إسبانيا.. توقيف 7 أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش" بالتعاون الوثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    قطاع السيارات.. شركات يابانية في مهمة استكشافية بالمغرب    مطارات المغرب استقبلت نحو 32 مليون مسافر خلال سنة 2024    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة    رغم معارضة جل النقابات.. مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي لممارسة الإضراب    بتعاون مع الديستي.. توقيف سبعة أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش" في إسبانيا    مجلس النواب يصادق بالإجماع على 27 اتفاقية دولية    مدرب تونسي يقود سفينة الرجاء    القضاء السويدي يصدر حكما في حق شريك سلوان موميكا حارق القرآن    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الشابي يخلف عبد الصادق في الرجاء    لاتسيو يضم المغربي رضا بلحيان في آخر لحظات الميركاتو    فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب تحتفي بكتاب "الذاكرة السياسية والعدالة المغرب/ الأرجنتين    الشيخ بلا يكتب : "إلى الأصوات التي أدمنت التجريح في كل شيء جميل ..! "فقراء إداولتيت" تراث عريق يستحق الاحتفاء والتثمين"    أولاد تايمة.. توقيف 3 جانحين في قضية سرقة باستعمال السلاح الأبيض    الجزائر ترفض استقبال المرحلين    أمطار الخير تنعش آمال الفلاحين بإقليم الحسيمة بعد سنوات الجفاف    اعتداء على لاعبي المغرب الحسيمي داخل القاعة المغطاة بتطوان يثير الاستياء    وزير النقل: 32 مليون مسافر استقبلتهم مطارات المغرب خلال 2024    "نقابة UMT" توضح قرار الانسحاب    الشرطة الهولندية تلقي القبض على البطل العالمي بدر هاري في أمستردام لهذا السبب    لجنة الأخلاقيات تعاقب دومو والشرع    بنسبة تزيد عن 20%.. الجهة الشرقية تسجل أعلى معدلات البطالة    رئيس سوريا يؤدي مناسك العمرة    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأحمر    الذهب يسجل مستوى قياسيا مرتفعا مع زيادة الطلب بعد رسوم ترامب الجمركية    أكثر من مليوني مغربي يرتادون السينما في 2024 وعائدات تصوير الأفلام الأجنبية ترتفع إلى 1.5 مليار درهم    "بوحمرون" يستنفر المدارس بعد العطلة .. والوزارة تتمسك بتدابير صارمة    الوزارة تكشف عائدات السياحة بالعملة الصعبة في سنة 2024    شركة 'اوبن ايه آي' تكشف النقاب عن أداة جديدة في 'شات جي بي تي'    إسبانيا.. بدء محاكمة روبياليس في قضية "القبلة" المثيرة للجدل    الرباط: انطلاق أشغال المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني    المهاجم المغربي الشاب إلياس داو ينضم إلى نادي أندرلخت البلجيكي    ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    ثورة علمية : رقاقات قابلة للزرع لعلاج قصور القلب    "أمر دولي" يوقف فرنسيا بمراكش    مبادرة توزيع أغطية في باب برد تروم لتخفيف معاناة مشردين مع موجة برد قارس    "دوغ مان" في طليعة شباك تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    تاونات أكثر المدن إستقبالا للأمطار في 24 ساعة    سناء عكرود تعرض فيلم "الوصايا" عن معاناة الأم المطلقة    خيرات تدخل السايح إلى المستشفى    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المندوبية السامية للتخطيط: إحداث 82 ألف منصب شغل في المغرب سنة 2024    سكتة قلبية مفاجئة تنهي حياة سفيان البحري    مستحضرات البلسم الصلبة قد تتسبب في أضرار للصحة    أطباء مختصون يعددون أسباب نزيف الأنف عند المسنين    استئناف محاكمة أفراد شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات التي يقودها رئيس جماعة سابق    وفاة سفيان البحري صاحب صفحة تحمل اسم الملك محمد السادس    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    جولة في عقل ترامب... وهل له عقل لنتجول فيه؟    بعد "بيغاسوس".. إسرائيل استعملت برنامج "باراغون" للتجسس على صحفيين وناشطين على "واتساب"    الصين: عدد الرحلات اليومية بلغ أكثر من 300 مليون خلال اليوم الرابع من عطلة عيد الربيع    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيجة مصالح:الاتّحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية
نشر في هسبريس يوم 03 - 04 - 2009

كثيرا ما تُنتج المصالح السياسية المشتركة في ظرفية سياسية معينة تحالفات مثيرة للجدل. وفي السياسة لا توجد خصومة دائمة ولا صداقة دائمة، بل توجد دائما مصالح مشتركة.
