سانت لوسيا تشيد بالتوافق الدولي المتزايد لفائدة الصحراء المغربية بقيادة جلالة الملك (وزير الشؤون الخارجية)    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    بعد إضراب دام لأسبوع.. المحامون يلتقون وهبي غدا السبت    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    زياش: عندما لا يتعلق الأمر بالأطفال يفرون    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعبة الدراسات الإسلامية ودورها في حماية عقيدة أهل السنة والجماعة في المغرب
نشر في هسبريس يوم 07 - 04 - 2009

لا زال جرح النداء بإلغاء شعبة الدراسات الإسلامية من الجامعات المغربية لم يندمل بعد لدى حماة العقيدة في بلادنا. ذاك النداء الذي تم داخل البرلمان، وقد أحدث ضجة كبيرة فوقف المغاربة منها، حسب تياراتهم، بين مؤيد ومعارض. ""
إن الحديث عن شعبة الدراسات الإسلامية قد آن أوانه ليطفو على السطح من جديد. لكن مع اختلاف كبير، فهذه المرة، ليس من أجل الحديث عنها قصد إقصائها لأنها شعبة تخرج البطالين كما زعم المبطلون. ولكن لأن المجتمع المغربي صار مهددا إلى حد كبير بالطائفية والغلو في الدين، ونهج مناهج عقدية أخرى غير عقيدة أهل السنة والجماعة المتمثلة عندنا في العقيدة الأشعرية.
إننا كي نصل إلى الحكم على الثقافة الشرعية في المغرب وما يذكيها ويمثلها، أي : شعبة الدراسات الإسلامية، لابد أن نعلم ابتداء أن الكثير من المساجد، خصوصا في الجنوب، صارت تعرف تناحرا فكريا وعقديا كبيرا بين الكثير من التيارات، منها: التيار السلفي الوهابي بالشكل الذي تتبناه المملكة السعودية. وقد وجد الناس أنفسهم وجها لوجه أمام من يقف عند الأحاديث النبوية ويطالب بمصدرها ويسأل عن مدى صحتها، ولا يعتمد على غير الأحاديث الصحيحة حتى ولو لم تبنى عليها أحكام فقهية. ويولي اهتماما خاصا لجزئيات عفى عنها الشرع كتحريك الأصبع في الصلاة والضبط الميليمتري للتوجه نحو القبلة... مما يجعل المؤمنين هم مناط البحث والتفتيش عوض التوجه للعصاة والغافلين بالدعوة والإرشاد. ومن مظاهر الاختلافات التي صارت لها تمظهرات حتى في الزي في شوارع المغرب حيث ترى النقاب تارة، وترى شبحا لا تعرفه إن كان لرجل أو امرأة تارة أخرى، كما ترى الاكتفاء بإظهار الوجه والكفين المنصوص عليه في الصحاح. فضلا عن الحجاب الجديد( حجاب روتانا / اقرأ) وهو على مذهب من لا مذهب له.
وفي الآونة الأخيرة بعد تحذير العلامة الدكتور يوسف القرضاوي من المد الشيعي، وبعد قطع العلاقات المغربية الإيرانية، كثر الحديث عن الشيعة والتشيع فعم القلق والخوف على البلاد من نمو طائفية تمزق البلاد والعباد وتفرق بين الناس في العبادات والمعتقدات.
وبعد أحداث 16 ماي الدامية والإرهابية تم التخمين في وجود طائفة تسمى بالسلفية الجهادية ترى قتل الأبرياء جهادا والموت بالأحزمة الناسفة شهادة.
ومهما كانت هذه الأخبار صحيحة أم لا، ومهما كان للمد الشيعي وجود أم هو مجرد تخوف. فإن الأمر يصير ملحا للحديث عن مدى جدوى وجود ثقافة شرعية بصفتها التوجه الوحيد في البلاد الذي يحمي الفرد والمجتمع من الزيغ والانحراف.
إن شعبة الدراسات الإسلامية، بصفتها الشعبة الوحيدة التي تعلم الناس الثقافة الشرعية في جوهرها، لا تختلف عن الشعب العلمية كالرياضيات والفيزياء والبيولوجيا وغيرها. فإن كانت هذه العلوم من شأنها أن تسهم في تنمية البلاد وبناء صرح التقدم والمواكبة للعالم المتطور. فإن شعبة الدراسات الإسلامية تصير هي أم العلوم كلها لأنها هي من يحمي البلاد من التطرف والطائفية، وهي من يعمل على حماية العقيدة، وهي من تمكن للمذهب المالكي حتى لا يبقى هذا المذهب مجرد كلمة نلوكها سياسيا عندما نرخص لحزب أو نحاكم مشتبها فيه.
