أطلق مواطنون حملة على مواقع التواصل الاجتماعية ضد التسول في الشوارع المغربية، داعين إلى عدم منح المتسولين الصدقة وتوجيهها بدل ذلك لمن يستحقها عوض من يمتهن التسول. واعتبر عدد من المواطنين، ضمن تدوينات فيسبوكية، أن "السلطات تتملص من مسؤوليتها في محاربة الظاهرة"، خاصة أن القانون الجنائي المغربي يجرم التسول ويعاقب ب"الحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيش أو كان بوسعه الحصول على عمل بأية وسيلة مشروعة لكنه تعود ممارسة التسول في أي مكان كان"، كما يعاقب ب"الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل متسول، حتى لو كان ذا عاهة أو معدما، استجدى باستعمال التهديد أو التظاهر بالمرض، أو تعود استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه، أو الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته دون إذن من مالكه". ويعاقب القانون المذكور بالعقوبة المشار إليها أعلاه "من يستخدم في التسول صراحة أو تحت ستار مهنة أو حرفة ما أطفالا يقل سنهم عن 13 سنة". في هذا الإطار، قال محمد النحيلي، فاعل مدني وحقوقي، إن التسول هو "وضعية وظاهرة مقلقة أصبحت وباء يزداد استفحالا، كأنها عدوى تمس كل يوم شخصا جديدا". وأضاف النحيلي، ضمن تصريح لهسبريس، إن التسول في الشوارع يساهم في "الاغتناء غير المشروع، فهؤلاء أناس ليسوا في وضعية الحاجة بل يمتهنون مهنة هي عبارة عن جنحة يعاقب عليها القانون". ودعا الفاعل الحقوقي ذاته السلطات إلى "تطبيق القانون، وألا يتم التسامح مع هؤلاء الناس لكونهم يقدمون صورة سيئة عن بلدنا ومؤشرات التنمية داخل البلاد"، مشيرا إلى أن "منهم من يحقق عائدات تتجاوز 500 درهم في اليوم، وهو مبلغ لا يجنيه حتى موظفون لهم شهادات عليا". وانتقد النحيلي الدعوات إلى تحريك وحدات الحماية الاجتماعية وجمع هؤلاء المتسولين في مراكز اجتماعية، قائلا: "هم ليسوا في حاجة لهذه المراكز؛ فالأمر يتعلق بأناس يمتهنون التسول، وحين القيام بمهام التفتيش يكتشف أن لهم مبالغ طائلة تقدر بالملايين". وأشار المتحدث إلى استعمال عدد من هؤلاء المتسولين "مجموعة من أشكال النصب، إذ يقومون بالتمثيل أن بهم عاهة أو إعاقة معينة، أو يطلبون شراء دواء معين، وهو ما يسائل نظام الحماية الاجتماعية"، لافتا كذلك إلى أن من المتسولات من "تتظاهر بأنها أرملة، في حين هناك صندوق دعم الأرامل"، وغيرها من حالات التسول. وألقى النحيلي الضوء أيضا على "استغلال الأطفال والاتجار بالبشر"، داعيا إلى "متابعة وتوفير الحماية الاجتماعية لهؤلاء الأطفال"، موردا أن "عددا من المتسولين صاروا كقطاع الطرق، يطلبون الصدقة وحين الامتناع يكيلون للممتنع وابلا من الشتم والسب". ووصف الناشط الجمعوي ذاته الأمر بأنه "بمثابة تحرش بالمواطنين"، قائلا: "الفقر موجود، ومن هم في حاجة موجودون، وأشكال الصدقة متعددة لا تقتضي منح دريهمات في الطريق، بل يمكن منحها لأسر معينة وأشخاص يعانون ضيق العيش متعففين، أو لمؤسسات مثل دور العجزة". وشدد النحيلي على أن استمرار التسول بهذه الطريقة "ينمي البؤس والهشاشة وتبخيس قيمة العمل، إذ عوض القيام بعمل أو مهمة ما، مثل العمل بالمنازل أو ورشات الحدادة والنجارة وغيرها، وبذل جهد، يفضل هؤلاء جني المال بهذه الطريقة". وبحسب معطيات سبق أن كشفت عنها وزارة الداخلية، فقد أسفرت التدخلات الميدانية لمكافحة ظاهرة التسول خلال 2021 عن تسجيل ما مجموعه 28597 قضية، تم على إثرها توقيف 32669 شخصا، من بينهم 2975 أجنبيا. وفي الفترة ما بين فاتح يناير و15 غشت 2022، تم تسجيل ما مجموعه 2425 قضية، وتوقيف 28769 شخصا، من بينهم 2408 أجانب. ولمحاربة هذه الظاهرة، تقوم المصالح الأمنية، بحسب وزارة الداخلية، بتنسيق مع السلطات المحلية، بتسخير كل الوسائل المادية والبشرية، مستعينة في ذلك بأنظمة المراقبة بالكاميرات المثبتة بالشارع العام، من أجل الرصد المباشر والتدخل الفوري لتوقيف الأشخاص المتورطين أو منعهم من الاستمرار في هذا النشاط أو التواجد ببعض الأماكن المعروفة بانتشار هذه الظاهرة.