عادة ما يتسبب تناول الكثير من السكريات والحلويات في الإصابة بزيادة الوزن والسمنة. وللتخلص من هذه المشكلة، يلجأ الكثير من الأشخاص إلى الاعتماد على المُحليات أو مواد التحلية الصناعية، التي تعتبر مصطلحا عاما يضم جميع أنواع المُحليات وبدائل السكر. وهنا يظهر التساؤل التالي: هل تمثل هذه المُحليات الصناعية بديلا صحيا للسكر؟ للإجابة على هذا الاستفسار، أوضح شتيفان كابيش، طبيب بعيادة الغدد الصماء والطب الأيضي بمستشفى برلين شاريته، أن "المُحليات تمتاز بأنها شديدة الفعالية، بمعنى أنها أحلى من السكر مرات عدة. ومن الناحية الكيميائية، فإن المُحليات عبارة عن مجموعة متنوعة من المكونات والمواد التي يتم تركيبها بشكل مختلف، كما أنها تتباين في طريقة عملها، حتى إن بعض هذه المُحليات طعمها مر، وبينما يتم امتصاص بعض هذه المحليات في الأمعاء، قد لا يتم امتصاص البعض الآخر". مزايا صحية قالت كاترين بوتنير، من مركز حماية المستهلك بولاية نوردراين فستفالن الألمانية، إن "المُحليات تتمتع ببعض المزايا الصحية مقارنة بالسكر؛ إذ إنها لا تسبب تسوس الأسنان، فضلا عن أنها لا تحتوي على سعرات حرارية". وقد اعتمد الاتحاد الأوروبي 12 نوعا من المُحليات، منها "أسيسولفام ك" (E 950) و"أسبارتام" (E 951) و"سيكلامات" (E 952) و"سكرين" (E 954) و"ستيفيول جليكوسيدات من ستيفا" (E 960a). وعلى الجانب الآخر، فإن بدائل السكر عبارة عن كحوليات السكر. وأوضح الطبيب الألماني شتيفان كابيش ذلك بقوله: "تمتاز بدائل السكر بتركيبة كيميائية متشابهة". وقد اعتمد الاتحاد الأوروبي حاليا ثمانية أنواع من بدائل السكر مثل "الإريثريتول" (E 968) و"السوربيتول" (E 420) و"الإكسيليتول" (E 967). وتتمتع بدائل السكر بقدرة التحلية نفسها للسكر أو أقل منها، ولكن السعرات الحرارية بها أقل من السكر، ويستثنى من ذلك "الإريثريتول"؛ لأنه لا يشتمل على سعرات حرارية. وأضاف شتيفان كابيش قائلا: "لا يتم تحلل هذه المادة في الأمعاء بواسطة البكتيريا، ولكن يتم امتصاصها بالكامل ويتم تصريفها عن طريق البول، كما يمكن استعمال مادة الإريثريتول في المخبوزات مثل السكر تماما". مشاكل في الجهاز الهضمي استهلاك كمية كبيرة من بدائل السكر قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي وظهور أعراض مرضية مثل الانتفاخ أو الإسهال. وتقول كاترين بوتنير: "تختلف قدرة تحمل هذه المواد من شخص إلى آخر". وأوضح شتيفان كابيش أنه يتعين على المرء مراعاة أن استهلاكه من السكر لا يقتصر على المُحليات ومواد التحلية الصناعية فقط، التي تتم إضافتها إلى الأطعمة، ولكن هناك مُحليّات أخرى يتم تناولها، منها الفاكهة والعسل وشراب أغاف. وأضاف شتيفان كابيش قائلا: "يعتبر شراب أغاف بمثابة سكر سائل. ولذلك، فإنه من الناحية الصحية لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره سكرا صناعيا". الكمية الصحية من الصعب جدا تحديد الكمية "الصحية" من السكر. وأشارت منظمة الصحة العالمية والجمعية الألمانية للتغذية إلى أنه ينبغي ألا يستهلك المرء أكثر من 10% من السعرات الحرارية اليومية على شكل سكر، وعندما تكون المتطلبات اليومية 2000 سعر حراري، فإن استهلاك السكر يبلغ حوالي 50 غراما، إلا أن ذلك ينطبق على السكر الحر، أي السكر الموجود في المنتجات أو الموجود بشكل طبيعي في العسل أو عصائر الفاكهة أو الشراب، ولا يندرج ضمن ذلك السكر من الفاكهة الطازجة. وأضاف شتيفان كابيش قائلا: "من الواضح أن السكر يمثل مشكلة صحية، ولكن المُحليات وبدائل السكر أقل خطورة". ولا يمكن تحديد المواد الأقل خطورة أو الصحية أكثر بسبب نقص الأبحاث الكافية حول هذا الموضوع. بيانات غير كاملة لخص الخبراء حالة الدراسات حول المُحليات وبدائل السكر بأنها غير واضحة أو حالة البيانات غير كاملة، بالإضافة إلى أن الكثير من الدراسات ليست سليمة من الناحية المنهجية. وأضافت كاترين بوتنير قائلة: "في النهاية ترجع مسألة المُحليات ومواد التحلية الصناعية إلى التفضيلات الشخصية، وعلى الرغم من أن أغلبية الدراسات لم تتمكن من تأكيد أية آثار صحية ضارة للمحليات، إلا أنه لا تزال هناك حاجة لإجراء الكثير من الدراسات العملية". تغير الفلورا المعوية يؤكد شتيفان كابيش أن هناك أبحاثا أقل حول بدائل السكر، ولكن من الواضح أنه يحدث تغيير في الفلورا المعوية، ولذلك يتعين على الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المعوية مثل داء كرون أو متلازمة القولون العصبي، توخي الحرص والحذر عند استعمال بدائل السكر. ونصح الطبيب الألماني شتيفان كابيش بتقليل استهلاك السكر على المدى الطويل؛ حيث يتمثل الحل الأكثر صحية في الامتناع عن تناول الحلويات بدلا من تناول الأطعمة التي تشتمل على المُحليات وبدائل السكر. ولكي يتمكن المرء من تحقيق هذا الهدف، ينبغي أن يدرب نفسه على البعد عن السكريات على المدى الطويل، ومن الأمور المهمة أيضا التحقق جيدا من قائمة المكونات أثناء التسوق؛ نظرا لوجود المُحليات في الأطعمة المصنعة بدرجة أكبر مما يُعتقد، ولذلك يجب البحث عن حرف "E" أو عبارة "مُحلى" على عبوات الأطعمة.