إن شعبة الدراسات الإسلامية بعلومها المختلفة الشاملة لكل الثقافة الشرعية كعلوم القرآن وعلوم الحديث وتاريخ الفكر الإسلامي وتاريخ التشريع ومصادر التشريع وأصول الفقه ومقاصد الشريعة وعلم اللغة والنحو والبلاغة... تمنح المسلم المغربي حصانة ضد كل مذهب أو توجه فكري أو عقدي أو صوفي منحرف. وضد كل توجه لا يمت للحق بصلة. وضد كل طائفة منحرفة ترتدي أقنعة مختلفة.
لقد أثبتت شعبة الدراسات الإسلامية من خلال علوم الحديث، مثلا، بطلان حديث الغدير من خلال علم الرجال تدقيقا في االسند والروات جرحا وتعديلا وفي المتن من حيث استقامته وصحته أو كذبه و تحريفه.
وكما هو معلوم، فإن حديث ( غدير خم) هو أصل أصول التشيع، وهو المنطلق الذي أدى إلى البعض بتأليه علي كرم الله وجهه، كما أدى بالبعض إلى جعله نبيا مرسلا، وإلى البعض إلى جعله وليا معصوما يشرع بالإلهام.
فما حقيقة ( حديث خم) وما الدور الذي لعبته الدراسات الإسلامية في التمحيص والتدقيق من خلال علوم الحديث دراية ورواية؟
إن جوهر الخلاف بين السنة والشيعة يرجع إلى هذا الحديث ومؤداه أن الله تعالى قد أمر نبيه بإعلان وصاية الإمام علي من بعده. فلم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وذلك خوفا من أن يقال إن النبي يحابي أقاربه. ويروي هذا الحديث كاشف الغطاء في كتابه" أصل الشيعة وأصولها". كما ذكره محمد إبراهيم الموحد القزويني في كتابه" عيد الغدير" فقال:
" إنه أثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، وهو في طريقه إلى المدينة، وصل إلى أرض تسمى ( خم)، وهي المنطقة التي تتشعب منها الطرق، إلى المدينة والعراق ومصر واليمن، وكان وصولهم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة. وكانوا مائة وعشرين ألف مسلم عدا من انضموا إليهم، في الطريق، والتحقوا بهم من اليمن ومن مكة.
فنزل جبريل على رسول الله بالآية الكريمة: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) وأمر جبريل النبي أن الله تعالى يأمره، أن يقيم علي بن أبي طالب إماما على الناس، وخليفة من بعده، ووصيا له. فتوقف النبي صلى الله عليه وسلم عن المسير، وأمر أن يلحق به من تأخر عنه، ويرجع من تقدم عليه، فاجتمع المسلمون جميعا حوله، وأدركهم صلاة الظهر فصلى بهم. وخطب فيهم، فأبلغهم أمر الله في الإمام علي، وأن يبلغ الشاهد منهم الغائب وكان مما قال:
" اسمعوا وأطيعوا فإن الله مولاكم، وعلي إمامكم، ثم الإمامة في ولدي من صلبه، إلى يوم القيامة. قولي عن جبريل عن الله فلتنظر نفس ما قدمت لغد"
ثم يقول القزويني: هذه الواقعة الخالدة المعروفة بواقعة الغدير، من أشهر الوقائع التاريخية، ومن أبرز الأحداث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شهد بها مائة وعشرة من أصحابه الذين حضروا الواقعة بأنفسهم. منهم أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسمرة بن جندب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله والعباس بن عبد المطلب وعبد الله بن عمرو وغيرهم" ثم يقول: إن هذه الواقعة، ليس هناك مجال للإنكار والتشكيك في صحتها، والمناقشة في سندها، لأن العلماء والحفاظ والمحدثين والمؤرخين القدامى أثبتوا صحتها، وحقيقتها، واعتمدوا عليها، منذ مئات السنين، وحتى هذا اليوم لكونها واقعة إسلامية هامة، في تاريخ الإسلام، ولوقوعها في حجة الوداع، وقبل وفاة النبي بسبعين يوما."
