون إن حالة النشوة هي السبيل لارتقاء الصوفي واتصاله بالملأ الأعلى.