وفي المغرب هناك أكثر من مبرر يدفع باتجاه التقارب السياسي بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب العدالة والتنمية، بل هناك ما يحتم بناء علاقة تحالف سياسي براغماتي أيضا بينهما في الوقت الوجيز الباقي على حملة الانتخابات الجماعية.
فكلا الحزبين قدما في مناطق من المغرب على مستوى المؤسسات الجهوية نماذج ناجحة وأخرى تكبدت الفشل، ولكن كانت التجربة بالنسبة لهما معا أفضل بكثير من تجارب الأحزاب الأخرى اليمينية والأحزاب ذات الطابع المخزني التي كانت تدعى أحزاب الإدارة والتي لم تنتج عبر تجاربها السياسية في كل المجالات سوى الفشل والخيبات.

من منظور واقعي يبدو هذا التحالف غير مستبعد سياسيا وإن كان غير ملائم إيديولوجيا. أما في ما يتعلق بعدم ملاءمته إيديولوجيا فالكل يدرك الهوة التي تفصل بين الحزبين على مستوى القناعات العقدية والتفكير في مضمون العلاقة الفلسفية التي تؤطر الأفراد والجماعات داخل الحزب.
أما في ما يتعلق بقابلية التحالف للتحقق فعليا، فمسألة التوحد حول الفكرة الجامعة تبقى أكبر بكثير من القناعة الدوغمائية المحصورة في تقديس المطلق العقدي سياسيا كان أو دينيا.
فالتحرك صوب التلاقي بين الحزبين على هذا المنوال شيء مقبول سياسيا لأن المصلحة البراغماتية تتقبل ما هو سياسي وترفض ما يتصل بالإخلاص الافتراضي على مستوى العقيدة الإيديولوجية أو الشخص.‏
على هذا المستوى الأخير نجد أن هناك تباعدا كبيرا بين الحليفين، سواء في ما يخص البنية العقدية لإيديولوجية كل حزب وفلسفته أو في ما يرجع إلى مفهوم النضال والممارسة السياسية.
فأين تكمن إمكانية تجميع حزبين يحملان تناقضات جوهرية صميمية ويكابدان الجفاء النسبي من قبل السلطة السياسية، تجميعا عمليا في منظومة نضالية موحدة؟ بمعنى آخر تبقى فكرة الاندماج والهدف من التحالف تستنفر نموذجا سياسيا يتوحد استجابة لشروط المرحلة، ودوافعه انتفاعية قابلة للتخلي عنها عند بروز معطيات جديدة تصنع معادلة سياسية ترجح كفة هذا الحزب أو ذاك.
وهو ما حدث مرارا في تاريخ التحالفات السياسية في المشهد السياسي المغربي منذ سبعينات القرن العشرين حتى الساعة.‏
التصور الآني للتحالف الحزبي تنظيميا بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يتحدث عن تحالف سياسي ممكن، يخص مستقبل العلاقة السياسية بين الحزبين، فالاندماج بمعنى التحالف السياسي هو المبرر الوحيد لترتيب تصور موحد في الإيديولوجية والتصور المبدئي لبرامج التصحيح السياسي الذي تتبناه المعارضة.
وكي لا نقع في بعض الخلط المنهجي، فالتحالف السياسي لا علاقة له بالتمازج السياسي. والتمازج بمعناه الموضوعي يتجلى في أن هناك مرحلة أولية قابلة للتطوير على المستوى العمودي للعلاقة السياسية القائمة على المصالح المشتركة المعترف بها بين الحزبين، لتصل بعد ذلك إلى مرحلة التمازج أو الاندماج كما حدث بالنسبة لبعض الأحزاب السياسية المغربية مؤخرا حيث استطاع حزب الأصالة والمعاصرة أن يبني تشاركية سياسية أقنعت بعض الأحزاب سواء منها العريقة أو المحدثة على حد سواء بالدخول في دائرة هذا الحزب الجديد. فهناك من راقه الاستمرار وهناك من بدت الفائدة السياسية من اندماجه غير ذات مردودية فاستقال من التحالف.

الأحزاب التي استقطبها مؤخرا حزب الأصالة والمعاصرة لا تدور ضرورة في فلك المخزن بل هي مشتل الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من ثلاثة عقود خلت، بذلك كان التحالف موضوعيا..