إن تدخل علم الحديث الذي يدرس لأبناء الأمة المغربية في الجامعات في إطار شعبة الدراسات الإسلامية، قد مكننا من آليات التدقيق في الحادثة والبحث في الرواة جرحا وتعديلا، وفي ضبط التواريخ، وضبط الصفات والطعون وتحري أصول الروايات. ومعرفة على من يعتمد من الثقات العدول ومن الكتب الصحاح التي لم تدون حديثا واحدا دون تمحيص وتحمل عناء الرحيل في الأمصار، وبشروط من شأنها أن تغربل المدسوس والموضوع، وتميز بين الصحيح والضعيف وبين المقبول والمردود. كما عرفتنا على أمهات الكتب الصحاح والأعلام الكبار ومشاهير النقاد، وعن المناهج الدقيقة والصارمة التي بها تعامل أصحابها في غربلة الروايات فأسسوا علوما قائمة بذاتها، كعلم الجرح والتعديل المعروف بقواعده وضوابطه الصارمة. هذا التدخل هو من جعلنا نعرف زيف هذه الروايات التي تبني الشيعة عليها فكرها وعقيدتها.. ومعرفتها ومعرفة كيفية دحضها تزيدنا قوة في التمسك بعقيدتنا وبعلمائنا، والثقة في ثقافتنا الشرعية التي تحمينا وتحمي معتقدنا وتجمع شملنا وتوحد صفوفنا.
إن القزويني يذكر بأن هذه الواقعة ذكرت في كتب أهل السنة ليجعل منها رواية حجة علينا لنكون شيعة نؤمن بأن الله أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه. وللأمانة فهو يذكر الكتب والصفحات، وأنها نصت كلها على ذكر الأئمة الإثني عشر بعد النبي عليه الصلاة والسلام.
وبعودة العلماء الباحثين علماء الثقافة الشرعية، علماء الدراسات الإسلامية، إلى كل المراجع السنية التي ذكرها القزويني اتضح أنها لا علاقة لها بالوصية لعلي بعد النبي عليه السلام ولا بحصر الخلافة في الأئمة الاثني عشر من ولد فاطمة. بل تتعلق فقط بفضل آل البيت ولا علاقة لها بالخلافة أو الولاية الكبرى.
فمن ذلك رواية الإمام مسلم التي جاء فيها: " عن زيد بن أرقم قال:" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا، بماء يدعى خما، بين مكة والمدينة. فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر. ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذو بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ( لزيد بن أبي أرقم) ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم".
وفي رواية المسند عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فأمر بالصلاة فصلاها بهجير، قال فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس.
فقال: ألستم تعلمون، أو ألستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. قال: فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه. اللهم عاد من عاداه ووال من والاه.
وفي رواية أخرى بالمسند: " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"
رواية الحاكم في المستدرك:
جاء فيها من كنت مولاه فعلي وليه. اللهم والي من والاه وعاد من عاداه. وذكر الحديث بطوله. وهو حديث صحيح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه بطوله.
رواية ابن حجر العسقلاني:
روى علي بن أبي طالب وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خم: " من كنت مولاه فعلي مولاه"
وفي رواية السيوطي:
"من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"
وفي حلية الأولياء لابن نعيم: " من كنت مولاه فعلي مولاه"
ولنترك المجال لمن أراد أن يتتلمذ على يد شعبة الدراسات الإسلامية ليتحرى في باقي الروايات، وسنكون على يقين أنه لن يجد رواية واحدة تتحدث عن الخلافة أو الإمامة أو الوصاية.
كما يذكر القزويني أن كتب التفسير كلها أجمعت على حديث الغدير بنص الرواية التي ذكرها. والثابت، بعد مراجعة علماء الثقافة الشرعية لكل كتب التفاسير وجدوا أن في سند رواية القزويني ضعفا. وقد ذكر الإمام موسى الموسوي وهو من كبار علماء الشيعة : " أن نص الحديث هو الوارد في كتب السنة. وأن روايات الشيعة لم تظهر إلا بعد غيبة الإمام الثاني عشر"
وبهذا فثقافتنا الشرعية التي تتأسس على علم الرجال والضبط في الروايات والتمحيص في النقل أثبتت ما يحمي الأمة من الانحراف في الفكر والعقيدة. فأثبتت أن أمثال القزويني ومن روى عنهم يدلسون على الأمة ويكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن طوائف كثيرة كان همها التاريخي تزييف الحقائق وإخضاع الروايات لتتناغم مع أهداف التمكين للمذهب أو لتنساق مع توجه سياسي معين.