بل هناك العديد من الأحزاب حديثة العهد التي انضمت إلى الأصالة والمعاصرة ولم تجرب الحكم ولم تصل إلى التمثيلية البرلمانية نظرا لحجمها الميكرو- سياسي ووفادتها الطارئة على المشهد الحزبي وقلة تجربتها ومستوى الكفاءات التي تدير شأنها، فهي قد أحرزت على أية حال عطف الأصالة والمعاصرة وقبلت الاندماج لأن التوافق الحاصل بينها وبين هذا الأخير توافق مبدئي لا خلاف عليه، فهي تؤيد الحكومة في كل ما تفعل وتتبنى قراراتها بلا نقاش وتصوت لفائدتها عند كل مناسبة وتدافع عن خططها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية وتقدم تفسيرا ناجحا لسياسة الحكومة في كل شيء ولم يبدر منها أي اعتراض على فلسفة تدبير الشأن العام الحكومي منذ أن صار لها مكتب سياسي ونواب برلمانيون وأعضاء في المجالس المنتخبة.‏
هذا التوافق الذي يعتقد أنه هو القاسم المشترك الذي بنى وحدة الأصالة والمعاصرة مع الأحزاب الأخرى لا يوجد بشكل موفق بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، لكن هناك إمكانية التحالف من أجل المصلحة السياسية والتركيز على المواقف الأكثر قربا من توحيد نظرة الحزب في القضايا ذات الاهتمام السياسي المشترك.‏
بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فإن القواسم التي تجمعه مع حزب العدالة والتنمية، كثيرة والاتفاق بشأنها يبدو في المتناول، وإن تبقى هناك التعليلات الشكلية للإطار الحزبي الموحد وكيفية إخراجه، فالاتحاد الاشتراكي كان حزبا نضاليا جماهيريا معارضا للحكومة والمدة التي فصلته عن ممارسة هذا الخيار السياسي الجماهيري ليست ببعيدة مغرقة في تاريخ العمل السياسي بالمغرب.
بل ما يفصل الاتحاد الاشتراكي عن ضريبة الدم والجسد التي كان يقدمها مناضلو الاتحاد الاشتراكي ومناضلاته عن قناعة وإرادة لا يتعدى عقدا من الزمن مقارنة بعقود من النضال وهو شيء لم يُنسِ الاتحاد الاشتراكي موقعه كقوة نضالية معارضة صالحة لتوظيف المعرفة السياسية في صالح التغيير وتصحيح أدوار مؤسسات الحكم، وأتحدث هنا عن الحزب كقيمة فلسفية مضافة في المؤسسة الحزبية المغربية، ولا أعني الأشخاص الذين يمكن أن يشكلوا تأثيرا على مسار الحزب سلبا أو إيجابا فالمعروف أن في مكونات كل حزب يوجد الصالح والطالح في كل مكان وكل زمان.‏
إن البعد المذهبي بين التصور الاشتراكي لقضايا الشأن العام والتصور الإسلامي من منظور العدالة والتنمية، حاجز سياسي متجاوز من تلقاء العلاقة البراغماتية التي يمكن ربطها بين التنظيمين، علما أن العدالة والتنمية تتصور مجتمعا تتقارب فيه الطبقات وهو التصور نفسه الذي مايزال يخطط له حزب الاتحاد الاشتراكي في برامج انتخابية ومداخلات برلمانية أمام الحكومة. فالمفهوم "العدالي التنموي" -إذا صح التعبير- يتحقق نسبيا في كلا الحزبين لكنه يكتسي بزة الاشتراكي في جانب ويرتدي عمامة الفقيه في الجانب الآخر.‏
إن الاتّحاد الاشتراكي الذي لم يتوان عبر تاريخه المحطم بالانكسارات عن الصراخ في وجه السلطة بنفس المفاهيم ونفس الشعارات، وخسر جوهر اللعبة في استدراج سياسي غير محسوب، في حاجة ماسة إلى هذا التحالف في الوقت الراهن، فالفوارق تضاءلت إلى حد كبير بين الحزبين وأصبح التحالف ممكنا..
تحالف لحزبين نقيضين يمكن أن يوحد مدارات الأضداد السياسية ويقارب ضمنها وجهات النظر المتباعدة حين يتعلق الأمر بنبذ العنف الطائفي والسياسي والابتعاد عن التطرف والأصولية المجحفة من الجانبين ويتم الاقتصار على العناية بالمصالح المشتركة ذات البعد التنموي الوطني والكف عن الدعوة إلى تماهي الأحاسيس المطلقة في التدين والعبادات فلا أحد وصي من جانبه على شيء، بل كل المقاربات التي تنتج مخططا واضحا لتحسين أمور البلاد والعباد هي مقاربات موضوعية ما دامت تخضع للعقل.‏ ""


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.