وقد أجمع أهل السنة على أن الحديث كما ورد في الصحاح لا يدل على ولاية السلطة، التي هي الإمامة أو الخلافة، ولم يستعمل هذا اللفظ في القرآن بهذا المعنى، بل المراد بالولاية فيه ولاية النصرة والمودة. التي قال الله فيها وفي كل المؤمنين والكافرين: ( بعضهم أولياء بعض) المائدة: 51 وقال عن المؤمنين والمؤمنات: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71
كما جاء في تفسير الرازي أن عمر بن الخطاب عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلي مولاه...." قال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولاي كل مؤمن ومؤمنة"
النموذج الثاني: تحريف القرآن وقرآن فاطمة.
جاء في رواية الكافي وتمسك بها الكثير من عظماء الشيعة منهم محب الدين الخطيب وإحسان ظهير وغيرهم.
قال: عن عدة من أصحابنا( )عن أبي عبد الله( ) قال: " وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريك ما مصحف فاطمة؟ مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، وما فيه من قرآنكم هذا حرف واحد"
وفي رواية عن فضيل بن سكرة قال:" دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقال يافضيل أتدري في أي شيء أنظر قبيل؟ قال: قلت : لا. قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام، ليس من ملك يملك الأرض، إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا"
وقد أنكر الأستاذ عبد الهادي الصالح وجود أي مصحف آخر لدى الشيعة وأكد أن مصحف فاطمة ليس قرآنا بل صحيفة، وإن من يقول بذلك يستند إلى الموضوعات المحرفة أو إلى كلام مدسوس.( ) إن ثقافتنا الشرعية والعلم بها والاطلاع عليها تمنحنا حصانة ضد مثل هذه الروايات والقول من إمكان وجود قرآن آخر غير القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم:
لأن لا نبي بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ما كان للوحي أن ينزل على أحد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام
أن هذا المصحف المزعوم لا وجود له في الواقع.
إن الذين قالوا بأن الأئمة قد خولهم الله خاصية بها يخصصون عموم القرآن وبها يقيدون مطلقه أو ينسخون أحكامه بغير طريق الأحاديث النبوية الثابتة فهؤلاء بهذا المعتقد يجعلون الأئمة أنبياء ورسلا. يبلغون الأحكام الشرعية مباشرة عن الله.وهذا يكذب صريح القرآن الذي أخبر أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين. والمعلوم أن من يكذب صريح القرآن فقد كفر.
كما أن ثقافتنا الشرعية ومن خلال أول مصدرها وهو القرآن الكريم نعلم أن كلام الله محفوظ بالتواتر منذ أن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة.( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 15
تحريف القرآن:
أجمعت أغلب مراجع الشيعة على تحريف القرآن. فوضع الميرزا حسين النوري الطبرسي كتابا باسم: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"
جاء فيه عن تحريف القرآن: " اعلم أن تلك الأخبار منقولة عن الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا، في إثبات الأحكام الشرعية والأثار النبوية"( ). إن مثل هذا الافتراء على كتاب الله لا يقول به الإمام كاشف الغطاء في كتابه أصل الشيعة وأصولها ولا يقول به العلامة الطبطبائي في تفسيره. ولا الطوسي في تفسيره. ولكنهم لا يقفون من الطبرسي موقف المتفرج فحسب بل يوثقونه ويرون أنه الثقة الصدوق، وأنه وحيد عصره في العلم، ومعرفة الأخبار والآثار، وفي علم الحديث والرجال.
قال ذلك محسن الأمين في كتاب أعيان الشيعة، ووثقه الشيخ كاشف الغطاء في كتاب مقدمة كشف الأستارص 24 والشيخ محمد حرز الدين في كتاب معارف الرجال، وغيرهم كالتبريزي والقمي.
فما الهدف من وراء هذا الصمت التاريخي المطبق؟ فإذا كان القول بالتحريف مدسوس عليه فالمطلوب الجهر بالحق وتبيان الصواب. ولكن شيئا من هذا لم يقع.
أما الإمام محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد فيقول: " إن الأخبار قد استفاضت عن أئمة الهدى، من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه، من الحذف والنقصان"
والشيخ المفيد مع قوله هذا بتحريف القرآن " يوثقه علماء الشيعة" فيقول عنه النجاشي:" إنه شيخنا وأستاذنا وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.